تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سلوك المعارضة السورية يخرّب المستقبل السياسي السوري

 

20/6/2013

منذ بداية الأزمة في سورية ونحن نراقب سلوك المعارضة السورية؛ والتي هي في الحقيقة معارضات عديدة، منها؛ داخلية وخارجية؛ سياسية ودينية وأصولية؛ مسلحة وعميلة؛ مرتبطة بالخارج العربي والدولي ومنتفعة قابضة من العربي والدولي...الخ. وبعد مضي أكثر من سنتين على الأزمة، خابت آمالنا من هذه المعارضات وفقدنا الثقة بدورها وبمعظمها .

في أي بلد متحضّر في العالم تمثل المعارضة الوجه الأخر للنظام السياسي القائم. في بريطانيا مثلا، توجد حكومة تدير شؤون البلاد، وتوجد حكومة ظل تقودها المعارضة، تراقب الأداء وتكشف الأخطاء وتصوّب المسار وكلّ ذلك لمصلحة الوطن ككل. هدف المعارضة هو المشاركة في بناء البلد وتطويرها يداً بيد مع الحكومة القائمة. وعندما تحدث انتخابات ديمقراطية يعلن كل طرف برنامجه وينتقد ويفنّد برنامج الآخر والشعب يقرر ويختار.

<<المعارضة مصطلح جديد نسبياً في المفردات السورية

وسوء استخدامه يضر بمفهومه أولاً>>

ومنذ بداية الأزمة في سورية، لم تطرح المعارضة السورية أي برنامج سياسي أو أي حل يمكن الاعتماد عليه أو تبنيه. كل ما طرحته إسقاط النظام ورحيل الرئيس السوري، دون تقديم أي بديل عن الفراغ المجهول المخيف الذي تطلبه وتسعى إليه. وهذا يمثل قمة الانتحار في بلد بمثل موقع وأهمية سورية. أكثر من ذلك لم تقدّم المعارضة السورية أي وجه سياسي أو قيادي، أو أي رجل يمكن أخذه من لسانه والاعتماد على كلمته؛ يمتلك الكاريزما القيادية والفكر الإستراتيجي؛ كيف يمكن الوثوق بأشخاص مثل ميشال كيلو أو معاذ الخطيب يبدّلون مواقفهم كل صباح وكل مساء وحسب المكان والزمان والمناسبة التي يتحدثون بها، وحسب المبالغ التي وضعت في أيديهم. بل إن معظم  قيادات المعارضة البارزين يجعلون المرء يفقد الثقة بكل المعارضة ويشكك بقدراتهم وكفاءاتهم ونزاهتهم وولائهم للوطن. وهؤلاء يُشعرون المواطن بالخوف على مستقبل هذه البلاد بسبب ضحالة أفكارهم وتناهي طموحاتهم وأهدافهم لدرجة المنافع الشخصية وحتى السخف والعدم. ولعل الذين عملوا في الدولة لمدة تزيد عن أكثر من عشرين عاماً ثم تحولوا إلى صفوف المعارضة يمثلون قمة الانتهازية والنفاق أمثال عبد الحليم خدام ومناف طلاس ورياض حجاب وبسام جعارة وغيرهم... وانضمام هؤلاء لصفوف المعارضة وقبول الأخيرة بهم، يكشف عن حقيقة الجميع!!

معظم قيادات المعارضة يفتقد إلى الموقف الواضح والرؤية الواضحة لمستقبل الأمة، ولا يعرف غير "الكرسي" يبحث عنه. وهذا السلوك وهذه الممارسات السيئة بدءاً من التخبط والضياع ووصولاً إلى استخدام السلاح والقتل لتحقيق أهداف وغايات سياسية وشخصية، ناهيك عن التشرذم والتفكك والخلافات والكذب والاحتيال والنفاق، يولّد عند الموطن السوري الخوف وعدم الثقة بهؤلاء والخشية من وصولهم إلى السلطة والقلق على مستقبله ومستقبل أولاده ومصيرهم، ومصير البلد بأكمله.

أبعد من كل ذلك، فإن المعارضات من خلال سلوكها وأدائها وممارساتها، أساءت للصورة التي يجب أن تكون عليها المعارضة الوطنية، وتركت انطباعاً سلبياً في ذهن السوريين عن كلمة المعارضة الجديدة الاستخدام ومضمونها ودلالاتها، بحيث أصبحت كلمة المعارضة تشير إلى شيء مكروه ومقيت في ذهن الناس وذاكرتهم، وارتبطت في كثير من الأحيان بالقتل والعنف والإرهاب والانتهازية وحتى الخيانة، وهذا ليس جيداً لمستقبل الحياة السياسية في بلد مثل سورية يعيد بناء نفسه من الصفر أو ما دون.

سورية المستقبل تحتاج إلى جهود جميع أبناءها الوطنيين المخلصين وخبراتهم، والمعارضة السورية بمعظمها ولاسيما الخارجية منها، لم تكن على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية لتقدم نكوذجاً يحتذى. وهذا ما يجعل من المبكّر والخطر الاعتماد عليها لبناء نظام ديمقراطي صحيح في المستقبل القريب.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.