تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

متى تنتهي الأزمة في سورية؟

محطة أخبار سورية

سؤال ليس بوسع أحد أن يعطي اجابة قاطعة عنه أياً كان موقعه حتى لو اعتقد انه صاحب اليد الطولى في ما يجري  او العصب المحرك للأزمة وتفسير ذلك الطبيعة المركبة للأزمة في سورية ودرجة تداخل المصالح بين التكامل والتناقض بين اطرافها ناهيك عن تحركها ضمن ابعاد ثلاثة «داخلي واقليمي ودولي»

 

لكل منهاحساباته وأوراقه وأهدافه وأدواته ومن وجهة نظرنا فإن احد اهم اسباب اطالة عمر الأزمة هو الوهم الذي زرعته الدوائر الغربية لدى أدواتها بأنها ستحسم لمصلحتها وان المسألة مسألة وقت ولا سيما الاطراف الخارجية التي لا يعنيها كثيرا  الثمن الذي يدفعه السوريون من دمائهم ويهدر من طاقاتهم الاقتصادية والعسكرية والمجتمعية لا بل ان بعض تلك الاطراف يسعى  للمزيد من ذلك  النزيف لتلك الامكانات لان استراتيجيته تقوم أساساً على اسقاط الدولة السورية عبر إنهاكها واستنزافها بحيث تصبح خارج دائرة الفعل الاستراتيجي أياً كان شكل النظام السياسي الذي يحكمها ما دام هدف اسقاط النظام بالقوة العسكرية الخارجية او عبر استهدافه من خلال المجموعات والتنظيمات المسلحة على مختلف مشاربها وارتباطاتها واهدافها غير ممكن. الأمر الآخر الذي  يساهم في اطالة امد  الازمة هو درجة التناقض  في الاهداف بين الاطراف الداخلة على خطوطها أو المنخرطة فيها بشكل مباشر او غير مباشر فبعض القوى التي تحركت في بداية الحراك الشعبي استجابت للخطوات الاصلاحية المهمة التي قامت بها السلطة الوطنية، وانخرطت في العملية السياسية ما ساهم في خفض منسوب ذلك الحراك واقتصاره على بعض المناطق ما جعل بعض القوى في الداخل وكذلك حاضنها الخارجي يرفع من منسوب العنف ويسعى حثيثاً لعسكرة الأزمة، ما أدى الى مزيد من الضحايا في صفوف المدنيين وغيرهم نتيجة تغلغل المجموعات المسلحة في بعض الاحياء في المدن واندلاع  مواجهات بين تلك المجموعات وقوات الجيش وحفظ النظام وهو ما تم استثماره إعلامياً وسياسياً بشكل غير مسبوق.‏

 

وهنا لابد من الاشارة الى الدور السلبي لبعض وسائل الاعلام في تأجيج الازمة والتأثير المباشر في اوساط الرأي العام الاقليمي والدولي  وبعض الاوساط السياسية الدولية   وتعبئتها  تجاه السلطة الوطنية السورية والعمل على شيطنتها والسعي على تحميلها المسؤولية المباشرة عن دوامة  العنف  ما سهل عملية الدفع بالأزمة باتجاه التدويل.‏

 

يضاف الى ما تمت الاشارة إليه من أسباب اطالة امد الازمة حالة التوازن في القوى الدولية والاقليمية الفاعلة فيها والاتجاه العام في العلاقات الدولية الذي بدأ يميل باتجاه عدم اللجوء للقوة في حل المشكلات منعاً للصدام بين تلك القوى ما يعني العودة  لأجواء الحرب الباردة، ولما  لذلك من اثار كارثية  على الاقتصاد العالمي ولاسيما ان بعض الدول الاوروبية تئن تحت وطأة ازمات اقتصادية ومالية قد تطيح بمنطقة اليورو، وهنا استمر رهان تلك القوى على الحسم الداخلي عبر دعمها لأطراف الازمة بالمال والسلاح وتأمين غطاء سياسي لها في المنصات  الدولية.‏

 

ويبقى السبب الاهم في اطالة امد الازمة سورية هو عدم وجود مرجعية واحدة او رؤية موحدة او حتى خيط فكري واحد واضح  يجمع تلك المعارضات   فهي خليط غير منسجم من الاشخاص والتيارات والقوى ذات الارتباطات المتعددة، ما يجعل اكثريتها لا تمتلك القدرة والارادة على اتخاذ اي قرار يتعلق بحوار مع السلطة وصولاً لخريطة طريق للخروج من الأزمة، ولعل أقوى دليل على ذلك ان بعض اطراف المعارضة سواء في الداخل أم في الخارج قد عبرت عن مواقف واضحة لها في مسألتين مهمتين هما ضرورة وقف العنف من كل الاطراف ورفض اي تدخل خارجي وتحديد المستقبل السياسي لسورية من خلال طاولة حوار تكون صناديق الاقتراع هي الفيصل فيها وهو باعتقادنا ما يجمع عليه السوريون قوى مجتمعية وتنظيمات واحزاب وهو ما جعل بعض اطراف المعارضة الخارجية والمجموعات المسلحة تتهمها بالخيانة لما يسمى ادعاء مبادئ الثورة. ‏

 

ان وقف امداد بعض اطراف المعارضة بالمال والسلاح  الذي يشجعها على استمرار العنف وبالتالي العنف المضاد اضافة الى تشكل حالة من الخوف المشترك من تداعيات الازمة في سورية على الامن الوطني لدول المحيط والإقليم عموماً يشكلان عاملين أساسيين لبداية نهاية الأزمة  ويوفران بيئة موضوعية لحوار جاد بين أطرافها. ‏

 

والحال وبتحليل الناتج السياسي لما تقدم يمكننا القول انه يمكن للأزمة في سورية التي أصبحت أزمة  دولية أن ترسم خطوط نهايتها  من خلال المعطيات التي ألمحنا إليها آنفاً وهي  تشكل القناعة عند السوريين أولا والأطراف الاقليمية والدولية تالياً،  ان لا انتصار لطرف على طرف على حساب الدولة الوطنية السورية مهما كان الثمن غالياً وان ثمة توازناً في الأرباح والخسائر يجب على الجميع الاعتراف به، وأن الرهان على الخارج أو تدمير الخصم عبر انهاكه هو رحلة ذهنية.‏

 

والمهم هنا ألا نخسر  نحن السوريين على مختلف مشاربنا السياسية سورية الوطن الأرض والشعب والهوية السياسية وأن نغلب المصالح العليا للبلاد على أي مصلحة أخرى, إضافة الى أن نضع جميعاً السؤال التالي أمامنا: كيف نبني سورية المتجددة بدل لماذا ومن؟‏

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.