تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

القمة العربية على المحك!!

خاص/ محطة أخبار سورية

استفزت قرارات الجامعة العربية المنحازة وغير المنصفة والتي تفتح الباب واسعاً للتدخل الدولي في الشؤون السورية وتمهّد له، والتي صدرت عقب جلسة هزلية مرتبة مسبقاً يوم السبت 12/11/2011، الشعب السوري بكامله، فخرج منذ لحظة إعلانها بكلّ فئاته وأطيافه ليعبّر عن رفضه لها، ولم تهدأ المسيرات والمظاهرات الداعمة للرئيس السوري والبرنامج الإصلاحي الذي يقوده والرافضة للتدخل الخارجي في الشؤون السورية في كل المحافظات والبلدات والقرى السورية، لأن السوريين الذين يعملون في السياسة ويتابعونها، لم ينسوا بعد تجربة العراق المرّة وتقسيم السودان وغزو ليبيا وصمت الجامعة العربية المخزي في كلّ هذه الحالات ومئات آلاف القتلى الذين سقطوا.

ومع أن الجامعة العربية ولجنتها "القطَرية" القيادة المكلفة متابعة حلّ الأزمة السورية، موضع شكّ وانتقاد كبيرين وعليهما ملاحظات عديدة في الشكل والمضمون وفي طريقة التعاطي وأهدافه وغاياته، فإن سورية أعلنت التعاون الجدّي مع الجامعة العربية واللجنة المنبثقة عنها لقطع الطريق على أي مصطاد في الماء العكر. بل أبعد من ذلك، فإن سورية ورغم تعليق عضويتها في اجتماعات الجامعة، لم تزل ترى أن الجامعة العربية صالحة للعمل ضمن إطارها. وعليه دعت سورية إلى عقد قمة عربية طارئة تخصص لمناقشة الأزمة السورية التي لو عدنا إلى أسبابها، لوجدنا أن لبعض العرب يداً طويلةً في تسعيرها. ومع ذلك، فإن قراءة الموقف السوري الداعي إلى قمة عربية طارئة، تشير إلى عدد من النقاط المهمة التي يمكن تلمسها:

أولاً، رغم أن سورية تشعر بالمرارة والحزن والخيبة من الموقف العربي الذي تقوده "الزعرة" قطر والأمانة العامة للجامعة العربية المتراجعة تحت الجناح القطري، إلا أنها لاتزال تفضّل العمل العربي المشترك وعبر المؤسسات العربية، حفاظاً على ما تبقى من التعاون العربي والتنسيق العربي والتضامن العربي، ولو على حسابها وحساب مواطنيها. وهذا يكلّف القيادة السورية تضحية ومخاطرة كبيرة ويضعها في مواجهة أو تحدٍّ مع الشعب السوري الذي استفزّته القرارات والمواقف العربية واعتبرها خيانة له وضد مصالحه.

ثانياً، إن دعوة القيادة السورية لقمة عربية طارئة وفي هذه الظروف العصيبة والأحداث المتلاحقة، تعكس ثقة هذه القيادة بنفسها وبموقفها وبشعبها الذي خرج بالأمس بالملايين ليؤكد وقوفه خلفها ورفضه للمخططات التي حملها بعض العرب نيابة عن الغرب وأمريكا. وإذا كانت القيادة السورية تعوّل على القمة العربية في شيء، فهو أن تنصفها وأن تضع حداً "للطارئين" على العمل العربي والباحثين عن دور وعن حضور أياً يكن وعلى حساب الجميع، وليس في غاياتهم أو باستطاعتهم أبعد من هذا. والسبب أن تاريخ القمم العربية لم يكن ليشير إلى أكثر من ذلك. ولعل ما تريده سورية هو ألا تتحول الجامعة العربية وقراراتها المنحازة سيفاً مسلطاً على رقبة سورية وشعبها ووسيلة للتدخل الغربي ومطيّة له لاسيما بعد أن فشلت كلّ المحاولات الغربية لتمزيق الداخل السوري وبعد أن فشلت محاولات ضرب المجتمع السوري الذي فهم المخططات وقرأها جيداً فحاصرها.

ثالثاً، إنَّ سورية إذ تدعو إلى قمة عربية طارئة فهي تكون قد وضعت العرب أمام مسؤولياتهم التاريخية تجاه سورية وتجاه الأمن القومي العربي، في لحظة تاريخية مصيرية فاصلة وحاسمة، لأن سورية بموقعها ومكانتها ودورها ليست مثل أي دولة عربية أخرى. وبكلام آخر، فقد وضعت سورية الكرة في ملعب القادة العرب، ولم يعد مسموحاً أن يختزل الدور العربي بتنفيذ التوجيهات القادمة من مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية جيفري فيلتمان أو وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه. وعليه يمكن اعتبار الردّ العربي على الدعوة السورية حداً فاصلاً في العمل العربي في المستقبل. وطريقة استجابة العرب ربما تحدد وترسم ملامح العلاقات العربيةـ العربية في المستقبل؛ فليس أمراً بسيطاً أن تقرر لجنة عربية تعليق عضوية دولة مؤسسة للجامعة العربية في سابقة خطيرة وجديدة ومخالفة لميثاق الجامعة العربية..

إن سورية كانت سبّاقة دائما للعمل العربي والتعاون العربي وللخطوات الوحدوية العربية، وهي دعمت دائماً حقوق العرب ومصالحهم وتحمّلت الكثير من أجلهم واستقبلت لاجئيهم ومرضاهم ومواطنيهم وقياداتهم ـ دون تأشيرات دخول ـ لأنها تعتبر نفسها قلب العروبة النابض! ترى، هل يدري العربُ الخطرَ الذي يتهدد قلب عروبتهم والعبء الذي يلقون به عليه!؟

سورية ليست ضعيفة، وليست محشورة كما يريد البعض أن يعتقد، ولن تقبل الإملاءات التي لا توافق مصالحها، كما لم تقبلها من قبل. ولكنّ للسوريين فلسفتهم وطريقة تفكيرهم وأسلوب ردّهم وهم أصحاب ثمانية آلاف عام من الحضارة والتقدم.. والأيام ستكشف أنهم الأقدر والأذكى والأطول بالاً والأكثر صبراً.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.