تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل أفلس السفير فورد.. فغادر!!

خاص/ محطة أخبار سورية

نقلت معلومات أمس عن مصدر مسؤول في السفارة الأميركية في دمشق إعلانه أن السفير روبرت فورد عاد الى واشنطن في إجازة مفتوحة، لأن عامل الأمان الشخصي لم يعد متوفراً له، في الظروف الحالية. وقبل البحث في أسباب مغادرة فورد نلفت إلى أن حضرته لم يكد يكمل العام حتى الآن كسفير لبلاده في سورية. وقبله كانت السفارة الأمريكية في دمشق قد شغرت من السفير لمدة خمس سنوات تقريباً أي منذ عام 2005 إثر سحب السفير السابق وبقاء السفارة دون سفير، فيما لم تسحب سورية سفيرها من واشنطن.

وبالعودة إلى تاريخ السفير فورد في سورية، فإن دوره كدبلوماسي، هو أن يعمل (وفق الأعراف الدبلوماسية ومعاهدة جنيف) على تعميق العلاقات بين البلدين المرسل والمضيف، ولكن ذلك لم يحدث أبداً وربما لم يكن في برنامجه. وبدلاً من ذلك، تخطى فورد المعاهدات الدولية ومشى عليها، وحاول التدخل في الشؤون الداخلية السورية وزيارة المدن التي تشهد بعض الاضطرابات مثل مدينة حماة ودرعا أو بعض الأحياء في دمشق مثل حي الميدان، لتأجيج الرأي العام ضد النظام والقيادة السورية وتحريض المواطنين على الفوضى والتخريب والتمرد وتجاوز النظام العام. وعندما شعر أن ذلك لم يفلح بتحقيق ما يريد، لجأ إلى التصريحات التحريضية وإلى التدخل العلني في أدق تفاصيل الحياة السورية في خرق فاضح للقوانين والأعراف الدبلوماسية، ولسيادة الدولة السورية التي أمهلته كثيراً.

وفي كل الأحوال كان الشارع السوري يراقب تحركات الدبلوماسي الأمريكي التي تتسم بالعنجهية والفوقية وحب فرض أمر واقع وأعراف وتقاليد جديدة على السوريين. ولم يستسغ المواطنون السوريون تصرفات فورد وسلوكه المستهجن والغريب عليهم وهم الذين لم يعتادوا على تجاوزات الدبلوماسيين الأجانب لسيادة بلدهم. ولذلك فقد تعرّض السفير فورد للرشق بالبيض والبندورة في أكثر من مناسبة وطرد من أكثر من مكان في دمشق، بما فيها الأماكن الدينية أو حتى المطاعم. وتمت مجابهته شعبياً بالاستهزاء وقلة الترحيب به وبدوره الجاسوسي والتحريضي الممجوج وغير المقبول.

ولكن الجواب الحقيقي عن السبب الفعلي والحقيقي الذي جعل السفير فورد يغادر سورية في إجازة مفتوحة، يبقى خلف الأبواب المقفلة في البيت الأبيض وربما توضحه التصرفات اللاحقة للإدارة الأمريكية؟ ومع ذلك لنا أن نطرح عدداً من الاحتمالات التي قد تضيء على مغادرة السفير فورد المفاجأة، وكان قد صادق الكونغرس الأمريكي على تعيينه بعد بداية هذا الشهر فقط؟؟

أولاً، ربما أحس فورد بالعجز ـ بعد عدة محاولات فاشلةـ  عن اختراق الداخل والمجتمع السوري الذي استفاق من كبوته وأدرك وفهم المخططات التي تجري حوله وترسم للنيل من بلاده! فبعد عدة زيارات ميدانية إلى المدن والأحياء السورية شعر السفير فورد بأن ما يقوم به لا جدوى منه، وهو مرفوض ومستنكر من قبل السوريين، وبالتالي فإن غيابه قد يشكّل ضغطاً على الحكومة السورية أكثر من حضوره. وبكلام أوضح؛ جاء فورد بمهمة محددة لقيادة الانقلاب في سورية وتنفيذ المخطط التخريبي الذي بدأ في آذار الماضي، لكن بعد أن أدرك استحالة نجاح هذا المخطط وبعد أن سيطرت الدولة السورية على الأوضاع واستعادت هيبتها وبدأت مرحلة الإصلاحات الجديّة والجديدة، وبعد ثبات الأصدقاء الدوليين إلى جانبها، رأت الإدارة الأمريكية تجميد مهمة السفير في سورية، لتخترع ضجة كبيرة تغطي خروجه قبل أن يخرج بفضيحة أخرى تكشف دوره وغاياته!

ثانياً، وبناء على ما تقدّم، فقد تكون مغادرة فورد بداية مرحلة جديدة من التصعيد الأمريكي ضد سورية، حيث سيتم استخدام كافة الطرق والوسائل والأدوات الأمريكية والإقليمية والعربية والداخلية. وفي هذا السياق قد نشهد تطورات أمنية داخلية في سورية بأيدٍ أمريكية تشرح التبريرات التي أعنتها السفارة الأمريكية لمغادرة سفيرها. فقد غادر سفراء آخرون لكن ليس لأسباب أمنية بل لأسباب سياسية معروف أن غايتها الضغط على سورية. ولماذا السفير الأمريكي دون غيره يغادر لأسباب أمنية؟؟ لماذا لا يخاف السفراء الآخرون على أنفسهم وعلى أمنهم الشخصي ولا يشعرون أنهم مستهدفون؟ ربما الجواب في سلوك السفير فورد الذي أشرنا إليه أعلاه.

وفي هذا السياق، ربما تكون مهمة فورد بعد مغادرة سورية والعودة إلى واشنطن هي قيادة المعارضة السورية التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، وتدريبها على تنظيم صفوفها بعد أن اكتشف الشارع السوري هزالها وشرذمتها وسعيها للوصول إلى السلطة بأي طريقة، وتبعيتها للغرب ولاسيما الولايات المتحدة التي تخطط لها وتديرها وتموّلها.

ولعل مغادرة فورد مرتبطة بوصول اللجنة العربية واستباق قدومها بإرسال رسالة ضغط أمريكية بأن على اللجنة العربية تشديد ضغوطها ومواقفها ضد القيادة السورية استناداً إلى التصعيد الأمريكي الجديد. ولكن الرد السوري القوي والحازم باستدعاء السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى للتشاور، ربما أربك الموقف الأمريكي وأفشل الخطوة الأمريكية، وأوضح أن كل خطوة تصعيدية يمكن أن تقابل بخطوة معاكسة ومماثلة، وأن القيادة السورية ليست ضعيفة أبداً، وربما هي مستعدة للسير أبعد من ذلك.

ثالثاً، قد يكون لمغادرة فورد علاقة بالوضع في العراق وانسحاب القوات الأمريكية من هناك مع حلول نهاية العام الحالي، وبالتالي هي قنبلة دخانية ومحاولة أخرى للضغط على سورية وتركيز الانتباه على الاشتباك مع دمشق، وتشتيت التركيز عما يجري في بلاد الرافدين!! وهنا يمكن أن نتوقع بالتالي مزيداً من الضغوط الأمريكية السياسية والدبلوماسية والإعلامية على سورية، وهذا السلوك ليس جديداً على الإدارة الأمريكية وهذه ليست أول مرّة تمارس واشنطن الضغوط على سورية لتحقيق غايات أخرى لا علاقة لسورية بها. وفي هذا الصدد، يمكن إدراج مسرحية اغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة واتهام إيران باغتياله.

جاء فورد.. رحل فورد.. لا يهم. منذ متى كان وجود السفير الأمريكي في سورية خير لهذا البلد؟ "شو بدّي أتذكر منك يا سفرجله كل عضة بغصّة".

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.