تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الانسحاب الأميركي من العراق ورحيل سلطان يفتحان أبواب السعودية على الاحتمالات الصعبة:

على الرغم من مرور ثلاثة أيام على إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الانسحاب الكامل من العراق في غضون الأشهر المقبلة، فان ترددات الإعلان وأصداء الموقف الأميركي ما زال يتردد بقوة في المنطقة العربية، كما ان زعماء العالمين العربي والإسلامي بدأوا بإعادة حساباتهم. خصوصا ان أكثر من جديد طرأ على الساحة استهلته السعودية بالإعلان عن وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان يمسك بالملف السوري، كما ملف العلاقات السعودية الأميركية، واستكمله المجلس الانتقالي الليبي بالإعلان عن تحرير ليبيا الكامل من نظام معمر القذافي، كما تأكيده ان الدستور الليبي الجديد سيكون مستوحى من الشريعة الإسلامية ما يفتح الباب واسعا أمام التيارات الأصولية والسلفية التي تشكل جزءا لا باس به من أطراف الثورة، ناهيك عن تسارع الأحداث على الخط التركي الكردي.

وثمة قائل بان وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز في هذا الوقت بالذات أربكت الساحة السعودية بشكل عام، فالمعروف عنه انه عراب العلاقات الأميركية السعودية وواحد من اشد المتحمسين لها، حتى ان العارفين بخفايا التركيبة السعودية المعقدة يؤكدون انه هو من يقف وراء الدخول الأميركي ليس فقط الى المملكة، بل الى الخليج العربي برمته، كما انه احد ممولي الإدارة الأميركية وصناعة الأسلحة الأميركية بدليل حجم صفقات التسلح الضخمة التي ابرمها مع وزارة الدفاع الأميركية خلال السنوات الخمس الأخيرة، فضلا عن واقع يدركه القاصي والداني وهو ان العلاقات السعودية العربية تمر من خلال ديوانه، وبالتالي فان الفراغ الذي سيخلفه الأمير سلطان على صعيد التنسيق بما يخص ملفات المنطقة من شأنه ان يرخي بظلاله على الخليج وعلاقاته مع المجموعة العربية بما فيها سوريا.

الإرباك الذي ساد الخليج توسع في الساعات القليلة الماضية، لاسيما ان الانسحاب الأميركي الكامل من العراق. معطوفا على الفراغ داخل المملكة السعودية، زائد الصمود السوري في وجه الهجمة الغربية يعني بشكل حاسم تحقيق ما كانت تصبو إليه إيران منذ عقود، أي انتشار كامل وفتح الحدود السياسية انطلاقا من إيران مرورا بالعراق (بعد إزالة الحاجز الأميركي) فسوريا وأخيرا لبنان، ما يعني التفافا كاملا على الخليج العربي الغني بالنفط وهذا ما يخشاه قادة المنطقة المعروفة بعرب الاعتدال، فضلا عن التأسيس لمعادلة جديدة وقواعد اشتباك مغايرة لما كان معمول به منذ الاجتياح الأميركي للعراق.

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ان دخول الأكراد على خط المواجهة مع تركيا من شأنه أيضا ان يقلب موازين القوى، فتركيا ستجد نفسها عاجلا أم آجلا مشغولة بترتيب بيتها الداخلي والانصراف عن محاصرة الملفات الساخنة لعدة اعتبارات، أولها إعادة النظر في الخاصرة الرخوة التي طالما أزعجت انقره، أي العلاقات التركية الكردية، خصوصا ان الورقة الكردية تكمن في أيدي خصوم تركيا التقليديين والجدد أي إيران وسوريا، بما يعني ان هذا الثنائي المشاكس بحسب ما يعتبره الغرب بات قادرا على مواكبة الأحداث ومقارعة الملفات والجلوس الى أي طاولة حوار مفترضة من موقع القادر على إدارة المعركة والاستمرار بالكباش السياسي القائم راهنا الى ما شاء الله.

وفي موازاة كل ذلك يعرب المقربون من القيادة السعودية عن خشيتهم من استمرار الرياض بالتورط في الملف السوري، فالانسحاب الأميركي من العراق يعني بالنسبة للمملكة خسارة الورقة العراقية الى غير رجعة، وعملية البناء السياسي في بغداد لن تكون وفق تطلعات المجموعة الخليجية، بل استنادا الى موازين القوى الراهنة التي تميل باتجاه طهران ودمشق، وبالتالي فان المزيد من التورط يعني إمعانا في اللعب على حافة الهاوية، مع الإشارة الى ان قادة سوريا هم من المتمرسين في هذا المضمار، في مقابل خاصرة سعودية رخوة وهي الخاصرة الشيعية المتاخمة لإيران.

                                                                                                انطوان الحايك

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.