تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بعدما رحل عميد الرؤساء العرب!!

خاص/ محطة أخبار سورية

عرضت المحطات الفضائية قبل أيام صورة للرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي مقتولاً ومرمياً على الأرض.. كالبعير. لا نعلم بالضبط متى قتل ولا أين ولا كيف ولا من أعطى الأمر بقتله، ولكن قدوم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المفاجئ للعاصمة الليبية طرابلس الغرب وحديثها عن ضرورة قتل القذافي أو القبض عليه يحمل الكثير من التفسيرات والتأويلات.. وربما يكون القذافي قد قتل قبل فترة من وصولها ولكن لم يتم الإعلان عن ذلك إلا بعد وصول السيدة الأمريكية ومغادرتها هذا البلد العربي الذي يتخبط بدمائه.

بالطبع يحمل مقتل العقيد القذافي الكثير من الشبه من مقتل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهذا المشهد لم يغب عن أذهان المواطنين العرب، ولكن لكلّ له أسبابه وتفسيراته ورؤيته. صحيح أن القذافي لم يحظ بالإثارة الدرامية كما حصل يوم هزيمة وهروب ومقتل صدام حسين، لكن التشابه أن كلا الزعيمين العربيين قتلا في ظل الاحتلال الغربي والأطلسي لبلديهما ونفطهما. ولولا ذلك لربما بقي الاثنان عقوداً أخرى في الحكم ونظّرا في الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان!!

وإذا كان القادة العرب سيتذكرون عميدهم وملك الملوك المهرّج في الاجتماعات القادمة للجامعة العربية ـ إن عُقِدتْ أصلاً ـ وسيشعرون بفراغ بعد مفاجآته التي لم تنته إلا برحيله، فإن الأمر الأكثر أهمية هو الطريقة التي رحل بها القذافي، وقتله بهذه السرعة وكأن قاتله يريد أن يخفي أمراً مهولاً، ولا يريد فتح تاريخ القذافي أو محاكمة حقبته. أياً تكن جريمة القذافي كان الأجدى والمنطق أن يحاكم وأن يعطى فرصة للدفاع عن نفسه أو لكشف ما قد يكون لديه من مفاجآت وأسرار لم نعرفها؛ فإما يقنعنا بأنه مجنون حقاً أو أنه غبي جداً، أو الاثنين معاً أو يكشف سرّ ولغز حياته الغريبة. ولكن ربما تم قتله لتدفن معه كلّ الأسرار والصفقات والخيبات والفشل من قضية لوكربي إلى نزع الصواريخ والأسلحة الثقيلة إلى البرامج النووية إلى الإعجاب بـ"كوندوليزا رايس".

لم يعد السؤال المهم الآن ماذا حلّ بخيمة القذافي التي اعتاد حملها أينما حلّ، ولا بكتابه الأخضر، ولا بممرضاته الشقراوات ولا بحارساته ومجنداته، ولا بنوقه التي لا نعرف إن كان قد جفّ حليبها على وقع صوت القنابل والقاذفات والمدفعية أو حداداً عليه.

المهم الآن أن سابقة صدام حسين تكررت مع القذافي وبمساعدة عربية أيضاً وخليجية بالتحديد. هل هذا من قبيل المصادفة!؟ أبداً. مع أنّ اللافت أن القذافي حذّر ذات مرّة القادة العرب في أحد اجتماعات القمم العربية من أنهم سيلاقون مصير صدام حسين واحداً بعد الآخر، وعليهم ألا يفرحوا كثيراً بموت صدام. أليس الذي يجري في البلاد العربية من المحيط إلى الخليج هو الفوضى الأمريكية الخلاقة بعينها التي تحدثت عنها وزير الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس ورئيسها جورج بوش الابن؟؟. هل بقي للعرب وزن أو موقف أو كلمة يُعتد بها!! هل الذي يجري في عالمنا العربي حقاً ثورات عربية حقيقية تهدف لتحقيق الطموحات العربية؛ السودان تم تقسيمه إلى دولتين واحدة مع العرب وأخرى ضدهم ومع إسرائيل وحبل التقسيم على الجرار؛ اليمن يسير نحو الهاوية مثل عربة سريعة وقد تعطلت فراملها؛ مصر تحت الضغط والحرب والتجويع وممنوع عليها التقدم خطوة نحو الأفضل، ومطلوب تقسيمها لمنعها من الحضور وتأدية الدور الوطني والعربي والإقليمي والدفاع عن أيٍّ من أشقائها العرب؛ ليبيا عادت لترفع علم ما قبل القذافي وهي إشارة حقيقية للعهد الذي عادت إليه ربما؛ أي إنها عادت نصف قرن للوراء؛ تونس تبحث عن مكان وصورة وطريق للخروج من الأزمة التي تمر بها ولا تجد حتى الآن طريقاً أو مخرجاً واضحاً؛ لبنان ما زال، وسيبقى ربما، موزعاً بين الأطراف التي تتبعها أحزابه وتياراته وأطرافه المتصارعة على امتلاك الخراب وإدارته؛ العراق لم يزل تحت الاحتلال منذ الغزو الغربي الأمريكي والأطلسي عام 2003. أما سورية، فلا زالت تقارع المخططات الغربية وتحاول أن تتعلم الدرس جيداً وأن تستفيد من أخطاء الآخرين، ولكن الضغوط والمخططات التي تستهدفها لا تتوقف ولن تتوقف، وهي بالكثير من الوعي والحكمة ـ وبمشاركة كلّ أبنائها المخلصين ـ تعمل على تطوير نفسها سياسياً واقتصادياً وثقافياً وفكرياً ومجتمعياً وتقانياً وعسكرياً... الخ، لمواجهة المستجدات الإقليمية والدولية ولتخطي كلّ الصعاب التي تحيق بها وتُفرض عليها وتوضع في طريق نهضتها، وهي قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، ويمكنها فعل المزيد وهي مقبلة عليه بالتأكيد، ولكن الأمر فيه كثير من الصعوبة ويحتاج المزيد من الجهد والعمل المخلص.

لا أحد يستطيع أو يريد أن يدافع عن أخطاء القذافي أو صدام حسين ولا أن يمجّد تجربة أمير قطر الديمقراطية أو عدالة ملك البحرين أو أن يقتفي الخبرة السعودية في الديمقراطية وحقوق الإنسان ومنهج الفتاوى... ولكن المشهد الذي عُرضت فيه نهاية صدام أو القذافي وطريقة قتلهما وتحت ظل الاحتلال "الغربي" والأساطيل الأطلسية يحمل الكثير من التحذيرات والمعاني والخطورة والدلالة للعرب جميعاً، والعبرة في النهاية لمن اعتبر، ولم يعتقد ان علاقته بالغرب وتنفيذ أوامره سوف تنجيه!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.