تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أردوغان بين العلاقات العامة.. والسياسة الخارجية؟؟

خاص/ محطة أخبار سورية

يجول رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان على عدد من الدول العربية التي أحبّ البعض تسميتها دول "الربيع العربي". فقد قصد أردوغان تونس ومن ثم سيصل ليبيا، بعد أن أستهلّ جولته من العاصمة المصرية القاهرة التي ظهر واطلّ من على منبر جامعة الدول العربية في مقرها، على الدول العربية وكأنه حفيد السلطان العثماني أو السلجوقي الجديد.

رئيس الوزراء التركي يوزع ابتساماته وينشر وعوده ويطرح مشاريع "سلطانية" فضفاضة تمتد من الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية وافتتاح فعاليات منتديات اقتصادية ثنائية مع البلدان التي يزورها، وصولاً إلى إنشاء مجالس تعاون إستراتيجية كما جرى بين سورية وتركيا أو بين تركيا والأردن...الخ.

 

لا أحد بالطبع، يحزن لتحسين العلاقات العربية التركية والعربية الإيرانية وكلّ العلاقات الإقليمية في مواجهة المشروع الغربي في المنطقة وركيزته إسرائيل العدوانية المحتلة للأراضي والحقوق العربية.

ولكنّ من يتابع تصريحات القيادة التركية ولاسيما تصريحات السيد أردوغان ووزير خارجيته أحمد داؤود أوغلو منذ بعض الوقت وحتى الآن، ويقارن بين هذه التصريحات أو السياسات المعلنة وبين الواقع على الأرض، يستطيع أن يحدد فوراق مهمة تكشف أقلّه عن تناقض أو تعارض بين القول والفعل:

أولاً، أعطت الحكومة التركية رغم كلّ الحديث عن العلاقات الجيدة مع كلّ من سورية وإيران وحتى مع روسيا، الموافقة على نشر الدرع الصاروخية الغربية الأطلسية على الأراضي التركية رغم التهديد الصريح الذي تمثله هذه الصواريخ لكلّ من الدول الثلاثة. وفيما يشنّ السيد أردوغان حملة على إسرائيل، تبدو تحريضاً للمشاعر والنخوة العربية قبل جولته السلطانية، فإن الدرع الصاروخية تخدم أولاً الكيان الإسرائيلي الذي يدعي أردوغان مهاجمته. بل بدا ـ  وحتى للكثيرين من الأتراك أنفسهم ـ أن حملته على إسرائيل لم تكن سوى تغطية لتمرير نشر الدرع الصاروخي بأقل الخسائر. وبكلام آخر، بدا أن أردوغان ينفّذ السياسة الغربية الأطلسية والغربية تحت شعارات براقة وجميلة يدغدغ بها مشاعر الجماهير العربية التي يقصد دولها.

ثانياً، رفعت الحكومة التركية الأردوغانية شعار تصفير المشكلات مع دول الجوار، لكنّ ذلك لم يحدث أبداً، وما حدث على أرض الواقع هو العكس تماماً؛ فبعد الحديث عن تعاون إستراتيجي مع سورية، تسير الحكومة التركية بالعلاقات مع دمشق نحو القطيعة عبر محاولة التدخل والتأثير في الشؤون الداخلية لسورية؛ وليس الوضع أحسنُ حالاً في العلاقات مع العراق أو مع قبرص أو مع اليونان أو مع روسيا ناهيك عن العلاقات مع أرمينيا؛ إذ لم تعد مفهومةً للجميع أهداف السياسة الخارجية التي تنتهجها أنقرة. وحتى بالنسبة للمعارضة التركية لم تعد الساسة الخارجية التركية مقبولة ومفهومة، اللهم إلا إذا اعتبرت تنفيذاً لسياسات غربية في المنطقة.

 

ولعّل القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية عصام العريان وضع إصبعه على الجرح عندما حذّر السيد أردوغان من سعي تركيا للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط: «نحن نرحب بتركيا ونرحب بأردوغان كزعيم متميز من زعماء المنطقة ولكننا لا نرى أنه أو بلاده تستطيع لوحدها قيادة المنطقة أو رسم مستقبلها(السفير 15/9/2011)».

وبعد ما تقدّم نجد أن السؤال الحقيقي الآن هو من يستطيع بعد التحولات أو "التذبذبات" التركية أن يصدّق ويقتنع بالمواقف التركية، أو أن يثق بالقيادة التركية ووعودها و"إستراتيجية" العلاقات معها!! فمن يضمن ألا يبيع أردوغان صداقاته والدول التي يزورها الآن كما باع غيرها من قبل؟؟ ومن يضمن ألا يغيّر أردوغان مواقفه وينسى تواقيعه كما فعل من قبل، وكما فعل تحديداً مع ليبيا التي سيزورها في جولته الراهنة؟

بل وربما السؤال الأهم هو ماذا يعني أردوغان "بالعلاقات الإستراتيجية" عندما ينقلب ويغيّر مواقفه وينسف ما تمّ بناءه في أعوام خلال أيام أو أشهر؟؟

لا نريد أن ينجح أردوغان في حملة العلاقات العامة التي يقوم بها والتي تزهر فقط دون أن تثمر، ولكننا نريد أن ينجح أردوغان في الحفاظ على علاقات متوازنة أقامها مع سورية ودول المنطقة لتخدم هذه الدول وشعوبها، وألا يتقلب في مواقفه، وأن يطبّق فعلاً سياسة صفر مشاكل مع الجيران، لا نقيضها.. رغم أننا نعتقد أنه إن لم يخسر سورية بالكامل بعد، فقد خسر ثقتها على الأقل وسيحتاج وقتاً وجهداً كبيرين كي يستعيدها.

السيد أردوغان يتحدّث كثيراً عن "العلاقات الإستراتيجية" و"المجالس الإستراتيجية"، ولا ندري إن كان يحتاج لمن يذكّره أن من حوله أصبحوا مقتنعين أنه نادراً يعني ما يقول!! أما اللعب على الكره العربي لإسرائيل، فسوف يٌغلق مَجاله قريباً أمام بلاغة رئيس الوزراء التركي.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.