تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تونس:السياسة والرياضيون.. وجهان لعملة مزيفة

 
 
تطالعنا القوائم الانتخابية اليوم على لائحة الاسماء المرشحة الى المجلس التأسيسي، أغلبهم كانوا في العهد السابق من المتمرغين في بلاط  بن علي وزبانيته، والبعض الآخر استفاق على جعجعة وضوضاء المتكالبين على السلطة فحاول الركوب على الأحداث واللحاق بالركب لعله يغنم قسطا من "الكعكة".
مسرح الاحداث السياسية في تونس اليوم جمع "المضحكات والمبكيات" وكل الفئات والشرائح الاجتماعية، الديكتاتور والديمقراطي، صاحب المعالي والنكرة والزوالي، وحتى اولئك الذين لا يعرفون من السياسة غير كلمة "بوليتيك" التي قصد بها أجدادنا الكذب، لانهم يعتقدون ان السياسة ليست سوى تفنن في الكذب  والسياسيّ الناجح هو السياسيّ الذي يتلون كالحرباء وهو الذي يحمل على وجه أكثر من قناع. وهذه أمورر بديهية بالنسبة لجميع التونسيين، لأنها ارتبطت على مر السنين بقضية الثقافة السياسية على وجه الخصوص والتي لسنا ضليعين فيها، وهذا لا ينسحب على الشعب التونسي فقط بل على الشعب العربي بصفة عامة. والأكيد ان مفهوم الأفراد للسياسية في أغلب هذه البلدان مبني على مآس ومهازل- لا حصر لها.
في مجتمعاتنا العربية تعلمنا أن السياسة لا قيم لها ولا أخلاق، بل هي صراع بين متناقضات يجوز فيها كل شيء. وقناعتنا الراسخة بذلك جعلتنا نقصي عقولنا ونبرر ونبيح للسياسي كل شيء وننصبه إلهنا الثاني الذي بامكانه أن يفعل بنا ما يشاء ويقودنا الى حيث يشاء حتى وان كان حتفنا.
فهل بالكذب نستطيع ان نتجاوز الظرف الراهن ونبني دولة تونس الغد وننهض باقتصادها ونشغل ابناءها ونرقى بمجتمعها؟ وهل ما يبنى على كذب قادر على صناعة أجيال تصلح لتقود تونس الى بر الأمان وتنتشلها من الوضع الهش الذي هي عليه حاليا؟
كيف يتحول الكذب المرفوض أخلاقياً عند الشعوب ليصبح الزاد السياسيّ اليومي الذي نعيش منه وعليه ؟ هل كذب السياسيّ قادر على تعويض التطاحنات والتكالبات على المال والسلطة بالمحبة والتسامح ؟
وهل بالكذب نستطيع ان نحقق الديمقراطية ونؤسس لحقوق الانسان التي قوامها العدل والحرية والمساواة؟
نحن لا ننكر أن السياسة فن قيادة لكنه فن بعيد كل البعد عن الكذب والتلوّن. قد نسلك فيها كلّ الطرق الممكنة التي تجلب الخير والمنفعة وتحقق مصالح الشعوب.. و الصادق مع نفسه وشعبه يستطيع أن يبني اقتصادا أقوى ومجتمعا متماسكا و يستطيع أن يبوأ وطنه أعلى المراتب، ويكون له دور فاعل وحضور مؤثر في العلاقات الدولية ولكن هذا لا يمكن ان يبنى على باطل فما بني على باطل فهو باطل.
ان تعريجنا على علاقة الكذب بالسياسة لا نريد به اتهام بعض الاسماء المرشحة للمجلس التأسيسي المنتظر لان الترشح للتأسيسي حق شرعي ومباح لكل تونسي متى استوفى الشروط التي حددتها الهيئة التونسية المستقلة المكلفة بالإشراف على تنظيم الانتخابات المقبلة في تونس، والتي ارتكزت بالأساس على بلوغ سن 23 سنة، وعلى ألا يكون المرشح قد تولى مسؤوليات في الحزب الحاكم في عهد الرئيس التونسي المخلوع  زين العابدين بن علي  (التجمع الدستوري الديمقراطي) وعلى أن تكون أسماء المرشحين مدرجة في قوائم للمرشحين تحترم مبدأ التناصف والتناوب بين الرجال والنساء. مع استثناء الشخصيات التي تولت مسؤوليات حكومية في عهد الرئيس السابق أو داخل الحزب الحاكم سابقا وكذا الذين ناشدوا الرئيس المخلوع للترشح لولاية رئاسية جديدة في عام 2014.. كلها شروط معقولة لكن هل يحق للجاهل الذي لا يحمل في جرابه اية خلفية سياسية او معرفية ان يكون مسؤولا على مصير شعب بأكمله ويساهم بجهله في صياغة دستور جديد لتونس؟؟ اسئلة كثيرة تحيرنا في ظل لائحة الاسماء التي برزت على راس قوائم بعض الاحزاب وخاصة منها الرياضية والثقافية التي لم تكن فيما مضى جزءا من اللعبة السياسية، ومع ذلك تزايد فى الأونة الأخيرة ولعها بهذا المعترك، معتمدة على زاد شعبيتها.
ان تزايد دخول هؤلاء الرياضيين إلى الملعب السياسى يضعنا أمام تساؤل مهم:هل يسعى نجوم الرياضة حقا إلى خدمة مواطنيهم، أم أنهم يبحثون عن الحصانة السياسية، والعودة الى الأضواء من جديد، بعد أن بدأت نجوميتهم تخفت؟.
ام انها مراوغة رياضية للاحزاب التونسية مثل تلك التي كان يعتمدها النظام السابق للتغطية على عيوبه بهذا الافيون الذي ابعدنا في السابق عن المعترك السياسي واوراق جديدة تحاول بعض الاحزاب "المحنكة" لا سياسيا وانما نفاقا اللعب بها للوصول الى مبتغاها الذي هو كرسي السلطة
.
لطالما مثلت الرياضة الوسيلة المثلى للتغطية على عيوب السياسة وهو ما تأكد بسقوط النظام النوفمبري الذي أحكم اشغال التونسيين بكرة القدم وخدرهم بها وألهاهم عن قضاياهم الحقيقية، قضايا ثروات الأمة وحقوقها وسيادتها وأراضيها المحتلة وفقرها وبطالتها الخ… ولا يجوز الاستنتاج من هذه الكلمات أننا ضد الرياضة، أبداً على العكس تماما بل من اجل ان نعي جيدا اين مصلحة وطننا وشعبها ويكون اختيارنا لقادة تونس مبني على منطق الاستحقاق والاحقية الذي غايته خدمة تونس وشعبها وليس هدفه المآرب الشخصية واستنزاف ثروات البلاد وانتهاك حقوق الشعب.
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.