تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من دروس الأزمة السورية

خاص/ محطة أخبار سورية

منذ بضعة أشهر وسورية تواجه أزمة كبيرة وخطيرة، وهي الآن تقطع مراحلها الأخيرة المؤلمة والموجعة نحو برّ الأمان. وقد تركت هذه الأزمة ندوبها وتأثيراتها على الواقع السوري سياسياً واقتصادياً واجتماعيا وحتى نفسياً، وربما تحتاج سورية إلى مزيد من الوقت للملمة جراحها والانتهاء نهائياً من تبعات هذه المرحلة القاسية والمهمة.

ومع تخطي هذه الأزمة تبدو هناك أشياء كثيرة علينا كسوريين تعلمها والاستفادة منها كي لا تتكرر التجربة المرّة، وكي نمنع الآخرين في المستقبل من تخطي حدودهم والتدخل في شؤوننا الداخلية. وإذا كان هناك الكثير من الدروس التي يجب تعلمها، فإنه يمكن تصنيف هذه الدروس إلى مجموعات تفيد في التعامل مع الوضع الداخلي وأخرى في إدارة الأوضاع والعلاقات السورية الدولية.

أولاً، في الوضع الداخلي، حيث برزت نقاط ضعف ونقاط قوة. في نقاط الضعف، فقد سلك الأعداء والمتربصون للنفوذ إلى الداخل والتأثير عليه طريق محاولة السيطرة على نقاط الضعف التي ظهرت في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فعمل هؤلاء على تفتيت المجتمع وتشويه صورة القيادة المجتمعية السورية بكلّ أنواعها، وضرب العلاقات الاجتماعية وتخريب الأوضاع الاقتصادية، بما يمكّنهم من ضرب بنى الدولة وإنهاكها. إلى جانب ذلك، عمد الأعداء إلى ضرب نقاط القوة في الجسم السوري لضرب الروح المعنوية وتهديد الاستقرار الذي تنعم به سورية وهدم أسسه؛ فعمدوا إلى تشويه صورة الجيش والقيادة السياسية والعسكرية والتلاحم العضوي بين الجيش والمجتمع وحاولوا تشويه صورة عناصر الأمن وكلّ ما من شأنه أن يكون حصناً منيعاً يحمي سورية.

ولذلك، فمنذ الآن وأيضاً بعد استكمال الخروج من هذه المرحلة الصعبة عينا الالتفات لمعرفة نقاط الضعف وفهمها وتحديدها بدقة والعمل على تقويتها وإنهاء أي خلل في الجسم السوري ليبقى سليماً معافى. وهذا يقتضي أيضاً دراسة مكامن القوة والعمل على ترسيخها وتعزيزها وتقويتها لتزداد البلاد صلابة ومنعة. وهذا يستتبع العمل على الاستفادة من دور الجميع وإمكاناتهم، ولاسيما طاقات الشباب الذين برز دورهم ووعيهم في الخلاص من الأزمة.

ثانياً، على صعيد العلاقات الخارجية، حيث كشّر الغرب الاستعماري عن أنيابه، وكشف بوضوح حقيقة نواياه وأغراضه، وسهولة تحوّله وتبديل مواقفه لخدمة مصالحه، ولو اضطر لقلب الطاولة على رؤوس الآخرين جميعهم، وهذا لم يكن مفاجئاً للجميع بدءاً من المواطنين السوريين وصولاً إلى القيادة السورية. والأهم أن الأزمة مكّنتنا من معرفة مواقف البعض من دول الإقليم والبعض العربي أيضاً. وكشفت الأزمة أن هؤلاء المؤتمرين بإمرة الغرب والمتعلقين بحباله، لايمكن الاعتماد عليهم والوثوق بهم طالما أن مواقفهم تخضع لتبدّلات مواقف أسيادهم وأوامرهم وتعليماتهم وهم مضطرون لتنفيذها حتى ولو خالفت قناعاتهم ومبادئهم.

لقد انكشفت حقيقة الموقف الرمادية واتضحت غايات الكثيرين في المنطقة، وعرفت سورية "بالتجربة" الأصدقاء من الأعداء وهذا يقتضي التنبه في المرحلة القادمة إلى كيفية رسم السياسات الخارجية القائمة على المصالح العليا لسورية أولاً، وعدم إهمال بعض الدول التي كان لموقفها الأثر الكبير في مساعدة سورية للخروج من المحنة ثانياً، وعدم إعطاء الدول المتقلبة أهمية أكثر من حجمها الحقيقي ثالثاً. والأهم على الصعيد العربي، بعد اتضاح مواقف بعض الأشقاء الذين خططوا ونفذوا وحرّضوا على الفتنة وعلى تخريب سورية، وكانوا قساة في حكمهم وفي إعلامهم وفي مواقفهم وفي كلّ شيء صادر عنهم تجاه سورية، بل ضدّها، رغم أن سورية كانت دائماً عوناً لهم وتحملت الكثير من أجلهم وكانوا في قلبها..

إن المرحلة المقبلة تقتضي العمل الحثيث من كلّ أبناء سورية المخلصين لوطنهم وهم الأغلبية الفائقة والمطلقة للنهوض بالبلاد على أسس أقوى وأمتن.. وهذا عمل يتطلب خبرات ومساعي ودور وجهد الجميع لاسيما بعد انفتاح الحياة السياسية والحزبية والإعلامية لتتسع لمشاركة أبناء الوطن دون استثناء.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.