تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فيسك: كذبنا 10 سنوات لنتحاشى السؤال الوحيد الحقيقي

مصدر الصورة
sns - وكالات

 

محطة أخبار سورية

نشرت صحيفة "ذي انديبندنت" البريطانية مقالا للمحلل الصحافي روبرت فيسك يعلق فيه على بعض الكتب والتعليقات والمقالات والتقارير الكثيرة التي نشرت في انحاء العالم حول أسرار اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة وذلك تحت عنوان "لـ10 سنوات كذبنا على انفسنا لنتجنب توجيه السؤال الحيقي الوحيد". ويرى فيسك ان ذلك السؤال يتعلق بالدافع الكامن وراء تلك الاعتداءت ويستنتج انه يتعلق بفلسطين والدعم الاميركي لاسرائيل. وفيما يأتي نص المقال:

"أتحدث هنا عن المجلدات وعن المكتبات – لا بل عن قاعات المطبوعات، التي ولدت من رحمها الجرائم الدولية ضد الانسانية في الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001. وبرز الكثير منها نتيجة الشعور بوطنية زائفة وحب الذات، بينما اصاب الاخرى عفن ترهات عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية والـ"موساد"(الاسرائيلية) وقلة منهم (للاسف من العالم الاسلامي)، لدرجة الاشارة الى القتلة بانهم "صبية"، ولكنها كلها تقريبا تتحاشى شيئا واحدا يبحث عنه أي شرطي بعد اكتشاف جريمة في الشارع: الا وهو الدافع.

وهكذا فانني اسأل نفسي لماذا بعد عشر سنوات من الحروب هناك مئات الالاف من القتلى الابرياء، والاكاذيب والنفاق والخيانات والتعذيب السادي على ايدي الاميركيين – فيما رجالنا في المخابرات المحلية قد وصل الى سمعهم وادركوا وربما شاهدوا من دون ان ينتابهم شعور سريع بالغضب – وطالبان؟ هل امكننا ان نكتم الكلمة في انفسنا والعالم بمشاعر الخوف لدينا؟ الا نزال غير قادرين على ان نتفوه بالاسئلة الثلاثة التالية: يقول الذين ارتكبوا جريمة الحادي عشر من ايلول انهم مسلمون. وانهم قدموا من مكان يطلق عليه اسم الشرق الاوسط. ما هي المشكلة في تلك المنطقة؟

كان الناشرون الاميركيون اول من توجهوا الى الحرب في العام 2001 بمجلدات كبيرة من صور الذكريات. كانت عناوينها تحكي عن نفسها: "على الطريق المقدسة"، "حتى يمكن لاخرين ان يعيشوا"، "جرأة القلب"، "ما شاهدناه"، "الجبهة النهائية"، "الغضب في سبيل الله"، "ظلال السيوف". لدى مشاهدة هذه المواد تملأ أكشاك بيع الصحف في كل انحاء اميركا، من الذي يمكنه ان يشك في انه لا مناص من أن تذهب الولايات المتحدة الى الحرب؟ قبل غزو العراق في العام 2003 بفترة طويلة، ظهرت دفعة اخرى من المجلدات لتبرر الحرب بعد الحرب. ومن ابرزها شبح وكالة الاستخبارات الاميركية سابقا كينيث بولاك في كتابه "العاصفة المخيفة" – لعلنا لا زلنا نذكر "تجميع العواصف" لتشرتشل؟ وهو لا يحتاج الى تفسير اذ قارن بين المعركة المقبلة ضد صدام وبين الازمة التي واجهتها بريطانيا وفرنسا في العام 1938.

كانت هناك ركيزتان في هذا العمل لبولاك – "احد افضل الخبراء العالميين بشأن العراق"، في دعاية مبالغ فيها تقول للقراء، ومن بينهم فريد زكريا (وتجشأ ليصفه بانه "احد اهم الكتاب في مجال السياسة الخارجية الاميركية منذ سنوات") – وكان اولها بيان تفصيلي باسلحة الدمار الشامل لدى صدام والتي نعرف ان ايا منها لم يكن له وجود. والفكرة الثانية تناولت الفرصة لفصم "العلاقة" بين "القضية العراقية والصراع العربي - الاسرائيلي".

ومضى يقول ان الفلسطينيين بعد حرمانهم من دعم العراق القوي، سيشعرون بمزيد من الضعف في نضالهم ضد الاحتلال الاسرائيلي. واشار بولاك الى ما يدعوه "الحملة الارهابية الفارغة" التي يقوم بها الفلسطينيون- ولكن من دون ان ينتقد اسرائيل. وكتب عن "هجمات ارهابية اسبوعية تتبعها ردود اسرائيلية (هكذا)"، وهي الرواية الاسرائيلية المعتادة للاحداث. وليس الانحياز الاميركي لصالح اسرائيل في رأيه اكثر من "عقدة" عربية. وعلى اقل تقدير فان الباحث بولاك توصل الى استنتاج، ايا كان اسلوبه المتخلف، مفاده ان الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي هو من اسباب وقوع اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، حتى وان لم تكن هناك يد لصدام في ذلك.

ومنذئذ فان السنوات التي تلت الحادثة، اوصلت الينا مجلدات كثيرة لما بعد احداث الحادي عشر من ايلول، تراوحت بين كتاب لورانس رايت "برج في الافق" الى "دارسون لمعرفة حقيقة الحادي عشر من ايلول"، الذي قال لنا انصاره ان حطام الطائرة خارج البنتاغون اسقطت بطائرة "سي – 130"، وان الطائرات التوغير المتسم بالامانة في بعض الاحيان – هذا اذا لم نشر الى الخداع الاولي الذي صدر عن موظفي لجنة الحادي عشر من أيلول – ان ملايين الاميركيين يؤمنون ببعض هذا، من دون الحاجة الى الكذبة الحكومية الكبرى: من ان صدام كان وراء الحادي عشر من أيلول. وقد كرر المستبد الذي عُين حديثا مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ليون بانيتا الكذبة ذاتها في بغداد هذا العام.

وظهرت افلام سينمائية ايضا. ففي الفيلم "الرحلة 93" اعيد تصور ما يمكن (او لا يمكن) ان يكون قد حدث داخل الطائرة التي سقطت في غابات بنسيلفانيا. وتناول فيلم اخر قصة رومانسية تمكنت سلطات نيويورك بطريقة غريبة منع اي تصوير له في شوارع المدينة الحقيقية. والان بدأت تغرقنا المسلسلات التلفزيونية، وكلها تقر بالكذبة القائلة ان اعتداءات الحادي عشر من ايلول غيرت العالم فعلا – وكان تكرار بوش وبلير لهذه الفكرة الخطرة هو ما سمح لاتباعهما المساهمة بالغزو القاتل والتعذيب – من دون التساؤل للحظة عن الوازع وراء اندفاع الصحافة والتلفزيون وراء هذه الفكرة. وحتى الان فان ايا من هذه البرامج لم يذكر اسم "اسرائيل" – وان كان قد ذكر برنامج بريان لابينغ على شاشة "آي تي في" اسم"العراق" مرة واحدة، من دون تبيان المدى الذي اسهمت فيه حوادث الحادي عشر من أيلول في ايجاد العذر لجريمة حرب العام 2003. ترى كم عدد القتلى في تلك الحادثة؟ حوالي 3000. وكم عدد القتلى نتيجة حرب العراق؟ هل هناك من يهمه معرفة ذلك؟

ان نشر التقرير الرسمي لحوادث الحادي عشر من أيلول – للعام 2004، ولكن عليك ان تقرأ النسخة الجديدة للعام 2011 – تستحق الدراسة حقا، ولو كان ذلك لمجرد التعرف على الوقائع التي ترد فيه، رغم ان بدايته تبدو كانها مقدمة لعمل ادبي اكثر منها لتقرير حكومي. "الثلاثاء .. كانت الحرارة هي حرارة الفجر والسماء خالية تقريبا من الغيوم في شرقي الولايات المتحدة.. وبالنسبة للمتوجهين الى احد المطارات، ما كانت الاحوال الجوية افضل من ذلك من اجل رحلة آمنة ومريحة. وكان بين المسافرين محمد عطا.." واسأل نفسي بعد كل هذا الكلام، هل هؤلاء الكتاب يعملون متدربين في مجلة "تايم"؟

لكنني منجذب الى انتوني سمرز وروبي سوان اللذين يتصدى كتابهما "اليوم الحادي عشر" لما رفض الغرب ان يواجهه في السنوات التي اعقبت 11 ايلول (سبتمبر). وقد كتبا: "كل الادلة...توضح ان فلسطين كانت العامل الذي وحد المتآمرين – على كل مستوى". وقد اعتقد احد منظمي الهجوم انه سيجعل الاميركيين يركزون على "الفظائع التي ترتكبها الولايات المتحدة بدعمها لاسرائيل". ويقول المؤلفان ان فلسطين "كانت بالتأكيد المظلمة السياسية الرئيسة...ومحرك الشباب العرب (الذين كانوا يعيشون) في هامبورغ".

ويقول المؤلفان انه جرى "الالتفاف" حول الدوافع الكامنة وراء الهجمات حتى في التقرير الرسمي عن هجمات 11 ايلول (سبتمبر). اختلف اعضاء اللجنة بشأن هذه "القضية" – وهذه كلمة كليشيه تعني "مشكلة" – وشرح ارفع مسؤوليها مستوى، توماس كين ولي هاملتون لاحقاً: "هذه كانت مسألة حساسة...اعضاء اللجنة الذين جادلوا ان القاعدة تحركها ايديولوجية دينية – وليس المعارضة للسياسات الاميركية – رفضوا ذكر الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني...وفي رأيهم ان ذكر دعم الولايات المتحدة لاسرائيل كسبب جذري لمعارضة القاعدة للولايات المتحدة يشير الى ان على الولايات المتحدة ان تعيد تقويم سياستها". وهذا بيت القصيد.

فما الذي حدث؟ يقول سمرز وسوان ان اعضاء اللجنة "اتفقوا على لغة غامضة التفت على قضية الدافع". ويوجد تلميح في التقرير الرسمي- ولكن فقط في ملاحظة هامشية لم يقرأها بالطبع اناس كثيرون. وبكلمات اخرى، نحن لم نقل الحقيقة بعد عن الجريمة التي – يفترض ان نعتقد انها – "غيرت العالم الى الأبد". ولكنني بعد مشاهدتي اوباما على ركبتيه امام نتنياهو في ايار (مايو) الماضي لا اشعر بالدهشة.

وعندما يرغم رئيس الوزراء الاسرائيلي حتى الكونغرس الاميركي على التذلل له، فان الشعب الاميركي لن يتلقى الجواب على اكثر الاسئلة حساسية واهمية بشأن 9/11: لماذا".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.