تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الديار: هل العدوان الشامل أو المنفرد على سورية وارد

 

محطة أخبار سورية

السؤال الذي تجنّب العقلاء طرحه ،لانه سؤال خطير والاجابه عليه تتطلب جهداً او اطّلاعاً دقيقاً على الحقائق الظاهرة والخفية!: هل هناك احتمال قيام عدوان اسرائيلي تكون تركيا شريكة فيه ويتم فيه تلبية طلبات امثال نائب رئيس الجمهورية العربية السورية السابق السيد عبد الحليم خدام بتطبيق ما حصل في ليبيا من حيث اطلسية العدوان الجوي على ليبيا الذي كاد يدمرها عسكريا ً ومدنياً تحت عنوان حماية المدنيين الليبيين من غارات القذافي على شعبه!. وهل ان ما لوّح به الخدام والبنايوتي مرشد جماعة الاخوان المسلمين في سورية، بتطبيق ما حصل في ليبيا على سورية من حيث شراكة الحرب ضدها. وليس عبر الغارات الجوية الاطلسية فحسب بل شنّ الحرب عليها براً وجواً وحتى بحراً الى جانب ما هو ظاهر ومدبّر فتنوياً وطائفياً؟. وهل صحيح ان ما اشار اليه عسكريون اميركيون وفرنيسون خصوصاً واطلسيون عموماً، من ان العدوان اذا وقع لن ينتهي بسورية بل سيتعداها الى ما هو مدبّر ضد ايران ايضاً وربما في وقت متزامن معها وانه قد أٌعدّت له العدة حتى في القواعد العسكرية الاميركية والبريطانية القريبة من ايران كما في الدول الاسيوية والاوروبية القريبة من حدود الجمهورية الاسلامية الشمالية.

فضلا ً عن الشرق الاوسط والدول الخليجية التي تطلق على نفسها اسم دول مجلس التعاون.

والجواب الذي يمكن للمراقب المتابع ان يلقي فيه الاضواء على احتمالات عدوان تطمح اسرائيل واميركا الى ان يكون عالمياً من حيث عدد الدول والجهات المشاركة فيه، هو ان ما حدث في سورية حتى اليوم، رغم ما فيه من اعجاز الصمود الرسمي السوري رغم الحملة الاعلامية العالمية والتعبئه الشاملة من جميع اطراف لعبة الامم ضدها ،الى جانب استمرار مسيرات مئات الالوف بل الملايين من المتظاهرين الذين لا يزالون متشبثين بوجوب بقاء النظام مع تحقيق الاصلاح ، فان هذا الصمود لا ينفي وجود مأزق سوري خطير ليس من الصعب لاي مراقب موضوعي لديه نزر يسير من الاطلاع الى ما يدبّر وراء الاكمه وما يسعى اليه اعداء النظام من اكمال مشروعهم لاسقاطه ،يستطيع ان يضع امام ناظريه المعادلة التالية :نكون في منتهى الغباء ، اذا افترضنا ولو للحظة ان اسرائيل لا تجد فرصتها لاستغلال ما طرأ على سورية من اوضاع سياسية وامنية اياً كانت الاسباب التي ادّت لحدوث ما حدث فيها. ولقد كان الرئيس بشار الاسد حازما في اتخاذ تدابير تعكس حرصه على محاسبة الذين وقعوا في الغفلة وكان ينقصهم حسن اليقظة الذي يجب ان لا يفارق العسكريين والامنيين الاكفاء. ولقد اكتشفت القيادة السياسية العليا التي يفترض ان يدها فوق اليد العسكرية المأمورة سياسياً ، انه قد حصل اختراق امني لم تحسب له القيادات الامنية والعسكرية الحساب اللازم ، لانه لم يكن متوقعاً ان يكون على هذا المدى المروّع من الخطورة وهو ان يكون قد تمّ اعداده منذ مدة طويلة بحيث يشمل ايجاد تنظيمات مسلحة تتلقى الدعم من الجهات المعادية لخط الممانعة دولياً واقليمياً (نعني باقليمياً اسرائيل ودول عربية شقيقة ليست في وارد التدقيق بما يعِدّه العدو الاسرائيلي من محاولته الدؤوبه للتأثير سلباً في المصير العربي): فلقد ادركت اسرائيل منذ المفاجأة المذهلة التي اصابتها واستخلصت العبر والنتائج منها في تموز -آب 2006 على يد المقاومة، مع حاضنتها الكبرى الولايات المتحدة ان مصير اسرائيل ككيان ودولة ،اصبح مطروحاً النقاش حوله حتى في داخل اسرائيل وبين الاوساط الاسرائيلية الشعبية، فكانت شريعة  عَلَيَّ وعلى اعدائي يا رب جاهزة تاريخياً في عمق الوجدان العبري وبدأ العمل منذ اليوم الاول في استخراج العبر ومحاولة الترويج لمنجزات  وبدائل جهنمية اسرئيلية بهدف استنقاذ مستقبل الدولة العنصرية. وفي طليعتها محاولة ايجاد وسائل لاشراك اكبر عدد ممكن من الدول العربية في عملية التأثير في الوضع الداخلي السوري سواء كانت دولا ً محافظة او معتدلة او  نصف معتدلة»، دون اعفاء الدول التطبيعية العربية من تبعات اتهامها بالاسهام في هذا  المشروع  الذي استطاعت اسرائيل ان تقنع  حاضنتها  اميركا بتبنّيه بحيث تأخذ على عاتقها اقناع اكبر عدد من الدول بالاسهام في تحمّل اعبائه ومسؤولياته بحيث تتبلور محاولة كونية للاشتراك في ضمان امن اسرائيل وبقائها وعدم تعرّضُها مستقبلا لما يزعزع اصل بقائها ووجودها..

ولمّا كانت اسرائيل على ألسنة الناطقين باسمها وقيادييها تحاول  توسيط  دول اخرى لها خطوط اتصال سياسية مباشرة مع اسرائيل وسورية على السواء ،ان تتخذ من هذا الانفتاح على كل من العرب واسرائيل وفي طليعة هذه الجهات والدول جارة سورية ،تركيا، التي أٌعطِي لها الضوء الاخضر في ان تفتح علاقات ايجابية على دمشق املا بأن تستغل تركيا بهذا الانفتاح  للجسر   بين سورية خاصة واسرائيل ، مع مراعاة لمواقف سورية المستقلة والمهمه على صعيد تقرير مصير الصراع العربي - الاسرائيلي، كون دمشق على علاقة علنية رسمية مع فصائل المقاومة: وهي التي كادت تكون الجهه العربية الوحيدة الفاعلة ، التي يمكن ان يكون لها النصيب الاوفى في تقرير مصر النزاع سلباً او ايجاباً. ولقد اطمع اسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة خاصة، وبعض اوروبا في ان تتواصل مع سورية منذ محادثات واي ريفير في اميركا وبأشراف الادارة الاميركية في عهد بيل كلنتون وبدايات عهد بوش الثاني حيث ان دمشق كانت تتفرد دائما ً بالتجرؤ على المجاهرة رسمياً بممانعتها والاستعداد للبقاء الى جانب المقاومة وحقها في محاربة الاحتلال، فاذا امكن التوصل معها الى صيغة مقبولة تضمن استرخاءً سورية ومرونة لموقف دمشق الحازم المؤيد لحق المقاومة، ولدرجة بدت فيها طوال عقود ماضية - ولا تزال كذلك حتى اليوم - وكأنها ترهن مصيرها كله مقابل المحافظة على حق المقاومة في مقاتلة الاحتلال ورفض التخلي عن الثوابت الوطنية والقومية وخاصة ما يتعلق بضمان الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية.

نعم :يمكن ان نفهم صدور تصريح تناشد فيه دولة صديقة دولة اخرى تقع على ارضها احداث ومشاكل وتكون السلطة في الدولة التي تقع فيها الاحداث رقيقة ورحيمة في التعامل مع المرتكبين والمذنبين، والذين تسببوا في القتل والتخريب والدمار والفظائع، على امل ان يكون ذلك شهادة لهذه الدول بانها حريصة على سمعتها من حيث التمسك بحقوق الانسان، اما ان «توجه اليها الاوامر» في ان تسحب جيشها من مواقع يرابط فيها على ارضه حيث لا يكون له حق سيادة على هذه الارض وان تكون الدولة التي تصدر اليه الاوامر وكأنها احق من الدولة التي ينتمي اليها هذا الجيش في تحركاته اوبقائه داخل الثكنات او خارجها بحيث تنفذ اوامر الدولة الاجنبية حتى لو كانت صديقة بعيدة او جاره قريبة ، فان مجرد اصدار مثل هذه الاوامر وبهذه اللهجة الاملائية، فان ذلك يعني عدم اعتراف بسيادة الدوله على ارضها. ولقد سبق لاميركا ان ارتكبت امراً فظيعاً لم يسبقها الى مثله احد في التاريخ لا تستطيع سورية ولا غيرها من الدول الاخرى ان ترتكب مثله وهو استخدام اميركا افظع سلاح وهو السلاح النووي الذي محا مدينتين كاملتين من الوجود هما ناكازاكي وهيروشيما علماً ان كيانها قد تأسس على ازالة سكان اميركا الاصليين من الهنود الحمر من الوجود الاّ من يتبقى منهم على قيد الحياة والذين تتم الاشارة اليهم عادة من جانب الذين استوطنوا اميركا من جانب سكانها الاصليين والذين اصبح الباقون من بني قومهم الاميركيين الاصليين على قيد الحياة اقلية ضئيلة لا يحسب لها حساب والتي تتم الاشارة اليها كبقية جنس منقرض.

علماً ان ما اقدمت عليه اميركا من لهجة التعسف ضد دمشق وتصريحات سفيرها بانه حتى في اوقات الاضطراب الداخلي مصمم على التجول والاتصال بالمعارضة مظهراً انحيازه اليها امر ليس له سابقة او مثيل في سياسات الدول ان تعلن مواقفها المؤيده لاعداء النظام الذين يثبتوا بألسنتهم انهم اعداء الثوابت الوطنية للشعب السوري والامة العربية فان علينا كعرب ان نتوقع ممن يقول هذا الكلام ويتخذ هذا الموقف، ان يكون ، بصدد ما هو افظع من هذا الانتهاك «لالف باء» السيادة الوطنية لشعب عُرف بالاباء ورفض الهيمنة عليه من اي جهه سواء كانت صديقه او حتى شقيقة، فكيف اذا كان عدواً او «ذئبا» في ثياب صديق!

وبعد، صحيحٌ اننا كنا من بين من يتنفس الصعداء اذا فرغت سورية من محنة الابتلاء بمعارضة تكفيرية مسلحة التي هبطت في آدائها الى مستوى احط المخلوقات غير البشرية. ونحن نكون سعداء ان يعود الجيش الى الثكنات بعد ان ادى واجبه في محاولة وضع سورية من جديد على طريق العودة للاستقرار بقَدَم راسخة وثابته بحيث لا يكون  رأس النظام   الدكتور بشار الاسد بحاجة الى ان يُطلب منه اعادة الجيش الى ثكناته وهو طلب قد يكون امنية تتحقق عند رأس النظام بالذات.. ولكن ان تطلب دولة حتى لو كانت اميركا من اية دولة اخرى حتى لو لم تكن تمتلك من مقومات الاستقلالية في مواقفها السيادية الوطنية والقومية ما تمتلكه سورية ان تحدد اين تضع جيشها وهو داخل وطنه حيث تحدده له دولة اخرى جاره له، مثل تركيا، لم يقصّر النظام السوري في حرصه على اقامة اطيب وارسخ العلاقات معها اين يجب ان يتحرك جيشه او لا يتحرك فهذا امرٌ في منتهى البدائية او الغُشم الذي لم يسبق تركيا الى مثله احدٌ. وحتى اميركا لو قاست الامر على ضوء المبادئ التي ينص عليها دستورها وعلى ما نص عليه ميثاق الامم المتحدة الذي يساوي بين حق ّ الدولة الاعظم وغيرها من الدول في ممارسة سيادتها الكاملة على ارضها وبين الحق السيادي لاصغر دولة في العالم ، فان الدولة الاعظم التي طالما رددت بأنها لا تتدخل في شؤون الدول الاخرى بما فيها الدول التي لا توصف بالعظمى يجب ان تطرح على نفسها سؤالا هو التالي: ماذا يكون موقف الولايات المتحدة من دولة اخرى تكون منهمكة في اوضاع داخلية صعبه ومصيرية، ان تحدد لها الدولة الاخرى ما اذا كان الجيش الاميركي عندما يعالج اضطرابا في الولايات المتحدة ان تكون دولة اخرى كبرى كانت او صغرى، ان على الجيش الاميركي ان يعود الى ثكناته حتى ولو كان انسحابه سيؤدي لعواقب خطيرة مصيرية؟

 

صحيفة الديار ، محمد باقر شري

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.