تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا هذا الهوس الأمريكي بالشأن السوري؟؟

                                  بقلم :د.تركي صقر

هل فقدنا عقولنا لنصدق أن الهوس الأمريكي إلى حد الهستريا بالشأن السوري هو من اجل تحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة في سورية.. يبدو ان العكس هو الصحيح فكلما تقدمت عجلة الإصلاحات في طريقها لتغيير سياسي بنيوي حقيقي في الوضع السوري تصعد الإدارة الأمريكية من تحريضها للمجموعات المسلحة لسفك المزيد من دماء السوريين وإيقاف هذه العجلة بما يعني دون أي لبس ان واشنطن تتخذ من دم السوريين وخراب بلدهم منصة لغايات لم يستطع سفيرها روبرت فورد ان يكتمها في شهادته مؤخرا أمام لجنة الكونغرس من انه سيعود إلى دمشق لاستكمال مهمته في إنهاك النظام  السوري لإضعاف دور إيران وحزب الله في المنطقة وهو المطلب الإسرائيلي الملح .

لانريد ان نتحدث عن المفارقة العجيبة التي ظهرت في هذا السياق من قبل آلان جوبيه الذي حول السياسة الفرنسية إلى مجرد ذيل للخارجية الأمريكية تقبل ان تدوس على مبادئها وتراثها المعروف إلى حد جعله يصف تطبيق التعددية الحزبية في سورية بعد صدور مرسومي الأحزاب والانتخابات بالاستفزاز..الايؤكدهذا على ان آخر شيء تفكر به هذه الجوقة الأمريكية الفرنسية البريطانية التي استماتت منذ بداية الأحداث لاستصدار قراراوبيان رئاسي من مجلس الأمن يدين سورية هو تحقيق مطالب الإصلاح أو وقف أعمال المجموعات المسلحة الإجرامية التي تجاوزت المحرمات كلها ؟؟

ولا يفوت أي متابع للأحداث منذ خمسة أشهر كيف تواصل الطواقم الأمريكية العمل على مدار الساعة من اوباما إلى اصغر ناطق في إدارته مرورا بكلينتون المستنفرة والسفير فورد المشارك مباشرة بالتحريض للتخلص ليس من النظام في سورية وإنما من الدور السوري ككل .. فكم كان إذن ثقل وحجم هذا الدور مقلقا لواشنطن ؟؟ أليس تصدير أمريكا لعقلية البلاك ووتر للفتك بسورية والسوريين يتجاوز إسقاط النظام إلى تدمير مقومات الدولة السورية ووضعها على مشرحة التقسيم ؟؟ ماذا يعني انتقال الخارجية الأمريكية بعد بيان مجلس الأمن إلى توجيه التهديدات إلى الدول العربية لمقاطعة سورية وعزلها ؟؟ وماذا يعني تصعيد الضغوط الأمريكية بشان النفط والطاقة لتجميد الحياة في سورية؟؟ الايعني هذا ان الإدارة الأمريكية فقدت أعصابها تجاه قدرة سورية على الصمود ودحر المؤامرة التي أعدت لها طويلا ووضعت بتصرفها الإمكانيات والأموال الطائلة ؟؟    

لاشيء يفسر هذه الهستريا الأمريكية العالية الوتيرة التي أخذت منحى التدخل السافر والتجييش الدولي والعربي والتبني المكشوف لأعمال القتل والإرهاب والتخريب والدعم العلني لعصابات الإجرام وقطاع الطرق سوى الخشية من أن تخرج سورية من الأزمة أقوى واصلب.. لذلك نرى كيف بدأت واشنطن تلقي بثقلها كله لاستمرار الاضطرابات وتواصل دوامة القتل والتدميروالارهاب في كل مكان من سورية وبحيث لايسلم أي سوري من شرور هذا المخطط الخطير.. وما ذلك إلا لان ضرب سورية بهذا الحجم من الحقد الدفين يحقق وفق الحسابات الأمريكية الإسرائيلية جملة من الأهداف دفعة واحدة :أولها ضمان الايعود الدور السوري إقليميا إلى ماكان عليه قبل الأحداث, وثانيها قصم ظهر قوى الممانعة والمقاومة التي تشكل دمشق نقطة ارتكازها الأساسية وبالتالي يشطب دور إيران وحزب الله من المعادلة وتتلاشى تلقائيا فعالية أية مقاومة فلسطينية, وثالثها تأمين أجواء مناسبة لتنفيذ الاستحقاق الوشيك القاضي بانسحاب الجيش الأمريكي من العراق دون خسائر والهروب من المستنقع الأفغاني الذي سبب الكوارث للخزانة الأمريكية ,ولايتم هذا إلا بإضعاف إيران التي تتمتع بنفوذ حاسم في هاتين الساحتين وهو مايشغل بال إدارة اوباما الآن وهي على مقربة من موسم الانتخابات لولاية رئاسية جديدة .

هذه هي حسابات الحقل الأمريكي ولكنها لم تتطابق مع حسابات البيدر السوري حتى الآن على الرغم من الضغوط الهائلة التي مورست ضد سورية والزج بكل الوسائل والأدوات القذرة لتركعيها .. واذا كنا لاننكر أن شراسة الهجمة قد تخطت التوقعات كلها وتركت الباب مفتوحا لاحتمالات أخرى سيئة بل ربما نرى فصولا جديدة من المؤامرة لاتخطر على البال فإننا على يقين تام أن الحماقة الأمريكية الجديدة ستنتهي إلى الفشل كما انتهت الحماقات الأمريكية السابقة ..       

  

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.