تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حماة: المعركة الدولية الأخيرة

 

 محطة أخبار سورية

تستدعي الأحداث العنفية والسياسية التي جرت وتجري بين مدينتي حماة السورية ونيويورك الأميركية، التساؤل عما إذا كانت حماة بالفعل مدينة سورية في إطار النظام العام، أو أنها محكومة من جماعات خارجة على النظام وتحاول أن تفرض نظامها الخاص وفلسفتها وأخلاقها والذي أظهر الشريط التلفزيوني مثالاً مختصراً لها.

بدا واضحاً من خلال الاستنفار الدولي غير المسبوق الذي يشهده مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، والذي ترافق مع ظهور جماعات مسلحة بدت أنها تفرض سيطرتها على مدينة حماة في ظلِّ غياب واضح للدولة، والذي ترافق أيضاً مع اجتماعات لقادة هذه الجماعات أو من يؤازرهم من الخارج مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والذي أيضاً وأيضاً ترافق مع مواقف متجددة لبعض رموز المعارضة النخبوية السورية الذين يسوّغون لهذه الجماعات تصرفاتهم.. لقد بدا واضحاً من خلال هذه الصورة البانورامية أن «المعارضة الدولية والسورية» في مختلف أوجهها تعتبر حماة خطاً أحمر لا يفترض أن تقترب منه الدولة السورية مهما جرى خلفه من أحداث تستدعي منها ذلك.

وقد ارتسم هذا الخط الأحمر بعيد بداية الأحداث في سورية في 15 آذار الماضي، رسمه رجب طيب أردوغان أولاً عبر تصريحاته المتوالية عن أنه لا يريد أن يرى «حماة ثانية» وأكد هذا الرسم على نحو واضح قيام السفير الأميركي روبرت فورد بزيارة المدينة متبوعاً بالسفير الفرنسي في عملية بدت كـ«مثال مصغّر» عن المثال الليبي. حيث أراد السفيران الإيحاء بأن هذه البقعة الجغرافية التي تُشكّلها حماة إنما هي «محميّة دولية» وسط بيئة سياسية تشير مواصفاتها العامة إلى مغايرتها لصفات هذه «المحميّة» وواقعها.

من المؤكد أن الدولة تعاملت مع التغيرات التي قامت بها الجماعات المنظمة في حماة، بكثير من الحساسية، أدت بها إلى سحب قواتها من المدينة، وأفسحت المجال بذلك لهذه الجماعات كي تستكمل انتشارها وتقيم المتاريس والحواجز وتجري مختلف العمليات اللوجستية التي حوّلت حماة من مدينة إلى جبهة حرب، حيث اكتملت صفات الميدان الحربي وتكاملت، بينما انتفت صفات الحياة الطبيعية وانحسرت بعيداً. ولعل ما يؤكد هذا الواقع الاستنفار الدولي في الأمم المتحدة بقصد منع الدولة من العودة إلى حماة واستعادتها من سيطرة الجماعات المنظمة والمسلحة عليها.

بالمعنى الإستراتيجي يمكن تفسير هذه الاستنفار، بمختلف قواه الدولة والمحلية، من أنه ناتج بسبب معرفة هذه القوى كلّها أن «معركة حماة» ستشكل الفصل الحاسم والأخير في مسار الأزمة السورية الراهنة، فإما ينتصر مشروع الدولة وإما تؤكد «المحميّة الأميركية- الدولية» وجودها وتعمل على دفع خطها الأحمر نحو مدن إضافية؟

 

  

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.