تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

طريق المعارضات السورية لتسريع التدخل الأجنبي

 

محطة أخبار سورية

حمل خطاب المعارضات السورية في الأيام القليلة الماضية تعبيرا صريحا عن ملامح المأزق السياسي الذي يعكس التكوين المتناقض لهذا الجمع الذي يضم خليطا من أحزاب وقوى سياسية محدودة التأثير وشخصيات تبحث عن دور، وتظهر في سياق حركته مؤشرات الهيمنة السياسية المركزية لتنظيم الأخوان المسلمين الذي يشهد صراعات داخلية، بينما يبدو بكل وضوح أن نقطة الإجماع الوحيدة بين هذه التعبيرات المتنافرة هي سد جميع طرق الحوار وإدامة الأزمة السياسية في سورية إلى أبعد مدى ممكن، توسلا لتسهيل مخطط التدخل العسكري الأجنبي الذي يلقى دعما واضحا من إسرائيل والحلف الأطلسي و بدور تركي مركزي.

 

أولا: جاهرت المعارضات علنية بطلبها للتدخل الأجنبي وتطوع عدد من متحدثيها لتبرير ما يسمى بالتدخل لاعتبارات إنسانية مستعيرين الصيغة التي اعتمدها الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة للتدخل العسكري في ليبيا و قد صبوا جام غضبهم على الموقف الروسي الصلب الذي عطل محاولات أميركية فرنسية حثيثة لاستصدار قرار في مجلس الأمن .

هذا المنطق يرتبط مباشرة بالتغطية السياسية المستمرة للعمليات التي ينفذها على الأرض الجناح العسكري لتنظيم الأخوان بالشراكة مع عصابة العرعور، فاستدراج الدماء هو المطلوب بأي ثمن وهاتان القوتان المنظمتان هما الضمانة العملية لإيقاع المزيد من القتلى والمصابين ولإثارة  اضطرابات أمنية عبر السيطرة على أحياء المدن والقرى في مناطق ريفية و بالتالي استهداف وحدات الجيش والقوى الأمنية وارتكاب جرائم القتل والتمثيل بالجثث وإحراق المقرات وكلما زاد عدد الضحايا والمصابين يرتفع الصوت لطلب التعجيل بالتدخل الأجنبي وعلى الرغم من تجربة جسر الشغور التي نجحت القيادة السورية وقوى الجيش بكلفة غير قليلة في حسمها وعلى الرغم من الوقائع الجديدة التي ردعت الشهية التركية لاستغلال الأحداث في محافظة إدلب لتكوين رأس جسر للتدخل في سورية فإن هذا المخطط يستمر ويدخل فصولا جديدة.

 

ثانيا: منطق المعارضات وخطابها يتركز على رفض الحوار لإدامة الأزمة السياسية على الرغم من تصميم القيادة السورية على ترك الدعوة إلى الحوار مفتوحة دون قيد أو شرط أمام جميع المعارضين، وبعد انعقاد اللقاء التشاوري وصدور توصياته ، ظهرت سلسلة من مواقف المعارضين المتمسكين برفض الحوار، وتحويل هذا الموقف إلى عقدة افتراضية في طريق المؤتمر الوطني للحوار الذي تريد به القيادة السورية أن يكون محطة فاصلة لتأسيس الشراكة بين السلطة والمعارضة تمهيدا لإطلاق العملية الإصلاحية ، مبني على مراهنة مفادها تأخير أي بداية جدية للإصلاحات بوضع القيادة السورية في حالة انتظار لموافقة بعض المعارضين على المشاركة في المؤتمر، وشعار رفض الحوار يتحول إلى أداة ضغط وابتزاز على معارضي الداخل الذين يخشى دعاة التدخل الخارجي أن يتجاوبوا مع الدعوة وأن يكون حضورهم بداية لاستقطاب سياسي جديد في صفوف المعارضات داخل البلاد وخارجها ولذلك انتقل قادة تنظيم الأخوان إلى الإعلان عن المؤتمر الذي تحدث عنه هيثم المالح صاحب مشروع حكومة الظل والذي أثار رفضا وجدلا في صفوف المعارضات وظهر مواقف لعدد من الشخصيات تدين ما اعتبروه انفراد الأخوان المسلمين وسعيهم إلى الهيمنة  على التحركات الجارية داخل سورية بدعم من قيادة العدالة في تركيا.

 

ثالثا: يتضح من التحقيقات الصحافية المتلاحقة التي تظهر حول الوضع الميداني أن حماه ودير الزور هما الموقعان الجديدان لاختبار التمرد المسلح على السلطة واستنزاف المزيد من الدماء بهدف تفعيل المطالبة بالتدخلات الأجنبية تحت الذرائع الإنسانية.

يبرز في هذا المجال ما نشرته صحيفة السفير مؤخرا عن الوضع في حماه التي تعيش تحت إرهاب ميليشيات الأخوان والعرعور وحواجزها المسلحة بالسواطير والسكاكين والبنادق وحيث اضطر الكثير من العائلات للنزوح عن المدينة التي يطبق فيها التكفيريون والاخوان قواعدهم بالإكراه والترهيب على السكان وحيث باتت تسمية قندهار مطابقة لواقع أحياء المدينة التي يدار المسلحون المسيطرون عليها من غرف عمليات متقنة التجهيز وحيث يقوم واقع يستخدم لتغطيته الضجيج المستمر عن احتجاجات سلمية و إضرابات من قبل المعارضين الذين يشاركون في تغطية هذه الجريمة المنظمة بحق مدينة سورية عريقة ورطها الأخوان المسلمون في الثمانينات في حرب دامية تراكمت آثارها وأحقادها التي يجري استثمارها اليوم من أجل حرب جديدة.

أما في دير الزور فإن الجماعات المسلحة التي تلقت الأموال والأسلحة والتجهيزات عبر الحدود مع العراق فهي محكومة بخطة جون ماكين ووليد فارس التي كشف النقاب عنها قبل شهرين.

يستمر ذلك في حماه ودير الزور المرشحتين لأحداث دامية جديدة بمبادرة من عملاء الخارج وبواسطة مسلحي ميليشيات التكفير العراعرة وتنظيم الأخوان وبعض الزمر الصغيرة التي جرى شراؤها من الخارج بينما يسعى مسلحو التكفير والأخوان في ريف إدلب إلى خوض معارك جديدة بعدما تحصنوا في جبل الزاوية إثر سيطرة الجيش العربي السوري على مدينة جسر الشغور ومعظم القرى التي روعها الإرهاب.

 

رابعا: البؤر المسلحة التي ترعاها المعارضات السورية يقودها التكفيريون والأخوان بميليشياتهم وتتحول جميع تكوينات المعارضات إلى أبواق سياسية تستدرج التدخل الأجنبي وتبرر جرائم هذه الميليشيات ضد حقوق الناس وحرياتهم وقوى الأمن، بينما يتم سد السبل إلى الحوار.

إن مواجهة هذا الواقع باتت تفرض على القيادة السورية حركة عاجلة على خطين:

 

الأول هو تحرك الدولة الوطنية المركزية بجيشها وقواها الأمنية لإنهاء كل تمرد مسلح ولردع العصابات والميليشيات الإرهابية الموجودة على الأرض بصورة حاسمة و بعد استنفاذ جميع محاولات الاحتواء و الفك و التركيب بالحوار الموضعي مع فاعليات المدن المعنية و ووجهائها، لكنها ملزمة بأداء واجبها في حماية امن المواطنين الذين يروعون في بيوتهم أو يهجرون منها بقوة الميليشيات المسلحة الفالتة من عقالها والتي ترتكب المذابح وعمليات القتل المنظم.

 

الثاني إطلاق المؤتمر الوطني للحوار بمن حضر لأن موقف المعارضات الرافض للحوار هو نتيجة مأزقها وعجزها وحصيلة التعليمات الأميركية الإسرائيلية التي ينقلها برنار ليفي إلى من يلزم ومعه أردوغان في سبيل تسهيل وتفعيل مؤامرة غزو سورية عسكريا تحت الذريعة الإنسانية نفسها التي استعملت في ليبيا.

تسريع الإصلاحات التي باتت واضحة المعالم دون أي انتظار للمقاطعين والحسم العاجل للوضع الأمني هو ما تطلبه الغالبية الشعبية الساحقة في سورية التي تؤكد دعمها للرئيس بشار الأسد وللدولة الوطنية المركزية وللجيش السوري بصورة متصاعدة وهي تضيق ذرعا من حلقة الاستنزاف المفرغة التي تفوح منها روائح الحرب الأهلية والتدخل الاستعماري و بعدما رفع بعض المعارضين أصواتهم بمراهنة جديدة على تدمير اقتصاد بلادهم.

 

وكالة أخبار الشرق الجديد

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.