تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رُبّ ضارّةٍ نافعة..!!

خاص/محطة أخبار سوية

 

وضع وزير الخارجية السيد وليد المعلم أمس في حديثه للتلفزيون السوري النقاط على الحروف وسمّى الأشياء بأسمائها. وكشف الزيف والنفاق الأوروبي والغربي عموماً حول الرغبة في إجراء الإصلاح في سورية؛ فمن يريد الإصلاح لا يطالب "مبتزاً" بتغييرات وتحولات في السياسة الخارجية لسورية مقابل تهدئة الأوضاع الداخلية ولا يُقدِمُ على تقديم أثمان لذلك؛ "أن إغراءات جاءت عبر أقنية معينة من الجانب الغربي لإجراء تغييرات في السياسة الخارجية السورية كمقايضة حول الشأن الداخلي، وأن سورية رفضتها".

وبعد الرفض السوري للمطالب الغربية بالتخلي عن المقاومة وقطع العلاقات مع إيران، والرضوخ لمطالب إسرائيل التوسعية الاستعمارية، قادت الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الحرب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية الشرسة على سورية بهدف إضعافها واستنزاف طاقتها ومحاصرتها.

ومن الطبيعي أن "يستبعد" الوزير المعلم العمل العسكري ضد سورية «لأن سورية ليس لديها موارد نفطية»، تسعى إلى استغلالها الشركات الغربية، وبالتالي لايستطيع العدوان على سورية تعويض تكاليفه من جهة، ولأن سورية تملك من القوة العسكرية ما يجعلهم يحسبون لها ألف الحساب، وبالتالي لن يكون الهجوم عليها نزهة كما يتوهم البعض، أو كما يريد ويشتهي.

وربما لذلك، لجأ الغرب إلى الأساليب الملتوية المعروفة في السياسات الاستعمارية لضمان استمرار الأزمة في نزف سورية لإضعافها، ومحاولة منه لفرض إرادته على القرار السوري، فكانت العقوبات الأمريكية والأوروبية على سورية؛ العقوبات التي رأى المعلم أنها «ستضرّ بمصالح سورية وستضر بمصالح أوروبا» أيضاً. العقوبات التي تثير الانزعاج ولكن ليس الخوف. فأوروبا تحتاج إلينا كما نحتاج لها، ولكنها ليست كل العالم، هناك شرق وغرب وروسيا والصين وأميركا الجنوبية.

ومن البديهي أن يكون ما يحاولونه هو لفرض إرادتهم على القرار السوري. ولكن سورية كما «أثبت التاريخ لا تسير بالضغوط»، وهي «شاؤوا أم لا لديها موقع جيوسياسي بارز». ومن الطبيعي أن لا تسير سورية بالضغوط وأن لا تقبل بها لأن قوتها من ذاتها أولاً، ولأنها ليست "مديونة" لأحد ثانياً، وثالثاً لأننا في سورية «لا نتلقى مساعدات من أحد، ونعتز بوحدة شعبنا والتحامه مع قيادته. نراهن أن صمودنا ينبع من هذا الواقع». ومن هنا أيضاً، كان الحديث عن الإصلاح والحاجة للإصلاح "سوريان" قبل أي كلام آخر، ومن أعلى المراجع في القيادة السورية، لماذا؟ لأن الإصلاح سيقوّي سورية، ولأن الإصلاح حاجة مستمرة لا تتوقف تفرضها صيرورة الأشياء، ولأن «برنامج الإصلاح سيجعل سورية تخرج من أزمتها أقوى».

وعندما تنظر سورية إلى العقوبات الأوروبية والأمريكية على أنها تعبّر عن منطق القوة وأن لا مستند قانونياً لها، وهي كذلك، يصبح من المنطقي والمشروع والواجب أن ترفض سورية هذه العقوبات وهذا المنطق القائم على التدخل في شؤون الآخرين، ومحاولة إخضاعهم، وأن تتصدى سورية للإجراءات الغربية بحقها، وأن تقوم بكلّ ما تستطيع لإبطال مفعولها، وأن تعيد حساباتها السياسية وتقييمها للأمور وللأصدقاء والحلفاء ولأوضاعها الداخلية ولعلاقاتها، وأن يقود الوزير المعلم في «الأيام المقبلة تحركات دبلوماسية مكثفة»، وأن يوضح الصورة التي لا تعني سورية وحدها بل إن «المخطط سيشمل كل الشرق الأوسط. كل العرب من دون استثناء».

ولذلك، فربما تعطي الأوضاع الخارجية الجديدة، الفرصة لسورية لتقييم الأمور من جديد، وبهدوء، وتسمح بالتقاط الأنفاس والعمل على تطوير وتحصين الوضع الداخلي وتقويته ومواصلة الإصلاحات الضرورية بالسرعة المطلوبة، بعيداً عن تدخلات الغرب وشروطه وعرقلته وممارساته التخريبية.

الوزير المعلم بكل ما يملك من خبرة ومصداقية ووزن واحترام عند المواطن السوري والعربي وعلى الصعيد الدولي، أكد بالأمس أن «سورية ستبقى سورية، والرئيس قائدنا. وأنا متأكد أننا سنخرج من هذه الأزمة أقوى وبوحدة وطنية أصلب، وسنعود للعب دورنا الجيوسياسي في المنطقة من أجل خدمة مصالحنا القومية والوطنية».

في النهاية، فإن سورية ستواصل برامج الإصلاح مع تمسكها التام باستقلالية قرارها الوطني وسيادتها التامة وحرصها على أمن مواطنيها ومستقبل شعبها، وحقه في الحصول على المزيد من التقدم والرفاهية.. وهذا له تكاليفه الكبيرة وسورية تدرك ذلك، وهي أكدت أنها مستعدة لدفعها، وأنها لن ترضخ للإملاءات التي لا تخدم مصالحها ولا تساعد في تلبية حاجاتها؛ فهل يفهم الآخرون ويكفّون عن مطالبتها بتغيير سياساتها، ويقتنعوا هم ويغيّروا سياساتهم القائمة على محاولة ابتزاز الآخرين.. وأن يتذكّر هؤلاء أنه ليس بمقدورهم التعامل مع كلّ الدول والقادة سواء وبنفس طريقة الإملاءات!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.