تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عزمي بشارة والتبييض

محطة أخبار سورية

خلال الشهرين الماضيين طالبني عدد من القراء بأن أبدي رأيي بالتحول الذي طرأ على سلوك وفكر عزمي بشارة، غير أني في كل مرة كنت أجد نفسي أمام موضوعات أكثر أهمية وإلحاحاً، إلا أن قارئاً من جبلة قال لي بجدية، إنني مسؤول أمامه بشكل مباشر، عن توضيح سلوك عزمي بشارة، لأنني قدمته وأدرت الحوار معه، خلال الدورة الأخيرة لمهرجان عاديات جبلة. وهنا أخرج الرجل من جيب سترته دفتراً صغيراً نظر فيه وقال لي بجدية:

«اسمع ماذا قلت في تقديمك لعزمي بشارة، قلت إنه ظلّ أميناً للثقافة، بوصفها ضمير الأمة، ولم يقع في مطب الإيديولوجيا أو الدوغما من جهة، ولم يؤجر ثقافته لأي سلطة من جهة أخرى... فهو لا يتجاهل عيوب الصديق ولا يضخم مثالب الخصم، بل يسعى إلى الحقيقة لإيمانه بأن الحقيقة وحدها هي التي يمكن أن تحررنا»

أغلق الرجل دفتره وأعاده إلى جيبه ثم نظر في عيني مباشرة قائلاً بجدية: «والآن قل لي، هل تظن أن عزمي بشارة لم يؤجر ثقافته لأي سلطة فعلاً كما وصفته؟»

قلت للرجل إنني مسؤول عن صحة كلماتي ضمن سياقها الفعلي، حتى وقت قولها، وإذا كان الرجل قد غادر الصورة التي وصفته بها الصيف الماضي فهذه مسؤوليته هو بالذات. فمن أين لي أن أعلم أن الرجل كان يخطط للاتفاق مع الحكومة القطرية لإنشاء «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة» وأنه «سيؤجر ثقافته» كمدير عام للمركز مقابل راتب شهري ضخم يصل إلى آلاف الدولارات؟

صحيح أن «الجزيرة» استقطبت، منذ انطلاقتها، أهم المعدين والمقدمين العرب ما أضفى عليها مستوى حرفياً عالياً، إلا أنني لم أمنحها ثقتي الكاملة يوماً، نظراً لأنها أول وسيلة إعلام عربية تتيح للصهاينة أن يبرروا جرائمهم وينشروا أكاذيبهم على هوائها، كما أنني لم أقتنع يوماً بنزاهتها، لأنها لم يسبق أن تعرضت في أي من برامجها لأي مشكلة قطرية رغم وقوع أحداث كبرى في البلاد، مثل انقلاب الأمير على أبيه وحدوث تمرد وانقلاب مضاد... الخ.

كما أنها كانت ولا تزال تبث في ظل قاعدة السيلية، التي هي أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الوطن العربي، وفي ظل أمير قام بزيارات سرية متكررة لإسرائيل ولديه مكتب إسرائيلي للتمثيل التجاري.

نعم، كنت أعتقد حتى وقت قريب، أن عزمي بشارة يتعاون مع الجزيرة من موقعه كمثقف مستقل، على طريقة هيكل، لكن الفيديو الذي قامت إدارة موقع يوتيوب بحذفه مرتين بناء على طلب الجزيرة، قطع الشك باليقين، فقد ظهر بشارة وهو يذعن لإملاءات الصحفي السعودي علي الظفيري بعدم التعمّق في موضوع الثورة الشعبية في البحرين والتركيز على سورية وليبيا، وقد وصل الأمر إلى مستوى الفضيحة المدوية عندما خاطب الصحفي عزمي بشارة معبراً عن تقديره لما سبق أن قاله في اللقاء: «بيضت صفحة المؤسسة هذا أهم شيء». يقصد صفحة مؤسسة الجزيرة طبعاً، وهذا يعني أن بشارة قد غادر مكانته كمفكر عربي وانزلق، على حد قول الظفيري، للعمل في «التبييض».

                                                                    حسن م. يوسف

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.