تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الوطن: رد سوري «نوعي» على خطاب أوباما

مصدر الصورة
sns - الوطن

 

محطة أخبار سورية

في بادرة كأنها رد سوري مسبق على كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه «الثاني التاريخي» مساء الخميس الماضي، قامت الفضائية السورية ببث خطاب أوباما مباشرة على الهواء مع ترجمة إلى اللغة العربية، وبوجود محللين سياسيين في الأستوديو يعلقون مباشرة على الكلام دون انتظار الرد الرسمي السوري الذي لم يصدر حتى الآن، وقد لا يصدر.

 

ولم يظهر أي جديد في كلام الرئيس أوباما عن سورية، فالموقف الأميركي سبق أن عبرت عنه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وعدد آخر من المسؤولين الأميركيين. ورغب التلفزيون على ما يبدو بخطوته هذه أن يقول إن كل ما يمكن أن يأتي على لسان رئيس أكبر دولة بالعالم لا يخيف سورية الرسمية والشعبية، في إشارة إلى تبدل في السياسة الإعلامية السورية وانفتاحها على كل الآراء بما فيها رأي الرئيس الأميركي.

 

واللافت في كلام أوباما أنه لم يكن بعيداً من الخطاب الرسمي السوري فيما يخص الإصلاحات، فسورية سبق أن أعلنت حزمة إصلاحات سياسة واقتصادية بدأت فيها منذ سنوات وليس أشهراً، وقال الرئيس بشار الأسد في خطابه أمام مجلس الشعب إنه حصل تأخير في تطبيق الإصلاح السياسي الذي أقر عام 2005 وذلك نتيجة لما تعرضت له سورية من ضغوطات خارجية، وأيضاً من روتين وبيروقراطية غير مبررين، لكن الواضح أنه منذ اندلاع حركة الاحتجاجات في سورية تم تسريع حركة الإصلاح بحيث تأتي بنتائج سريعة وصدرت قوانين وهناك قوانين أخرى ستصدر قريباً ومنها قانون الأحزاب السياسية وقانون عصري للإعلام ما سيؤدي إلى فتح سقف الحريات العامة وإطلاق الحياة الديمقراطية.

 

وكرر الرئيس الأسد كلامه أمام عدد كبير من زواره الذين استقبلهم واستمع مباشرة منهم إلى هموم المواطنين في مختلف المحافظات، وإذا كنا نذكر بهذه التفاصيل فهي لتأكيد أن الإصلاحات التي طالب بها الرئيس باراك أوباما لا يمكن أن تكون إملاءات أميركية ما دامت مطلباً سورياً مقراً منذ ستة أعوام ويتم العمل عليها الآن لتصدر قريباً وتدخل سورية في مرحلة جديدة عنوانها الديمقراطية والتعددية الحزبية.

 

لكن المؤسف في خطاب الرئيس الأميركي، قراءته لأحداث سورية من وجهة نظر بعض الفضائيات وشهود العيان وبعض الأفلام المفبركة وعدم تطرقه إلى أعمال العنف والتخريب والقتل والتحريض الطائفي التي قامت بها مجموعة من المجرمين، واستشهد على أثرها أكثر من 150 عسكرياً سورياً، وجرح أكثر من ألف وكذلك عدد كبير من المدنيين، علماً أن أوباما ذاته كان تحدث منذ أسابيع عن عنف المتظاهرين، لكن يبدو أن ذاك الكلام كان هفوة أو زلة لسان، فمن الواضح من خلال الخطاب الأخير أن أوباما لا يرى إلا متظاهرين سلميين في سورية.

 

وجعل تجاهل أوباما للأحداث الدامية التي حصلت في العديد من المناطق السورية، أغلبية السوريين ينددون بالخطاب الذي بدا وكأنه «انتهازي» يستغل مسيرة الإصلاح والقوانين التي يتم إعدادها والحوار الذي انطلق مع عدة شخصيات وطنية معارضة «فيركب» الموجة ويهدد ويرشي وينصب نفسه زعيماً للإصلاح في كل العالم العربي، ناسياً أو متناسياً سجل بلاده في ازدواجية المعايير والقتل والتعذيب، الأمر الذي يمكن لأي طفل عربي أينما كان الحديث عنه، وخاصة أن السياسة الأميركية في الأعوام التي سبقت وصول أوباما عرت مواقف الولايات المتحدة وفضحتها أمام الرأي العام العربي والأوروبي والأميركي أيضاً.

 

ولهذا السبب كان وصول الرئيس باراك أوباما إلى سدة الرئاسة عام 2008 حدثاً مفرحاً لكل العالم، وولد أمل عند الشعوب بأن تصبح واشنطن قبلة للعدل والعدالة وفرض القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، لكن سرعان ما أنهت إسرائيل هذه الآمال وصفعت الإدارة الأميركية أكثر من مرة واضعة حداً لمشاريع أوباما وإدارته، صفعة تلو الأخرى، وآخرها الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة في القدس المحتلة في رد مباشر على خطاب الرئيس الأميركي الذي تحدث عن انسحاب إسرائيلي لحدود عام 1967.

 

وبعد أوباما سيكون غداً دور الاتحاد الأوروبي الذي من المتوقع أن يصدر بدوره لائحة عقوبات جديدة على سورية، مستنداً أيضاً إلى الأفلام والروايات وشهود العيان ذاتهم الذين اعتمد عليهم أوباما في خطابه.

 

وكان السوريون يتمنون لو قام الاتحاد الأوروبي بدلاً من فرض عقوبات أن يرسل بخبراء الإصلاح يساعدون القيادة السورية في صياغة القوانين وترسيخ ثقافة الديمقراطية التي تبدو غائبة في ظل كل هذا التخريب الذي نشهده في تظاهرات من المفترض أن تكون سلمية، ولكن يبدو أن ثمة قراراً متخذاً مسبقاً بزيادة الضغط على دمشق والتدرج في العقوبات وتجاهل وجود مجرمين وقتلة واتهام السلطة بكل قتيل يسقط على أرض سورية، إلى أن نصل إلى مرحلة التفاوض وهي بدأت على ما يبدو وهذا ما نشرته صحيفة «الأخبار» في حديثها عن عروض تلقتها دمشق لفك ارتباطها بطهران وحزب اللـه وحماس والحصول على 20 مليار دولار.. عروض رفضتها دمشق كما سبق أن رفضت أفضل منها في السنوات السابقة، وهو الأمر الذي يعني أن الأسلوب الأميركي لم يتغير حتى في عهد أوباما، كما يعيد التذكير بأن المبادئ السورية لن تتغير حتى في مرحلة ما بعد أوباما.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.