تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فهمي الهويدي: أيكون الاعتصام هو الحل؟

 

محطة أخبار سورية

أيكون الاعتصام هو الحل؟ سؤال الوقت في ميدان التحرير هو: هل ينفض الاعتصام الذي دخل أسبوعه الثالث أم لا؟.. معلوماتي أن الأغلبية تؤيد فض الاعتصام، وأن لجنة النظام التي كانت تتولي أمر الدخول إلي الميدان أنهت مهمتها فعلا، إلا أن الأقلية المؤيدة للاستمرار لا يستهان بها، لأنه إذا كان عدد المقيمين في الميدان يقدر بعشرات الألوف في الأيام العادية، فإن تلك الأقلية السابقة الذكر تضم عدة ألوف. وبالتالي فإنها ليست من قبيل الأعداد التي يمكن تجاهل حضورها.

 

مما سمعته، فإن رأي كل طرف لا يخلو من وجاهة. ذلك أن رحيل الرئيس مبارك ونائبه الذي اكتشفنا أنه نسخة أخري منه بعدما أحسنا به الظن حينًا من الدهر، هذه الخطوة بالغة الأهمية، تشكل المفتاح الأساسي للتحول التاريخي الذي حدث في مصر

 

. أما الخطوات التي يفترض أن تتم بعد ذلك، فهي من مسئولية السلطة الجديدة والمجتمع الذي ينبغي أن يظل مفتوح الأعين لحراسة المكسب الكبير الذي حققه. في رأي دعاة فض الاعتصام أيضا أن إخلاء ميدان التحرير لن يعني اختفاء الغاضبين أو ذوبانهم، لأن الروح الجديدة التي سرت في مصر لن تنطفئ جذوتها بسهولة. بما يعني أن جموع الغاضبين ستظل حاضرة ومستنفرة، بحيث يكون بمقدورها أن تعود إلي الاعتصام إذا جد ما يستدعي ذلك مرة أخري.

 

من رأيهم أيضا أن استمرار الاعتصام حتى تتحقق المطالب متعذر من الناحية العملية، ليس فقط لأن المعتصمين قد تضعف همتهم وتتراجع أعدادهم إذا طال بهم الأجل في الميدان، ولكن أيضا لأن حجم التشوهات التي خلفها النظام السابق من الجسامة بحيث إن إصلاح ما أفسده يحتاج إلي وقت لا يعلم بحدوده إلا الله.

 

باختصار فإن هذا الفريق يري أن جماعات الغاضبين أدت ما عليها، حين أعادت إحياء الأمل في ربوع مصر، وعلي المجتمع ممثلا في فئاته ومؤسساته المختلفة أن يتحمل مسئوليته تجاه تحقيق ذلك الأمل.

 

معارضو فض الاعتصام يقولون إن غضبة الملايين ودماء الشهداء والجرحى التي سالت تستحق أن تستمر الوقفة في ميدان التحرير للاطمئنان إلي أن الثمن الذي دفع لم يذهب هباء. وفي رأيهم أن موقف قيادة القوات المسلحة كان شريفا ونبيلا حقا، لكن البيانات التي صدرت عنهم حتي الآن لجأت إلي التعميم وإطلاق الوعود، دون أي إشارة إلي آجال زمنية محددة تطمئن الناس إلي توقيت انجاز تلك الوعود.

 

علي صعيد آخر، فان ثمة تصرفات تقلق المعتصمين وغيرهم، منها مثلا أن بعض زملائهم يتم اعتقالهم واقتيادهم للاستجواب في مقر المتحف المصري المطل علي ميدان التحرير. وتروج بينهم أخبار أن بعض غرف المتحف كانت قد خصصت لتعذيب المتظاهرين، علي الأقل قبل تنحي الرئيس مبارك. صحيح أن أغلب الذين يتعرضون للاستجواب يطلق سراحهم بعد ذلك، لكنهم لا يعرفون مصير زملائهم الذين يستبقون، ولا يعرفون ما هي الجهة التي تتولي استجوابهم، لأن الذين يقومون بهذه المهمة يرتدون ثيابا مدنية تخفي هويتهم الحقيقية.

 

في هذا الصدد، فإنه يقلقهم أن المحققين لايزالون يسألون المتظاهرين الموقوفين عما إذا كانوا مدفوعين من أي جهات خارجية أم لا. ويضاعف من قلقهم وإدراكهم أن الجهات التي تتولي تلك التحقيقات يبدو أنها لم تقتنع بعد بأن تلك ثورة وطنية قام بها أبناء مصر الشرفاء، وأنها كانت تعبيرا عن أشواق مصرية وليست تنفيذا لأجندات أجنبية، كما ذكر اللواء عمر سليمان في حواره مع التليفزيون الأمريكي الذي أهان فيه الشعب المصري، حين اعتبر أنه غير مؤهل للممارسة الديمقراطية.

 

يقولون كذلك إن من حق مصر الغاضبة قبل أن ينهي أبناؤها اعتصامهم أن يتحققوا من اتخاذ خطوات عملية من جانب القادة الجدد، تتمثل مثلا في إطلاق جميع سجناء الرأي، وفي إلغاء المحاكم العسكرية والاستثنائية، وفي تحديد موعد لإنهاء حالة الطوارئ حتى يسترد المجتمع كرامته ويتحرر من الوصاية والذل. وإذ رحبوا بإقالة وزير الإعلام الذي كان رمزا كريها لعصر ما قبل 25 يناير، إلا أنهم يعتبرون أن الإعلام المصري الرسمي والصحف القومية علي الأقل لاتزال في قبضة رموز ذلك العصر. من ثم فإنهم يخلصون إلي أنه ما لم يتحقق شيء من ذلك سيظل الاعتصام هو الحل.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.