تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

انتفاضة مصر تربك الغرب وتوقعه في مأزق؟!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

كثيرة هي الأمثال والأقوال التي تعكس حال الإرباك في الموقف الغربي ولاسيما الأمريكي والفرنسي تجاه الأوضاع المتفجرة والمفاجئة في جمهورية مصر العربية. وبينما تتعدّد أسباب الإرباك، يمكن القول أن سبب القلق مما يجري في مصر واحد: هو حماية المصالح الغربية وإسرائيل ومصالحها، أما النظام المصري ورئيسه حسني مبارك والشعب المصري، فهم آخر الاهتمام. ويمكننا القول أن كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل تحاول وضع رجل في ركاب النظام المصري، والرجل الأخرى في ركاب الثورة المصرية، أو أن هذه الدول تضرب ضربة على الحافر وأخرى على المسمار، أو باللغة السياسية، تحاول إمساك العصا من منتصفها.

وسنحاول فيما يلي البحث في الأسباب التي تجعل هذه الدول تختبئ خلف المواقف الرمادية، ومعرفة إلى أي حدّ تستطيع أن تستمر في هذه المواقف الرمادية.

أولاً، لا نذيع سراً أن هذه الدول دعمت النظام المصري والرئيس مبارك طوال العقود الثلاثة الماضية وأقامت معه أفضل العلاقات. وهي ليست سعيدة بزواله أو رحيله (إلا إذا كان قد انتهى مفعوله، وهو ما يبدو كذلك)، ولكن الواقع الشعبي الرافض لاستمراره، فرض عليها قسريّاً هذا الخيار.. ولذلك، فهي تناور الآن حتى يتضح وينجلي الموقف على الأرض.

وهذا ما يفسّر الموقف الرمادي والملتبس أو إمساك العصا من المنتصف. فإذا تمكن الشعب المصري، كما في تونس، من إسقاط النظام وإجبار الرئيس حسني مبارك على الرحيل، سارعت هذه الدول إلى إمساك العصا من طرفها وضربت بالطرف الآخر على قفا الرئيس المخلوع ونظامه، وتبنت الموقف الشعبي وعاجلت بناء الخيوط معه حفاظا على مصالحها. أما إذا استطاع النظام الاستمرار، فهي سوف تستمر في التعامل معه ولاسيما بعد إضعافه، مما يمكنها من فرض المزيد من الضغوط والتنازلات عليه، والاستمرار بالمقابل، بالحديث عن الإصلاحات الديمقراطية والاجتماعية وفرص العمل والانتخابات الحرّة...الخ ومثل هذا الكلام من اللازمة الغربية التي يتم استخدامها دائماً عند الحاجة لممارسة الضغوط على أي دولة من الدول.

ثانياً، ولعل ما يؤخر الحسم في الموقف الغربي هو مسالة "الخلف". أو بمعنى آخر، ماذا بعد؟ فهذه الدول غير متيقنة مما سيحدث بعد رحيل مبارك ونظامه. وهي تخشى أن يحكم مصر أطراف أخرى تنتقل بمصر إلى موقع آخر بعيداً عن كامب ديفيد وقيودها، وتعيد مصر إلى تاريخها وعروبتها. وربما باتت الولايات المتحدة وفرنسا ميّالة أو مقتنعة بأن حقبة الرئيس حسني مبارك قد انتهت عمليا، ولذلك بدأت الدولتان الابتعاد التدريجي عنه والحديث عن التحدي الداهم وهو معالجة عملية الانتقال الى قيادة جديدة.  وفي هذا السياق، كررت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الحديث عن انتخاب رئيس جديد وقالت: "لقد كنا واضحين جداً أننا نريد عملية انتقالية الى الديمقراطية... ونحن نريد ان نرى ذلك النوع من الخطوات التي تؤدي الى ذلك. نريد عملية انتقالية سلمية".

ويرى كثيرون أن نبرة الوزيرة كلينتون تعكس عمق مشاعر الإحباط والاستياء التي يشعر بها المسؤولون الأميركيون من جراء بطء السيد مبارك وتردده في اتخاذ الإجراءات والخطوات الإصلاحية الملموسة التي تتوقعها واشنطن، مما سرّع في الوصول إلى المأزق الذي تم الوصول إليه والدخول فيه.

ولعلّ أكثر ما يخشاه الغرب وإسرائيل هو أن يأتي نظام جديد في مصر يفاجئ الغرب كما فاجأه الشعب التونسي وحجم تحرك الشعب المصري وسرعته، ويبعد مصر عن الحلف الغربي وما يسمى بحلف الاعتدال باتجاه حلف الممانعة والمقاومة وبوتيرة أسرع مما يتوقع هذا الغرب وقبل أن يرتب أوراقه لمواجهة المشهد الجديد..

وقد لخص قال السفير التركي المتقاعد اينال باتو الموقف الأمريكي والغربي بالقول: "إن الولايات المتحدة تتابع عن كثب الأوضاع، نظرا لوجود معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل.... واشنطن تحاول أن تتعاطف مع المتظاهرين ومع مبارك، لكن إن توجب عليها الاختيار فستتخلى عن مبارك كما تخلت عن الشاه في إيران. وأضاف إن لدى الولايات المتحدة أولويتين: عدم تأثير الإخوان المسلمين على السلطة واستمرار العلاقات الجيدة مع إسرائيل، أما الديمقراطية فلا تهم أميركا في شيء".

وما يؤكد الازدواجية الغربية، هو الحديث عن الديمقراطية والإصلاح والنظام الديمقراطي... الخ. فمنذ ثلاثين عاماً وهناك أنظمة عديدة في العالم العربي والعالم الثالث عموماً، ليست ديمقراطية ولكنها حليفة جداً للدول الغربية وللولايات المتحدة ومقربة منها. فلماذا لم تلاحظ الدول الغربية، والولايات المتحدة خصيصاً، أن شعوب هذه الدول تتعرض للضغوط ولماذا لم تدعم واشنطن الحقوق الدولية لشعوب هذه الدول..  لقد فضحت التجربة المصرية الحالية زيف هذا الغرب وبرهنت على أنه "يبازر" على حقوق الشعوب وأن دعمه للديمقراطية ليس حقيقياً، بل هو ستار يجري خلفه تحقيق غايات ومصالح أخرى كما حصل في العراق من قبل.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.