تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هاآرتس.. الرئيس الذي فقد مصر

 

المصدر: "هاآرتس ـ ألوف بن"

" يتم تذكر جيمي كارتر في التاريخ الامريكي بأنه الرئيس الذي "فقد ايران"، التي انتقلت في مدة ولايته من كونها حليفة مركزية للولايات المتحدة الى كونها جمهورية اسلامية ثورية. وسيتم تذكر براك اوباما بأنه رئيس "فقد" تركيا ولبنان ومصر، وانه قد انهار في زمن حكمه نظام أحلاف امريكا في الشرق الاوسط.

الظروف متشابهة في التحليل السطحي. فامريكا الخاضعة لازمة اقتصادية وبعد حروب فاشلة في ايام كارتر كما في ايام اوباما، تفقد من قوتها العالمية بقيادة رئيس من اليسار تُفسر نواياه الخيرة في العالم بأنها تعبير عن الضعف. تلاحظ النتيجة في سقوط نظم الحكم التي اعتمدت على قربها من واشنطن أو بتغير اتجاهها كما حدث في أنقرة.

لا شك في ان ضعف امريكا العام يؤثر في اصدقائها تأثيرا سيئا. لكن اوباما بخلاف كارتر الذي دعا الى حقوق الانسان ولو كان ثمن ذلك المس بالحلفاء، جلس على الجدار وتصرف في حذر. لم يحتضن الحكام المكروهين لكنه امتنع عن الدعوة الى الحرية السياسية خشية فقدان الاستقرار.

بدأ اوباما ولايته برحلات الى تركيا والسعودية ومصر، وحاول في خطابيه في أنقرة والقاهرة أن ينشيء علاقات جديدة بين امريكا والعالم الاسلامي. فكانت رسالته للمسلمين: أنا واحد منكم، وعزز ذلك باقتباس آيات من القرآن. وعندما حضر الى جامعة القاهرة، لم يظهر الرئيس المضيف حسني مبارك الى جانبه على المنصة ولم يذكره اوباما في خطابه. لكن اوباما كان حذرا من دعوة صريحة الى الديمقراطية والحرية كما فعل سلفه المكروه جورج بوش.

آمن اوباما كما يبدو بأن المشكلة المركزية في الشرق الاوسط هي الاحتلال الاسرائيلي للمناطق، وحصر سياسته في الطلب الى اسرائيل ان تجمد الاستيطان، وفي محاولة فاشلة لتجديد التفاوض في انشاء دولة فلسطينية. وقد جعله فشله ينفض يديه من المسيرة السلمية ويحصر عنايته في منع حرب بين اسرائيل وايران.

نشأ في امريكا جدل طوال الوقت في هل تلائم سياسة اوباما الظروف أو أنها تسعى الى الاهداف غير الصحيحة. أثار عليه تجاهله حقوق الانسان في الدول العربية نقدا شديدا بزعم انه يضيع من يديه روح الزمان ويتمسك بحكام متعبين فاسدين. كثرت في الشهور الاخيرة المقالات في صحف الغرب التي تحدثت عن نهاية نظام مبارك القريبة في مصر، ودعت اوباما الى مد اليد للمعارضة. وكان الشعور بأن مؤسسة السياسة الخارجية في امريكا تتخلى عن مرعيها القديم في القاهرة وأن الادارة الامريكية تتخلف وراء أصحاب الأعمدة الصحفية والخبراء.

دُفعت الادارة الى معضلة. يمكن ان نُخمن ان اوباما شايع قلبيا مؤيدي الديمقراطية في مصر لا الطاغية العجوز. لكن القوة العالمية ليست حركة حقوق المواطن. لانها اذا تخلت عن حلفائها في اللحظة التي يُدفعون فيها الى صعوبات فمن ذا يستطيع الاعتماد على تأييدها غدا؟ هذا هو السبب الذي جعل اوباما يقف الى جانب مبارك الى أن هزم كبر المظاهرات نظام حكمه في يوم الجمعة.

أوضحت ثورات الشارع في تونس ومصر ان امريكا تستطيع فعل القليل جدا لانقاذ مقربيها من غضب رعاياهم. سيتهمون اوباما الآن بأنه لم يقترب في الوقت من قادة المعارضة المصرية ولم يطلب بصوت عال الى مبارك أن يُسرح معارضيه من سجونهم. وسيدعون عليه انه لم يضغط ضغطا كافيا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لوقف الاستيطان وليخفف بذلك وعلى نحو غير مباشر الغضب الطاغي في العالم الاسلامي. لكن هذه حكمة متأخرة. فليس يوجد أي يقين في ان الجماهير المصرية أو التونسية كانت مستعدة للاستمرار في العيش تحت القمع حتى لو جُمد البناء في اريئيل أو خرج بعض المعارضين من السجون.

سيحاول اوباما الآن خفض رأسه وانتظار ان تستنفد موجة الثورات نفسها، وأن ينشيء علاقات بالحكام الجدد في المنطقة. ليس من اليقين ان يلائم ورثة مبارك قادة ايران وان يستعملوا سياسة معادية لامريكا متطرفة. قد يحاولون تقليد رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان الذي يُداور بين القوى والكتل دون ان يتخلى عن العضوية في حلف شمال الاطلسي وعن العلاقات الامنية بالولايات المتحدة. أحرز اردوغان صفقة جيدة لتركيا التي تتمتع باستقرار سياسي ونمو اقتصادي دون ان يكون في جيب أحد. وقد يلائم هذا مصر ايضا".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.