محطة أخبار سورية
منذ اليوم الأول لاندلاع المظاهرات في جمهورية مصر العربية، بدا الترقب والقلق الإسرائيليان واضحان وكبيران، وحاولت الحكومة الإسرائيلية التكتم على هذا القلق وإخفاءه، ولكن التسريبات والتغطية الإعلامية الواسعة وتعليقات الصحف فضحت حجم هذا القلق وأبعاده وأسبابه.
وبالبحث عن أسباب هذا القلق يمكن القول أن إسرائيل، وبعدما خسرت حليفيها السابقين إيران وتركيا، الذين تحولا عنها وأقاما علاقات إستراتيجية مع سورية التي تقود جبهة المقاومة ضدها، ضعفت كثيراً في المنطقة وتجردت من أصدقاء أقوياء يمكنها الاعتماد عليهم سياسيا واقتصادياً. واستفادت إسرائيل منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر عام 1979، من الفراغ الذي تركته مصر في الجانب المقاوم، بسبب خروجها من المواجهة، للمحافظة على التفوق والردع الإسرائيلي مع الدول العربية الأخرى.
وسبب الخوف الإسرائيلي أن سقوط النظام المصري الذي يقيم علاقات وثيقة مع إسرائيل والولايات المتحدة، قد يعني تبديلا في موقع مصر ودورها، وعودة مصر إلى روحها العربية وموقعها التاريخي وممارسة دورها القومي. وبكلام آخر، يعني انتقال مصر من ضفة إلى أخرى، وتبدل دورها المساعد في بقاء إسرائيل. وبمعنى أوضح؛ فإن سقوط النظام المصري يعني خسارة إسرائيل آخر حليف إستراتيجي لها في المنطقة، وربما صعود قوى أخرى في مصر لن تكون مريحة أبداً لتل أبيب.. لاسيما مع تقدم محور الممانعة وتحقيقه انتصارات متتالية وإثباته أنه الأقوى والمدعوم جماهيرياً بخياراته.. وبالتالي فإن الحدود الآمنة والهادئة التي تنعم بها إسرائيل مع مصر لن تكون كذلك بعد الآن.. ومن هنا، فإذا كان هناك تغيير في النظام المصري، أم لم يكن، فستسعى إسرائيل، وربما بدأت بذلك بعد سقوط الرئيس التونسي، إلى مراجعة سياساتها وحساباتها وكيفية حماية حدودها ونفسها، وستفكر ألف مرّة بما قد يحصل من حولها وانعكاساته عليها.. فكّر في غزّة فقط والحصار الذي تفرضه مصر عليها..
ولذلك، فإن إسرائيل، ولولا الحرج، ربما لتدخلت وعملت على حماية النظام المصري من السقوط ومدّته بكل أنواع القوة، لأن سقوط النظام المصري يعني بداية النهاية لإسرائيل. حتى أن أحد المصادر الإسرائيليةقال إن «سقوط نظام مبارك سيكون كارثة إستراتيجية بالنسبة الى إسرائيل».. ولذلك بدا التعاطف الإسرائيلي مع النظام المصري واضحاً أيضاً في العناوين والصور التي نشرها وبثها الإعلام الإسرائيلي، فيما حذرت التحليلات من أن «الوضع القابل للانفجار في بيروت والقاهرة يهدد بتغيير وجه الشرق الأوسط».
