تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

في النهاية.. الحقائق تؤكد: لا زعامة إلاّ للشعب

 

صابر سميح بن عامر

في الليلة الفاصلة بين سقوط النظام التونسي وقرار شعب حُر بتونس الكرامة، كنا كتبنا في مثل هذا العمود مقالا تحت عنوان "منظّمة جمع الأموال المُتّحدة!" تحدّثنا فيه عن زعامة "الزعيم" عادل إمام كبطل مصرفي دون منازع الذي بلغ أجره عن حملة إعلانية لصالح إحدى شركات الاتصالات "أربعة ملايين دولار"!

 

وما يعنيه هذا الرقم من استثمار وتوظيف ممنهج لرجال الفن والثقافة لصالح أصحاب رؤوس الأموال الخاصة والحسابات البنكيّة الأكثر خصوصيّة على حساب الشعوب وقراراتها، لنوغل في القول أن هذا الاستثمار يتعدّى الإعلان والإشهار لينتصر لكل صنّاع القرار السياسي في بلداننا العربية من الماء إلى الماء، فترى النجم فيهم يُستثمر ماديا ومعنويا لصالح حزب ما ورئيس ما لامتصاص ما بقي من دماء الشعوب.

 

لنختم بما يلي: هو توظيف سياسي لكل ماهو ثقافي مُؤثّر لا يظهر وللأسف الشديد، في مجتمعاتنا العربيّة إلاّ في الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلّف السياسيين ما كلّفهم، ومصر و"شعبولا" ومناهضة حركات "كفاية" أكبر دليل على هذا الاحتواء والإجبار على الانتماء.

 

أما في أيام الرخاء فالضرائب على الفن كثيرة والرقابة على المصنّفات الفنيّة شديدة والتهميش والإقصاء للفنانين والمثقفين هي لغة المرحلة الى أن يُهدّد الواحد منهم بالرحيل، فيستعيد خلّه اللدود ليفتح له كل الحدود المُوصدة دونه ودون هتاف الجماهير باسمه واسهاماته وانجازاته، ليعود ذاك الخلّ اللدود بعد تضافر الجهود وتحقّق المنشود الى صفوف الجماهير، لا هو سلطان ولا أمير وفي أقصى تقدير سيكافأ إذا انتقل الى جوار ربّه بجنازة عسكريّة تخلّد اسهاماته التاريخية في استقرار الأوضاع لغيره!

 

وعليه نقول بعد أسبوع تونسيّ مُتسارع الأحداث سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وخاصة ثقافيا أن من لم يكُن مناّ على خطيئة فهو كاذب أفّاق، فثورة الشعب التونسي لم تأت بها الأحزاب السياسية ولا المنظمات الحقوقية ولا النخب الثقافية، بل هي ثورة من عمق الشارع، ووجب علينا نحن كمثقفين وسياسيين واقتصاديين وكل أطياف المُجتمع المدني الإعتذار الى هذا الشعب الذي منحنا الحريّة فبتنا نمتطيها على صهوة جواد جامح لا نعلم الى أين سيرمينا اذا لم نحتكم الى الإتزان والعقلانية وخاصة الى صفة انسانيّة عمّقها الشارع التونسي في لجان الأحياء التي هبّت طوعا كما أتت الثورة طوعا للذود عن تونس الكرامة، ألا وهي التسامح.

 

التسامح هو العنوان الأبرز لهذه المرحلة التي اختلط فيها الكل بالكل والجزء بالجزء لنعيش حراكا سياسيا وثقافيا نودّه لصالح تونس والتونسيين الذين أثبتوا للعالم كلّه أنه شعب استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من استثناء لا إقصاء باسم شهدائها الأبرار.

 

قلناها سابقا ونعيدها اليوم تونس ليست بالمدينة الفاضلة، تونس بلد من دم وعرق وجهد، والزمن والتاريخ والحريات ستشهد لشعب تونس قبل سياسييها واقتصادييها ومثقفيها أن الشعب إذا أراد يوما الحياة.. فلا بدّ أن يستجيب "الوطن".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.