تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جنوب السودان: تسريح بإحسان!!

خاص محطة أخبار سورية

من شاهد الرئيس السوداني أمس أثناء زيارته إلى جوبا في الجنوب السوداني، شعر وكأنه يتم استقباله في دولة أخرى وبلد أخر مستقل تماماً وليس في جزء أو محافظة من البلاد التي يحكمها.

في الشكل، بسط له نائبه ورئيس حكومة جنوب السودان سالفا كير السجاد الأحمر في مطار المدينة، وألبسه عباءة ترمز للجنوب، ودعا عددا من القياديين الجنوبيين لاستقباله واستعرض البشير حرس الشرف، وخارج المطار تجمع أشخاص يرفعون شعارات ضد الوحدة وتدعم استقلال الجنوب وأعلاما جنوبية في أجواء احتفالية. بدا الرئيس السوداني عمر البشير في جوبا وكأنه في زيارة وداعية لهذا الجزء من بلاده، وبالتالي لوحدة هذه البلاد التي أصبح من شبه المؤكد إعلان نهايتها بعد استفتاء الأحد المقبل في التاسع من الشهر الحالي.

أما في المضمون، فقد بيّنت تصريحات الطرفين وتأكيداتهم واتفاقاتهم الإقرار المسبق بنتيجة الاستفتاء الانفصالي المقرر. الرئيس البشير الذي عبّر عن قناعته أن "الوحدة هي الأفضل للمواطن السوداني في الشمال والجنوب" أكد أنه "سيكون هناك حزن لأن السودان تقسم"، لكنه سيكون "سعيدا لو نحن بعد الاستفتاء وقيام الدولتين حققنا السلام الحقيقي والنهائي للسودان بطرفيه الاثنين".

إذن، الطلاق البائن بين الشمال والجنوب وقع قبل حصول الاستفتاء الذي تدعمه الجهات الغربية بتهديداتها وجيوشها ومبعوثيها وأسياطها العدلية ومحاكمها المسيّسة وقراراتها المدروسة بعناية وتركيز والتي تم التخطيط والتحضير لها منذ وقت طويل.

زيارة البشير بالأمس، لم تكن للدعوة إلى الحفاظ على خيار الوحدة التي يبدو أنها أصبحت عبئاً على الجميع، بل كانت لتقليل الخسائر التي من المؤكد أنها لم تبدأ بعد، والتي يبدو أن الانفصال ليس آخرها.. كيف سيتم الحفاظ على روابط جيدة مع الجنوب، بعد الاستفتاء، وكيف سيتم التعامل مع موضوع الأمن وكيف ستقسم عائدات النفط وكيف سترسم الحدود، وكيف سيتمكن الطرفان من تجنب نشوء صراع على مصير منطقة آبيي.. كلها مواضيع للنقاش والتفاوض وممارسة الضغوط.. لكن المهم في ختام الزيارة تأكيد التزام الطرفين بعدم السماح بوجود معارضة لكل منهما لدى الطرف الأخر..

قبل الاستفتاء بأيام، استنفرت وسائل الإعلام العربية والفضائيات الإخبارية، للبث وإعداد التقارير والأخبار والتصريحات من السودان في انتظار أن تشهد على الانفصال القادم…. صحيفة الحياة(5/1) عنونت: جوبا في وداع الرئيس السوداني: باي باي بشير... باي باي وحدة. وقالت إن الاستقبال الشعبي الذي لقيه البشير في الإقليم كان بمثابة وداع قبل الانفصال المرتقب عن الشمال في استفتاء تقرير المصير الذي يبدأ الأحد المقبل.. واعتبرت السفير (5/1) أن البشير ودّع أمس الوحدة الوطنية السودانية التي اؤتمن على حمايتها لكنه أهدرها.

ترى، هل أنقذ الرئيس البشير رأسه ونظامه وسلّم السودان مقابل ذلك، عندما تحدى المحكمة الدولية التي اتهمته بجرائم حرب، أم أن ما قدمه أول الغيث، والآتي أعظم ومن يقول واحد يقول اثنان وثلاثة وأربعة.. كما يقول المثل الألماني، وبالتالي ستكرّ سبّحة التنازلات؟؟

يوم الخميس, 23 كانون الأول 2010، نشرت صحيفة الحياة خبراً تحدّث عن تطوّر خطير يمكن أن يفتح الباب أمام تفتت السودان في شكل أكبر. وأفادت أن قادة «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان اللتين شملهما اتفاق السلام في جنوب البلاد، هددوا بالمطالبة بحق تقرير مصير المنطقتين أسوة بالجنوب في حال لم تحافظ الخرطوم على مكتسبات الاتفاق ولم تشاورهما في تعديل الدستور عقب الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. ولكن في الخبر أيضاً تأكيد للرئيس البشير أن "انفصال جنوب السودان لن يكون نهاية التاريخ".

بالتأكيد لن يكون نهاية التاريخ، بل بداية تاريخ جديد للسودان والمنطقة وهذا الجزء من العالم الذي تلعب فيه كلّ الأيادي الإقليمية والغريبة.. ولكن ربما يكون نهاية التاريخ لحكم البشير الذي تستعد حركات وأحزاب المعارضة لتوحيد صفوفها للإطاحة به.. وربما يكتشف يوماً انه قدّم الجنوب مقابل لا شيء، ولم يحسن قراءة الأمور بالشكل الصحيح.

بالأمس، أفتى60 عالماً من علماء الدين الإسلامي من مصر والسودان ونيجيريا والمغرب وليبيا ولبنان والسعودية وتركيا وفلسطين، بحرمة التصويت لانفصال جنوب السودان، محذرين في بيان لهم من خطورة الاستفتاء. ودعا العلماء قادة الأمة وأهل الرأي إلى اليقظة في مواجهة مخطط الكيان الصهيوني الساعي إلى تقسيم السودان، لأن المؤامرة لا تستهدف السودان وحده، (الخليج 5/1).

المشكلة..  بل المأساة، أننا جميعاً مقتنعين ان تقسيم السودان لا يستهدف السودان وحده، وأن الأيدي الاستعمارية والصهيونية هي خلف ما يجري في هذا البلد، وفي فلسطين وفي العراق واليمن مصر... ومع ذلك لم نحرّك ساكناً..  وقزمنا دورنا الى أضعف الايمان حيث نعارض الانفصال باللسان و الفتاوى..اللهم اشهد. 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.