تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مَن أولاً: دجاجة القرار الظني أم بيضة شهود الزور!؟

 محطة أخبار سورية

 

تدور معركة كبيرة إعلامية وسياسية و... بين فريقي السياسة في لبنان 8 و14 آذار حول موضوع المحكمة الدولية وقرارها الظني المرتقب صدوره لاحقاً، والذي يُتوقع، وبناء على المعلومات التي يتم تسريبها من هنا وهناك، أن يتم اتهام حزب الله وبالتالي النيل من المقاومة الوطنية اللبنانية.

وفيما يرى فريق 14 آذار أنه يجب انتظار صدور القرار الظني ليتم البناء عليه، يرى فريق 8 آذار أنه يجب محاكمة شهود الزور أولاً للوصول إلى حقيقة من وقف خلفهم ومن فبركهم ومن يحميهم وما يزال يموّلهم. ويرى أنه إذا كان فريق 14 آذار يرفع شعار العدالة، إلا أن ممارساته خلال الأعوام الماضية أظهرت أن العدالة هي آخر ما يريد، وأن غطاء المحكمة يستخدم لتحقيق أغراض وأهداف سياسية وسلطوية داخلية وإقليمية. ولذلك يتصرف فريق 8 آذار بعد التجربة الماضية، ولاسيما مع سورية، على قاعدة "ما متت، ما شفت مَن مات؟"، ومدفوعاً بعدة أسباب، منها:

 

أولاً، أنه لا يمكن الركون إلى المحكمة الدولية لأن مصداقيتها مشكوك بها إلى حدّ انعدامها. والتحقيق الدولي الذي تناوب عليه عدد من القضاة من ديتليف ميليس وحتى القضاة الحاليين، ليس محل ثقة، والطريقة التي تم تنفيذه بها في السابق تشير بوضوح إلى تسييسه. ويستند هؤلاء إلى موضوع اتهام سورية حيث تم الاتهام أولاً(تسمية متهم)، ثم جرى العمل على توفير القرائن لتثبيت التهمة (إثبات التهمة) بشكل يناقض كل أنواع التحقيقات المحلية والدولية ومنطق العدالة. فالقاعدة القانونية تقول إن المتهم بريء حتى يثبت العكس، في حين تم التصرف في هذا التحقيق الدولي على قاعدة أن المتهم مدان ويجب توفير وتجميع وخلق الأدلة، وهو لا يمكن ان يكون بريئاً. وبناء على هذا الافتراض تم سجن الضباط الأربعة في لبنان وتم استجماع عدد من شهود الزور وتم شنّ حملة سياسية وإعلامية هائلة على سورية وكل من يقف إلى جانب سورية.

ويرى فريق 8 آذار انه بعد استحالة تأكيد اتهام سورية، وتغيّر الظروف المحلية والإقليمية، تم التوجه إلى اتهام حزب الله. ويسأل هذا الفريق: من يدري أنه لن يتم التعامل مع حزب الله في الأعوام المقبلة كما تم التعامل مع سورية خلال الأعوام الخمسة الماضية عبر تزوير شهود زور جدد أو استخدام شهود الزور السابقين أو عبر تلفيق اتهامات ونصب مكائد جديدة!!

 

ثانياً، وبناء على ما تقدم وما جرى في الماضي، يرى فريق 8 آذار أنه لتأكيد حيادية ونزاهة المحكمة الدولية، على هذه المحكمة والقضاء اللبناني، أن يقوما بكشف شهود الزور ومحاكمتهم. لماذا؟ لأن ذلك من شأنه أن يكشف من موّلهم ومن وقف خلفهم وفبركهم ولقّنهم.  وبالتالي من أراد تزوير الحقيقة الفعلية وتثبيت حقيقة وهمية بدلاً عنها في الإعلام والسياسة ولدى الرأي العام و"في القضاء" وهذا هو الأهم. ويرى فريق 8 آذار أن على الفريق الآخر ان يساعد في هذا الاتجاه لمحاكمة شهود الزور لأن كشف شهود الزور سيعني كشف الحقيقة الفعلية والوصول إلى العدالة، ويبرر؛ أنه إذا كان لدى فريق 14 آذار، أدلة على شهود الزور وأن هذا الفريق يريد "الحقيقة والعدالة"، كما يدّعي، فما الذي يمنعه من المساعدة في كشف هؤلاء ومما يخاف!!

 

ثالثاً، يستند فريق 8 آذار إلى خوفه من المحكمة الدولية إلى معطيات كثيرة، منها:

 

أن هذه المحكمة تأكد أنها مسيّسة وأداة دولية للهجوم على المقاومة وأن ما لم يتم تحقيقه في حرب تموز عام 2006، تجري محاولة الحصول عليه عبر المحكمة الدولية وقراراتها المسيّسة.

 أنه بعد بدء التحقيق الدولي من قبل ديتليف ميليس قبل خمسة أعوام، لم ينتظر الفريق الثاني (14 آذار) للتأكد من اتهام سورية، بل تم تجريمها وإدانتها وتم شن هجوم إعلامي وسياسي عاصف عليها، قيادةً وحكومة وشعباً، وتم ضرب العلاقات اللبنانية ـ السورية وتخريبها. بمعنى أنه تم توجيه الاتهام، دون أدنى أدلة أو قرائن وبراهين، وقبل بدء التحقيق، وأدى إلى كل ما أدى إليه ضد سورية، وبالتالي، مَن يصدّق أن هؤلاء لن يكرروا الأمر مع حزب الله ويستغلوا الأمور والأوضاع للانقضاض على الحزب.. ليس إذا اتهم القرار الظني حزب الله أو أحد أفراده أو أحد أصدقائه، فحسب، بل لمجرد أن يشير إلى أي منهم إشارة فقط!! مَن سينتظر ليرى إذا كانت المحكمة ستستخدم قرائن أم أدلة ذات صدقية أم لا، مزورة أم لا، مفبركة أم لا؟؟

 مَن سيقرر بعد القرار الظني أن ما استندت إليه المحكمة قانوني وموثق وصحيح وليس مفبرك كما حصل في السابق؟ بمعنى هل هناك جهة ما تستطيع ان تحقق في مصداقية قرار المحكمة الذي سيصدر إذا ما وقع خلاف حوله؟؟والاهم من ذلك ان ما تم ضبطه من جواسيس وعملاء لاسرائيل في لبنان تمحورت جاسوسيتهم في قطاع الاتصالات وظهر واضحا سيطرة اسرائيل واختراقها لقطاع الاتصالات في لبنان . فإذا كان القرار الظني سيعتمد على قرائن لها علاقة بالاتصالات فمن سيؤكد ان هذه القرائن غير مبنية على فبركات تم "تظبيطها" من قبل اسرائيل وعملائها؟؟؟

ويستغرب فريق 8 آذار أيضاً، لماذا لم تتم مساءلة إسرائيل أو توجيه أي اتهام إليها أو حتى وضع احتمال أن تكون هي خلف اغتيال رفيق الحريري، مع أم مصلحتها باغتياله قائمة وقدرتها على تنفيذ الاغتيال أيضاً.

 

إذن، المسألة ليست اتهام "عناصر غير منضبة" من حزب الله، بل هي اتهام لحزب الله من رأسه إلى أخمص قدميه وتصفية حساب معه بصفته المقاومة ومحاولة للتخلص منه، وهي اتهام لمن يدعم حزب الله ويؤيده في المدى الأبعد. وهذا مطلب بعض اللبنانيين العلني. وهؤلاء يريدون التخلص من المقاومة وسلاحها ومن نظرية المقاومة ويريدون الاستمرار في التعامل مع الخط الغربي الذي يؤيد ويخطط لنظرية اتهام حزب الله.

وفي هذا السياق، لا تبدو إسرائيل (ومن خلفها فرنسا والولايات المتحدة) بعيدة عن هذا الخط، ورغبتها أكيدة وواضحة في التخلص من حزب الله وتشويه صورته وصورة المقاومة ومحور الممانعة والمقاومة عموماً.

وعليه، يمكن تفهّم لماذا يفترض فريق 8 آذار، سوء النية عند فريق 14آذار وعند إسرائيل وعند فرنسا والولايات المتحدة باستخدام المحكمة الدولية وقرارها الظني.. فسوابق هؤلاء خير مبرر لمثل هذا الافتراض.. ومَن "كواه الحليب ينفخ على اللبن" ومَن "يجرّب المجرّب عقله مخرّب".

بالنتيجة، لايمكن للمقاومة أن تترك رقبتها بين أيدي من ثبت أنه ليس موضع ثقة، ولا يمكن أن يترك حزب الله نفسه تحت رحمة محكمةٍ ثبت أنها مسيّسة وأداة لتنفيذ السياسات الدولية التي تخدم إسرائيل ومصالحها ومخططاتها، ومصالح وسياسات بعض الدول الغربية المتآلفة معها..

القضية ليست من يأتي أولاً؛ الدجاجة أم البيضة.. القرار الظني أم شهود الزور.. العدالة أم الاستقرار..!! القضية هي حربٌ تُشنُّ على المقاومة ومَنْ خلفها ومَن يدعمها.. حربٌ تشنها جهات أخرى بالنيابة عن إسرائيل، لكن باسمها وبدعمها وفي إطار مشروعها للتخلص من المقاومة  في المنطقة، وتحت غطاء ما يسمى الشرعية الدولية والمحكمة الدولية ولو كلّف الأمر حرباً أهلية في لبنان.. فماذا يُفرح إسرائيل أكثر من أنْ يُفسِد اللبنانيون أنفسهم صورة المقاومة ويشوهوها ويضربوا مصداقيتها ويضعفوا قدراتها!!  لماذا تشن إسرائيل حرباً عسكرية على المقاومة لا تضمن الفوز فيها، وإذا كان هناك مَن يسعى ليحقق لها أهدافها دون خوض هذه الحرب؟؟

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.