تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قمة الألفية أم قمة الجنون!!

يمكن لأي شخص أن يجادل في دور الأمم المتحدة منذ إنشائها قبل أكثر من ستين عاماً، وأن يدعي أن هذه المنظمة مقصرة في كل شيء وأنها نادٍ للأقوياء والأغنياء للتحكم بالضعفاء والفقراء وأنها لم تنصر حقاً في يوم من الأيام ولم تزهق باطلاً من فلسطين إلى كشمير، ولم تتمكن يوماً من حماية الأمن والسلم الدوليين اللذين أنشئت للمحافظة عليهما.

ويمكن لأي شخص آخر أن يدّعي عكس كل ذلك وأن يقول أن الأمم المتحدة كانت وما تزال منبراً للفقراء والضعفاء لقول كلمتهم وهيئة لضمان حقوق واستقلال الدول النامية.. وأن هذا البيت الدولي له أيادٍ بيضاء كثيرة في حفظ السلم والأمن وتقديم المساعدات الإنسانية أثناء الكوارث والحروب.

وأياً يكن الرأي، فإن المنظمة الدولية تبدو هذه الأيام وهي تضم قادة العالم لمراجعة ما تحقق من أهداف الألفية التي وضعت قبل عشر سنوات، مثل سيرك كبير يتناوب على العروض فيه أبطال السيرك العالميين العجائز المعروفين الذين أتقنوا تمثيل أدوارهم من كثرة تكرارها.

ترتفع الستارة، تبدأ العروض، تلتقط عدسات الكاميرات مشاهد مختلفة لوجوه الحاضرين. ليست جميعها مسرورة بما يتم تقديمه؛ الثعلب الإسرائيلي يكشر على الدب الروسي لبيعه أسلحة لسورية قيل إنها متطورة جداً.. ويبدي انزعاجه كذلك من النمر الإيراني العائد إلى الواجهة. قال له أحدهم: أسكت وضع يدك على فمك حتى لا تشم رائحته العفنة وأنت تكذب.

.. الطاووس الأمريكي قلّت هيبته بسبب الأزمة المالية التي يواجهها والفشل في أفغانستان والهروب من العراق وافتضاح أكاذيبه عن الحق والعدالة ونشر الديمقراطية.. يراهن بالغطرسة على بقاء الدور والحجم، ولكن العيون مفتوحة عليه والمحللون يقرأون ويفسرون كل شيء..

.. السلطان التركي يرفل عباءته مبتهجاً بنجاحاته ودوره العالمي المتصاعد.. منذ وقت طويل لم ينعم بهذا الجاه وهذا الهدوء وهذه الاستقلالية والسكينة..

.. المعلم السوري يضبط إيقاع الشرق الأوسط من هناك على وقع خطواته الرصينة.. يحمل جميع مفاتيح مشاكل المنطقة في جيبه ويعرف أن الصديق والعدو بحاجة إليه.. يزن الأمور بميزان الذهب حتى لا يفقد غراماً واحداً في غير مكانه.. يجيد الانتظار ولعبة الوقت والأعصاب ويعرف كيف ومتى يتحرك.. إنه في قلب العالم جغرافياً وسياسياً وتاريخياُ وهو يراكم خبراته دائماً..

.. البعض العربي مهمته الدفع لحضور العرض مندهشاً فاتحاً فمه كالأبله.. والبعض الآخر حضر بلا عزيمة وسيغادر لا قيمة.

باختصار هذه بعض المشاهد فقط، لكن بعد أيام ينتهي العرض الدولي على حلبة سيرك المنظمة الدولية.. يعود الجميع إلى بيته وكأن شيئاً لم يكن.. كلٌ قال ما يريد ولكن الأفعال في مكان آخر واتجاه آخر.. وحدها وسائل الإعلام كالعادة وجدت مادة جديدة تملأ بها مساحات الفراغ في برامجها.. أطنان من الورق سوف تتلف.. حجوزات في الفنادق الفخمة.. حرّاس وسيارات ومظاهر ثراء.. نفقات تتجاوز ملايين الدولارات لتقديم عرضٍ باهتٍ ومكررٍ وفاشل ملّه الجميع. فما زال عدد الفقراء في العالم إلى ارتفاع وقد لامست الزيادة الـ/65/ مليوناً هذا العام.

<<إنها قمة المتناقضات والمتناقضين .. المسافة بعيدة بين الأطراف والتناقض كبير والهوة واسعة ويستحيل جسرها>>.

هل سينتهي الفقر والحرمان والجوع بعد القمة؟ أبداً. هل سيتراجع عدد المصابين بأمراض الإيدز والملاريا والسلّ وكافة الأوبئة؟ كلا. هل سيتم تغيير أولويات العالم في الإنفاق ؟ لن يحصل ذلك إلا من قبيل "البرستيج" والظهور الإعلامي الأناني. هل سيتم التركيز على مساعدة المناطق الفقيرة وتطوير الزراعة وتوفير الطعام للمحتاجين ودعم التنمية بدل صناعة الدبابات والطائرات المدمرة والقنابل الذرية؟ من الغباء اعتقاد ذلك. هل سيتم تخفيض الرؤوس النووية التي تهدد الرؤوس البشرية؟ لم يحدث أن تم ذلك فعلياً. هل سيتم العمل جدياً على تخفيض الانبعاثات الحرارية ومقاومة التصحر وحرائق الغابات وغيرها من المشاكل المناخية والكونية؟؟ المقدمات لا تقود على هذا الاستنتاج. هل سيتوقف قادة العالم عن اختراع مشاكل أخرى كلما اجتمعوا لمواجهة مشاكل العالم والتهديدات والتحدّيات القائمة التي تواجهه؟ ليسوا بهذه الغيرية والسماحة لنضع هذا الاحتمال.

أي أمل يُرتجى والعالم يُنفق على التسلح والحروب أكثر مما يُنفق على الطب والزراعة والعمران؟ أي أمل وحصّة الفرد في هذا الكون من الديناميت والمتفجرات تتجاوز الألف كغ. تخيّلْ أنك تنام على /1000كغ/ من المتفجرات ولا تعرف متى ستنفجر. بأي أحلام سوف تحلم وعلى أي أمل سوف تستيقظ!!؟؟ لا نريد ان نتذكّر القنابل النووية وبقية أفراد عائلتها..

الأمم المتحدة تمثّل العالم وقادة الدول يمثلون دولهم وشعوبهم... كأن الجميع هناك في نيويورك ممثلون.. والعالم يحتاج إلى أشخاص حقيقيين يقومون بأدوار حقيقية لإنفاذه قبل أن ينفجر ويغرق في غياهب سياسات قادته الفاشلين. 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.