رحلت زرقاء اليمامة * قبل أن تستشرف للحكومة السورية موعد قدوم فصل الشتاءالقادم قريبا, لتقوم بإعداد جداول أو قسائم تعويض المازوت لتوزيعها على المواطنين قبل موسم المطر. وقد تُفاجَأُ الحكومة بقدوم الشتاء مثل العام الماضي وتضطر إلى العمل تحت الضغط لإعداد هذه الجداول ومن ثم تسليم التعويضات إلى المواطنين "المستحقين" في آخر الشتاء، بعد ان يكونوا قد استوفوا الشروط التي حددتها اللجان الحكومية للتأكد من أنهم يستحقون نيل هدية المازوت المخفّض السعر.
وذكر ابن الشتاء القادم في كتابه "أسرار المازوت"- فصل الدعم الموجّه، وهو يستندعلى حائط حدائق بابل المعلقة ناظراً إلى السماء يراقب الفلك ودرب التبان ومدى برودة الشتاء ...أن الحكومة قد تتأخر في تحديد واختيار الآلية الجديدة لدفع التعويض المازوتي، حتى تتمكن من التأكد ان هذا الدعم سيرسل إلى مستحقيه مباشرة، وحتى لا يذهب إلى من لا تريد لا داخل حدود البلاد ولا خارجها.. جعلنا الله من مستحقي رحمته وعفوه وأمدّنا بصبرٍ وطول بال من عنده، آمين.
* رحلت زرقاء اليمامة ولم تقلْ لجامعاتنا ووزارة التعليم العالي عندنا أن العيد يأتي في نهاية شهر رمضان من كل عام.. وأن عيد الأضحى يأتي بعده بسبعين يوماً.. حيث ما زال إداريو صروحنا العلمية "يُفاجأون" دائماً بقدوم الأعياد كل مرّة ويضطرون لتغيير مواعيد البرامج الامتحانية مما يضرّ بطلابنا. وهذا العام أتى عيد رمضان في نهاية الصيف ومع ذلك فوجئت جامعة تشرين بقدومه واضطرت لتغيير موعد بعض المواد الامتحانية إلى يوم آخر..
* رحلت الزرقاء قبل أن تستشرف لوزارة النقل إن باصات النقل الداخلي الجديدة التي أدخلتها إلى شوارع المدن لن تحلّ أزمة النقل في المحافظات السورية، بل، ستتسبب في المزيد من الفوضى والبطء في الحركة والازدحام وإعادة الناس إلى ما قبل عشرين عاماً.. ولم تقل الزرقاء أن الذي "يجرّب المجرّب عقله مخرّب".. وأن الباصات الجديدة هي جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحلّ. ولم تقل أيضاً أن المواطن يضطر للانتظار في الصباح وفي آخر الليل أكثر من نصف ساعة أحياناً لعدم وجود هذه الباصات.. ولم تعط الزرقاء رأيها في أن على وزارة النقل أن تبتكر حلولاً أفضل من حلول تم تجريبها وثبت عقمها وفشلها.
* ورحلت زرقاء اليمامة قبل أن تقول لنا إن كان هناك جزء سادس وسابع من مسلسل باب الحارة، وجزء ثانٍ من مسلسل "أبو جانتي" بعد أن طرده المعلم أبو الملوك من العمل دون معرفة السبب، فيما جزم أهل "ضيعة ضائعة" أنه ليس هناك جزء ثالث... ولم تخبرنا كذلك إذا كانت وزارة الإعلام أو الثقافة أو اتحاد الكتّاب العرب أو لجنة صناعة السينما والتلفزيون ( العتيدة)سيقيم ندوة لكتّاب السيناريو للوقوف على مشاكلهم ومعرفة مطالبهم بغض النظر عن الرغبة في تلبيتها، وهل يمكن أن تستخدم أعمال هؤلاء لتوجيه رسائل إعلامية تنموية وسكانية وسياحية وتربوية معينة.. أو لتنبيههم، مثلاً، من تكرار مشاهد التدخين في المسلسلات بالرغم من وجود قانون يحظر التدخين.. أو هل يمكن توجيه الشكر لهم ودعمهم ولو في كلام خطابي إنشائي نحترفه جميعنا ولا يكلفنا شيئاً...
* واخبرا رحلت الزرقاء ولم تقل إن كانت حرائق الغابات "المجهولة السبب" ستستمر كل صيف لتلتهم ما تبقى من خضرة وأشجار وغابات في بلادنا.. ولم تقل إن كان تهريب المواد الغذائية الفاسدة سيتوقف أم لا.. ولم تستشرف لنا أيضاً إن كانت محطات الوقود ستتوقف عن الغش والتلاعب بالأسعار والكميات.. وإنه سيتم التوقف عن تصنيع اللحوم الفاسدة في معاملنا وتقديمها مغشوشة في مطاعمنا..
رحلت زرقاء اليمامة وهي محتارة من عدم تطبيق القوانين ضد هؤلاء الفاسدين وكأن مخالفات هؤلاء تكتب بالحبر السّري او على لوح البوظ فتختفي وتمحى دون أن ينال مرتكبوها العقاب اللازم..والوارد في القانون ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* زرقاء اليمامة: عربية من أهل اليمامة. يقال إنها دعيت بالزرقاء لزرقة عينيها. وقد ضربوا بها المثل في حدة البصر وزعموا أنها كانت ترى الجيش من مسيرة ثلاثة أيام. وفي (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني أن قوماً من العرب غزوا اليمامة، فلما اقتربوا من مسافة نظرها خافوا أن تكتشف الزرقاء أمرهم، فأجمع رأيهم على أن يقتلعوا شجرات تسترُ كل شجرة منها الفارس إذا حملها. فأشرفت كما كانت تفعل. فقال قومها: ما ترين يا زرقاء؟ فقالت: أرى شجراً يسير! فقالوا: كذبتِ أو كذّبتك عيناك واستهانوا بقولها. فلما أصبح القوم وجدوا أن الأعداء فتكوا بهم وأخذوا الزرقاء وفقأوا عينيها فماتت بعد أيام.
