تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محمد أركون ..الفيلسوف الباحث وأهم دعاة حوار الأديان يعود الى منطقة القبائل على نعش

توفي فجر يوم الأربعاء 14-9-2010 الفيلسوف والباحث وأهم دعاة حوار الأديان وأبناء الأديان المفكر الجزائري محمد أركون في باريس إثر صراع طويل مع المرض، وشيع إلى مثواه الأخير يوم الجمعة 17-9-2010 في مدينة الدار البيضاء المغربية إنفاذا لوصيته.

ولد محمد أركون في 1-2-1928 في قرية تاورات ميمون في منطقة القبائل (تيزي أوزو) في الجزائر لعائلة أمازيغية، تلقى العلم أولاً في مدارس منطقته قبل أن ينتقل إلى وهران لتحصيل تعليمه الثانوي، وبعدها إلى الجزائر حيث تلقى تعليمه الجامعي في كلية الآداب في جامعة الجزائر ومن ثم حصل على شهادة في اللغة العربية وآدابها من جامعة السوربون عام 1956، وعلى شهادة الدكتوراة من الجامعة ذاتها عام 1968، وكانت أطروحة الدكتوراة عن الفيلسوف الإسلامي "ابن مسكويه".

درّس بعد تخرجه في جامعات فرنسا في ليون (1969 – 1972) وفي جامعة السوربون الجديدية (1972 – 1992) كما أعطى دروساً في جامعة برلين (1986-1987 و1990)، وفي معهد الدراسات المتقدمة في جامعة برينستون العريقة في الولايات المتحدة (1992-1993) وكان أستاذاً زائراً في جامعة لوس أنجلوس بكاليفورنيا (1969) وبرينستون (1985)، وفي جامعة لوفان الجديدة في بلجيكا (1977 – 1979)، وجامعة أمستردام                (1991 – 1993)، كان عضواً في مركز الأبحاث الرسولي للدراسات العربية في الفاتيكان (1991 – 1993)، وكان منذ العام 1993 عضو مجلس إدارة معهد الدراسات الإسلامية في لندن، وأستاذاً متقاعداً في جامعة السوربون في باريس، كما كان المدير الأكاديمي لمجلة (آرابيكا)، وعضو في لجنة تحكيم جائزة اليونيسكو وجائزة الآغا خان.

وقد أعطى د. أركون في مسيرته الأكاديمية الحافلة مقررات في مواضيع: (عدم التفكير في الفكر الإسلامي المعاصر – إعادة التفكير بالإسلام – التحديات المعاصرة التي تواجه التقاليد والعالم الإسلامي).

تم تكريم الراحل أركون في حياته بعدد من الجوائز منها: (وسام جوقة الشرف من فرنسا - جائزة بالمز الأكاديمية - جائزة ليفي ديلا فيدا لدراسات الشرق الأوسط في كاليفورنيا عن مجمل حياته وأعماله الأكاديمية - دكتوراه شرف من جامعة إكسيتر عام 2002 - جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2003).

كانن البروفسور أركون يكتب باللغة الفرنسية إلا أن عدداً كبيراً من أعماله ترجم إلى العربية هي:

1.الفكر العربي

2.الإسلام: أصالة وممارسة

3.تاريخية الفكر العربي الإسلامي أو "نقد العقل الإسلامي"

4.الفكر الإسلامي: قراءة علمية

5.الإسلام: الأخلاق والسياسة

6.الفكر الإسلامي: نقد وإجتهاد

7.العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب

8.من الإجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي

9.من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟

10.الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة.

11.نزعة الأنسنة في الفكر العربي

12.قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟

13.الفكر الأصولي واستحالة التأصيل. نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي

14.معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية.

15.من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني.

16.أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟

17.القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني.

18.تاريخ الجماعات السرية.

كما صدرت له 18 عملاً باللغة الفرنسية كان آخرها وربما أهمها الموسوعة الكاملة عن الوجود الإسلامي في فرنسا منذ معركة بلاط الشهداء (بواتيه) إلى عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، كما أصدر 5 كتب باللغة الإنكليزية، و3 باللغة الهولندية، و2 باللغة الأندونيسية.

تعتمد النظرية الفلسفية لـ محمد أركون على ضرورة أنسنة الإسلام وإخضاع الخطاب الديني الإسلامي إلى طرائق البحث المتبعة في العلوم الإنسانية لتحقيق فهم أفضل ومعاصر للإسلام ، عبر العودة إلى النص الأصلي الذي يمثله القرآن، وهو يرى أن المشكلة التي يعاني منها الفكر الإسلامي المعاصر إنما يكمن بالاقتصار على دراسة ما قاله من سبقنا من فقهاء وباحثين وإيقاف الدراسة على النص، وكان يدعو ويؤكد دائماً على إعادة الاعتبار للعقل وإخضاع التراث للتحليل والتفسير العقلي.

كما أنه يرى أن الدراسات في الخطاب الديني الإسلامي لا يمكن فصلها عن الدراسات المقابلة في الخطاب الديني لدى باقي الأديان "الوحيية - السماوية أي التي أنزل فيها الوحي (اليهودية والمسيحية والإسلام)، وإن أي تقدم يحدث في أي مجال من هذا الدراسات سيؤدي بالضرورة إلى تقدم في المجالين الآخرين.

وفيما يخص الاستشراق فقد رأى د. أركون أن المشكلة لدى المستشرقين تكمن في كونهم يرون الدراسات الاستشراقية محاولة لاستكشاف عالم غريب، دون أن يعوا أن الحضارة الإسلامية هي تجلي مختلف ومتميز لكن ليس غريباً عن الحضارة الإنسانية، مما أوقعهم في مطبات سوء الفهم والقراءات الخاطئة.

لقد كان هذا الباحث العربي - الإسلامي المتميز يدعو دائماً للابتعاد عن التعصبات والعصبيات المذهبية والطائفية والإيديولوجية التي كان يرى فيها سبباً في الدخول في عهود الانحطاط واجهاض حركة النهضة، وداعياً إلى الحوار بين الأديان والثقافات واتباع المنهج العلمي المعاصر في الدراسات الإسلامية، ولقد جعل منه فكره العلمي الحر المنفتح البعيد عن التعصب والمجدد وريثاً حقيقاً لسلسلة من الفلاسفة العرب والمسلمين الكبار أمثال ابن رشد، وأبو حيان التوحيدي، ومسكويه، والفارابي، وابن سينا....

يغادرنا أركون وهو من أهم رواد إرساء الحداثة العربية، ومن أنشط المساهمين في تأسيسها فكرياً ودينياً وسياسياً واجتماعياً.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.