تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ساطع نور الدين في السفير.. بوشهر: الشراكة الجديدة

 

 


 
التسوية التي أدت بالغرب الى إعطاء الضوء الأخضر لروسيا من أجل تزويد محطة بوشهر النووية باليوارنيوم المخصب لتشغيلها بعد انتظار طويل دام أكثر من عمر الثورة الاسلامية الايرانية، هي أكبر بكثير من أن تندرج في سياق سياسي محدد، وأقرب ما تكون الى نقطة تحول استراتيجية في العلاقات الغربية مع العالم الاسلامي.
تبخس التسوية حقها اذا ما قيل إنها فقط تحسم الجدل الداخلي في واشنطن وغيرها من العواصم الكبرى حول إسقاط الرهان السابق على تغيير النظام الايراني أو سلوكه، من الداخل، من خلال دعم التيار الاصلاحي المعارض، الذي تبين للغرب أنه بات يحتاج الى جهد ووقت استثنائي كي يتمكن من هز أركان السلطة الايرانية التي تجمعت في أعقاب أزمة التمديد للرئيس محمود أحمدي نجاد في يد الحرس الثوري الايراني دون سواه.
تخلى الغرب من دون أدنى شك عن هذا الوهم، لأنه بحاجة ماسة الى شريك إيراني قوي في مقاربة الملف الافغاني الباكستاني المتفجر، والملف العراقي المتعثر، وما بينهما من توتر وقلق في منطقة الخليج العربي وبوابتها الحيوية في مضيق هرمز. وأرسى أسس تعاون بعيد المدى مع طهران، لم يعد يحده المجال النووي، بعدما قدم الغرب، من خلال روسيا، أوضح وأقوى إشارة ممكنة على استعداده لتزويد إيران بالطاقة النووية السلمية.. لقاء تخليها عن برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم، وتسليم ما لديها من كميات مخصبة الى تركيا، على ما جاء في الاتفاق الثلاثي الايراني التركي البرازيلي الذي صار تنفيذه ممكنا أكثر من أي وقت مضى.
الرد الايراني على هذه البادرة الروسية الغربية جاء على لسان الرئيس نجاد نفسه الذي أعلن الاستعداد لوقف التخصيب بنسبة 20 بالمئة فورا اذا ما تابع الغرب تزويد بلاده باليوارنيوم المخصب الذي تحتاجه لبرامجها المدنية، لا سيما مفاعل طهران الطبي.. وتبعه المرشد آية الله علي خامنئي الذي قال في لقاء جامع للقيادة الايرانية الاسبوع الماضي «ان طهران لم تقسم يوماً أنها لن تتفاوض» مع الغربيين، اذا ما رفعوا العقوبات الدولية وأوقفوا التهديدات على ايران.
لكن تبادل الاشارات الاميركية الايرانية لم ولن يقتصر على الجانب النووي، الذي يدرك الجانبان أنه كان مجرد ذريعة لتعطيل الحوار أو تأجيله في عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، وكان وسيلة ضغط على طهران لكي تتكيف مع الحملة العسكرية الاميركية على أفغانستان ثم العراق، وتمتنع عن المطالبة بحصة أكبر مما تستحقه في البلدين، مقابل تعاونها مع الاميركيين. ثمة مجال للتكهن بإمكان حصول تسوية تاريخية شاملة بين واشنطن وطهران، ترسي أسس شراكة حقيقية على مختلف الجبهات المضطربة التي يتقاسمها الاميركيون والايرانيون.
وفي هذه الحالة يمكن أن يتفجع حلفاء أميركا العرب لبعض الوقت قبل أن يكتشفوا قواعد اللعبة الاميركية الجديدة، التي سينضبط فيها الاسرائيليون بسرعة أكبر، لأنهم سيحصلون على هامش حركة لا محدود على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية معا!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.