تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نتائج المفاضلة عالية وغالية.. وطلابنا هم الأغلى

 

محطة أخبار سورية

أصدرت وزارة التعليم العالي نتائج مفاضلة القبول الجامعي وحددت الحدود الدنيا لمجموع الدرجات المطلوبة للتسجيل في جامعات ومعاهد القطر. وقراءة بسيطة لهذه الحدود الدنيا، وهي ليست "دنيا" بل "عليا" بكل تأكيد، تظهر عدداً من الملاحظات:

 

أولاً، ان الكثير من الفروع حافظت على رفيع مقامها في سلم العلامات المطلوبة. وبقي الطب البشري في الصدارة، فيما ارتفعت علامات القبول في كليات طب الأسنان والصيدلة مثلاً. ولا نريد أن ندخل في كل التفاصيل، لكن اللافت هذا العام هو الإشارة إلى عدد من المواد التي تم النظر إليها عند إقرار القبول الجامعي. والملاحظ هو تغيّر الحد الأدنى لبعض المواد تبعاً للجامعة المطلوب التسجيل فيها. وبالمحصلة فإن من يريد أن يسجل طب بشري مثلا سيُنظر إلى علاماته في مواد العلوم والكيمياء واللغة الأجنبية في الشهادة الثانوية. وهي في جامعة دمشق 27 ـ 20 ـ 30 على التوالي. أما في جامعة حلب فهي 30 ـ 17 ـ 30. ونلاحظ أن التبديل والاختلاف حصل بين مادتي العلوم والكيمياء. ماذا يعني كل ذلك للطالب؟ الجواب لا شيء. لأنه لا يخدم الطالب أبداً، ولكن الهدف منه تسهيل توزيع الطلاب على الجامعات السورية الرسمية. والطالب الذي يرغب في التسجيل في جامعة دمشق لأن أهله موجودين في دمشق وما يعني ذلك من توفير مادي ودعم معنوي له، قد تعطيه وزارة التعليم الفرصة في جامعة حلب أو تشرين في اللاذقية، وبالتالي فإن ما حصل، حرم الطالب من اختيار الجامعة التي يريد.

 

هذا جانب، أما الجانب الأخر فهو أن احتساب بعض المواد والنظر إليها عند إقرارا المفاضلة، يشكل عبئاً كبيراً وضغطاً على الموظفين العاملين في المفاضلة، ومن الطبيعي نتيجة هذا الضغط أن تحصل أخطاء معينة، وقد يدفع الطالب ثمنها.

 

ثانياً، عندما تطالب وزارة التعليم العالي الطالب بتحديد /25/ رغبة أو عشرين رغبة أو حتى عشر رغبات عند التقدم للمفاضلة، ماذا يعني ذلك؟ الوزارة تبرر أنها تريد أن تساعد الطلاب في اختيار الرغبة المناسبة، وتريد ان توجه الطلاب إلى ما يرغبون بدراسته. كيف يمكن هذا الكلام أن يكون دقيقاً والوزارة تطالب الطالب بتحديد أكثر من عشر رغبات عند ملء استمارة التقدم للمفاضلة!؟ أي طالب لديه عشر رغبات أو أكثر ويرغب في دراسة عشر اختصاصات في الجامعة. فإذا لم يدرس الطب، درس الهندسة أو الاقتصاد أو اللغة العربية أو اللغة اليابانية...الخ. الطالب عندما يقوم بملء استمارة التقدم للمفاضلة، يأخذ بالاعتبار الرغبات الثلاثة الأولى فقط، وما يلي ذلك هو ملء الاستمارة كما طلبت الوزارة ليس أكثر. والنتيجة تكون غالباً وبعد رفع المعدلات عند صدور نتائج المفاضلة ان معظم الطلاب لم يحصلوا على الفرع الذي يريدون ويرغبون بدراسته بسبب ارتفاع هذه المعدلات. بمعنى ان الوزارة التي تطلب من الطلاب تحديد عدد كبير من الرغبات لم تخدم الطالب، بل على العكس، حرمته من دراسة الفرع الذي يريد. وبمعنى أوضح، لو كان هدف الوزارة توجيه الطلبة إلى رغباتهم، لماذا لم تبق على التسجيل المباشر في الجامعات!؟ فكل طالب عندها سيتجه إلى دراسة الاختصاص الذي يريد في الطب أو الهندسة أو الآداب أو غير ذلك. إذن مفاضلة وزارة التعليم تحرم الطالب في الغالب من دراسة الاختصاص الذي يريد، وهي ترمي إلى توزيع الطلاب على الجامعات الرسمية كل جامعة بحسب استطاعتها. وهذه الحلول هي حلول إسعافية وآنية وليست إستراتيجية، ولن تحلّ المشكلة على المدى الطويل..

 

ثالثاً، أما جديد وزارة التعليم المفيد حقاً، فهو استحداث اختصاصات جديدة في الجامعات السورية، تلبي حاجة السوق المحلية والعربية والدولية وتتماشى مع التطور العلمي والتكنولوجي وتقدم العلوم وازدياد التخصص في كافة أنواع العلوم في العالم. وهذه الاختصاصات مهمة وجديرة بالاحترام، ولكن المطلوب ـ وما نرجوه ـ هو أن تكون الجامعات قد استعدت لبدء تدريس الاختصاصات الجديدة. فليس المهم أن نرسل طلابنا لدراسة اختصاص معين بسبب اسمه اللامع. المهم أن تكون البنية التحتية والاستعدادات قد تمت وأنجزت؛ أن يكون قد تم تأهيل المدرسين والأساتذة المختصين، وان يكون قد تم تأمين المناهج المطلوبة والأماكن والمخابر....الخ، حتى لا نفسد التجربة الجديدة.

 

إننا وإذ نشير إلى كل ذلك، نقول إننا ندرك الضغوط التي تتعرض لها وزارة التعليم كل عام بسبب الطلب المتزايد بشكل انفجاري على التعليم العالي، وبسبب ارتفاع عدد الطلبة في سورية بشكل عام، وندرك رغبة الوزارة في استيعاب أكبر عدد من الوافدين للتعليم العالي، والحاجة إلى توفير اختصاصات معينة. وندرك أيضاً، أن "العين بصيرة واليد قصيرة"، خاصة مع الارتفاع الكبير سنوياً في أعداد الطلبة المتزامن مع النمو السكاني، مما يستنفد أي خطة للاستيعاب مهما كانت طموحة وهادفة. لكن مواجهة ذلك يتطلب تضافر جهود الحكومة كاملة لمعالجة اسباب هذا التضخم في أعداد الطلبة والناجم عن الزيادة السكانية المتعاظمة عاما بعد عام ....وهذا يعني ان يعمل الجميع ضمن خطة استراتيجية يكون لها عدة محاور متوازية ..وكفانا عملا عشوائيا نحصد نتائجه في ظواهر من مثل .. تنامي السكن العشوائي وازدياد عدد السكان وانخفاض الموارد المتاحة وازدياد عدد من يدخلون دون استئذان تحت خط الفقروهكذا كثير..

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.