تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محمد قبرطاي: أوباما ونتنياهو "كلاهما مكره لا بطل"

 

محطة أخبار سورية

نتنياهو مضطر للتظاهر بالمودة نحو أوباما لأنه حالياً رئيس الولايات المتحدة؛ وأوباما مضطر لمجاملته لأن النفوذ الصهيوني- ونفوذ المسيحيين الصهيونيين- يتطلب ذلك. لكنهما في الحقيقة يكرهان بعضهما أشد الكره ويتمنی كل منهما لو تنشق الأرض وتبلع الآخر.

 

علی كل حال٬ العمل السياسي يفرض علی المرء أن يجرع السم، كما قال الخميني عندما اضطر لمصالحة صدام حسين بعد حرب دامت عشر سنوات لم يجن منها أي مكسب بل خسر ما لا يقل عن نصف مليون جندي.

 

وفي خلال الأسبوع الماضي بلع نتنياهو كأس السم وذهب إلی واشنطن في ظرف صعب، لا في العاصمة الأمريكية فحسب بل في إسرائيل نفسها، حيث أعلن موظفو وزارة الخارجية إضراباً للمطالبة بزيادة أجورهم ومساواتها مع رواتب موظفي وزارة الحرب.

 

أمريكا تعرف حق المعرفة أن إسرائيل تغتصب المزيد من أراضي الفلسطينيين وتقتلع المزيد، فالمزيد من سكانها، لتزرع مكانهم مهاجرين من أوروبا الشرقية ومختلف أنحاء العالم. فليس معقولاً أن أمريكا لا تعرف ما هو معلوم لدی العالم كله. لكنها تتجاهل ما تراه لترضي اللوبي الصهيوني المسيطر علی واشنطن.

 

إلا أن بعض المسؤولين يرفعون رؤوسهم قليلاً لينتقدوا إسرائيل. ففي مطلع الأسبوع الماضي أعلن الدكتور أنتوني كوردزمان، وهو من خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية٬ "أن التزام أمريكا بأمن إسرائيل لا يبرر قيام الحكومة الإسرائيلية بأعمال تجعلها عبئا استراتيجياً ثقيلاً علی الولايات المتحدة بدلاً من أن تكون مساعداً مفيداً لها".

 

وقال كوردزمان إن علی إسرائيل أن تكف عن ارتكاب أية أعمال تسبب نفاد صبر الحكومة الأمريكية. كما يجب علی إسرائيل أن تكف عن استغلال اليهود الأمريكيين وتحرضهم ضد حكومتهم، أي الحكومة الأمريكية لا الإسرائيلية. وحذر الخبير الأمني إسرائيل أيضا من شن أي هجوم علی إيران إلا بعد الحصول علی موافقة أمريكا.

 

وقد لاحظ المسؤولون الأمريكيون أن إسرائيل قد استغلت المصالحة التي تمت بينها وبين مصر سنة 1979 لتهاجم لبنان في سنة 1982. فألحقت بلبنان خسائر جمة، ثم اضطرت هي نفسها للانسحاب نهائيا في سنة 2000 بدون أن تحقق هدفها الاستراتيجي. وفشلت أيضا في تحقيق هذا الهدف بهجماتها علی قطاع غزة.

 

وقد اعترف مائير داغان رئيس المخابرات الإسرائيلية "الموساد" بأن أمريكا لم تعد تحتاج لإسرائيل بعد انتهاء الحرب الباردة بينها وبين روسيا. فقد كانت أمريكا تزود إسرائيل بأحدث الأسلحة كي تواجه بها العدو المشترك "الاتحاد السوفييتي" ولكن إسرائيل أحرجت أمريكا باستعمال تلك الأسلحة ضد الدول العربية المجاورة.

 

لذا قال الجنرال ديفيد بترايوس، القائد حاليا في افغانستان وسابقا في العراق٬ إن تصرفات إسرائيل الهوجاء تعرض الجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط للخطر.

 

وقد قدم بترايوس هذا الرأي خطياً إلی الكونغرس أثناء استجوابه في شهر مارس الماضي، غير أنه تراجع بسرعة عن اتهاماته لإسرائيل كي يبقی الخيار مفتوحاً له ليرشح نفسه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات التي ستجري سنة 2012. وهذا يدل علی أن كل من يعمل في حقل السياسية الأمريكية يأخذ الاعتبارات المحلية "أي اليهودية" علی محمل الجد.

 

ومع ذلك استعمل الرئيس أوباما لهجة شديدة في محادثاته مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ولكن الضغط الذي يمارسه أوباما سيظل محدوداً من جراء خوفه من تحريك عوامل تؤدي إلی زيادة التأييد للحزب الديمقراطي المعارض خلال الانتخابات الفرعية التي تجري عادة في منتصف الوقت المتبقي حتی موعد انتخابات الرئاسة.

 

وخلاصة القول هو أن الاستياء الذي أبداه أوباما ومسؤولون آخرون من التهور الإسرائيلي لن يسبب قطيعة ولا أزمة وهي الشيء الوحيد الذي سيدفع الناخبين الإسرائيليين إلی إسقاط نتنياهو.

 

فماذا تحقق إذن في اللقاء الذي تم في الأسبوع الماضي بين رئيسي الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية؟ الشيء الوحيد الذي تحقق هو أن كلاً من الجانبين حاول إرضاء الجانب الآخر كيلا تتردی العلاقات بينهما من سيئ إلی أسوأ. فقد قال نتنياهو إن إسرائيل لن تستغني عن الولايات المتحدة٬ فرد أوباما بأن الروابط بين أمريكا وإسرائيل لن تنفصم قط.

 

وقد علقت منظمة "بتسليم" الإسرائيلية التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين علی نتيجة اللقاء فقالت إن نتنياهو، وإن أبدی رغبته بالسلام، لم يتزحزح عن سياسة الاستيطان اليهودي في الأراضي التي تنتزع الآن من أيدي الفلسطينيين. وهذا الموقف لن يساعد علی تحقيق السلام الذي يقول نتنياهو إنه يرغب فيه.

 

الوضع الراهن في الضفة الغربية هو كالآتي:

- مساحة الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية تعادل 40 بالمئة.

- مساحة أراضي الضفة الغربية التي أقيمت فيها مستوطنات إسرائيلية 42 بالمئة، يسكن في هذه المستوطنات 300 ألف نسمة.

- مساحة الأراضي الباقية التي تنوي إسرائيل إقامة مستوطنات جديدة عليها تعادل 18 بالمئة.

 

وهذا يعني أن مجموع مساحة المستوطنات في الضفة الغربية يعادل 60 بالمئة، بينما تبقی المساحة الفلسطينية علی 40 بالمئة؛ وهذا يعني استحالة تحول السلطة الفلسطينية إلی دولة٬ طالما يسكن في الضفة الغربية 300 ألف يهودي، وطالما ظل هذا العدد مستمراً في الارتفاع.

العرب أونلاين

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.