تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

دمشق ـ بيروت وبالعكس: علاقات أخوة

بدت كل الخطوط مفتوحة أمس بين العاصمتين العربيتين اللتين طالما كانتا معا ووقفتا جنباً إلى جنب... كانت معظم قيادات بيروت في دمشق التي استنفرت لاستقبال الإخوة العائدين إلى عاصمة العرب وهي التي لم تبخل يوما بالود على العرب الأوفياء.

كان يوما لبنانياً ـ سورياً خالصاً؛ استقبال وحفاوة ومحادثات ومباحثات و تجديد اتفاقيات وتوقيع أخرى وآمال عريضة ووعود كبيرة واستقبال رئاسي خص به الرئيس بشار الأسد الوفد اللبناني ورئيسه السيد سعد الحريري.

وكان اتفاق على إزالة العقبات وتنفيذ الاتفاقيات وفتح آفاق جديدة..إذن قطعت العلاقة اللبنانية ـ السورية شوطاً كبيرا على طريق مأسستها، وشكّلت زيارة الوفد اللبناني محطة مفصلية على طريق تعزيز هذه العلاقة وتطويرها وفتحت صفحة جديدة في العلاقة بين البلدين.

وبدت الزيارة الخامسة للرئيس الحريري وكأنها الأولى، لأنها الأولى التي تساهم بهذا الحجم في تنظيم العديد من جوانب العلاقات الثنائية على أسس مؤسساتية واضحة و"كونها تضع «الأساس الحقيقي» للعلاقات بين البلدين".

وفي لقاء الحريري ووفده المرافق مع الرئيس بشار الأسد، أكد الرئيس الأسد "ضرورة وضع آليات عمل وخطط تنفيذية لتحويل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الجانبين إلى التنفيذ العملي ومتابعتها لإزالة العقبات التي يمكن أن تعترض تنفيذها". وشدد الرئيس الأسد على أهمية البحث عن آفاق جديدة للتعاون في إطار رؤية إستراتيجية لتحقيق التكامل بين سوريا ولبنان".

ان الرغبة السورية المعلنة هي في  نقل هذه الاتفاقيات إلى حيّز التطبيق بالسرعة القصوى بعدما أشبعت دراسة وتمحيصاً. وبذلك يشعر المواطنون في البلدين بجدوى هذه العلاقات ويسعون للدفاع عنها وحمايتها وننتقل من الشعارات والكلام إلى قطف الثمار وحصد النتائج الإيجابية.. وبذلك أيضا يظهر مكمن الخلل في هذه العلاقات، ومن المسؤول عنه ومسببه ويتم تحديد الجهة التي تعرقل تطوير هذه العلاقات والإشارة إليها ومحاسبتها حتى لا يستمر التقصير ولا تستمر الاتهامات المغرضة ونتخطى المرحلة الماضية إلى واقع صحيح جديد يبقى راسخاً بين البلدين لاتهزّه الغيوم العابرة أو حتى العواصف العاتية.

وفي هذه السياق، فقد تماهى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مع الرئيس الأسد، ورأى أن الاتفاقيات "لن تكون مشجعة أو مثمرة إذا غرق الطرفان في إضافة هذه الجملة أو تلك أو حذف فاصلة أو نقطة من هذه الاتفاقات". وشدد بري على تحقيق مشاريع عملية "على الأرض" بين البلدين.

وأهمية "المشاريع العملية" أنها تخلق فرص عمل وتساعد في التنمية ولاسيما في المناطق الفقيرة، وتحديدا الحدودية منها. وهي أيضاً تعزز الروابط الاجتماعية والمصالح المشتركة والعلاقات الثنائية وتمكّن من الاستفادة المشتركة من الخبرات الموجودة لدى الطرفين، وتقوّي اقتصاد لبنان وسورية، وهي أمور ضرورية لتقدم البلدين وتطورهما.

أمرٌ آخر أكد عليه الرئيس الأسد، وهو تشديده على "ضرورة إبعاد المصالح المشتركة للشعبين اللبناني والسوري عن الأمور السياسية وعدم تأثرها بأي ظروف تطرأ على السياسة". وهذا مهم جداً حتى لا تُقحم مصالح البلدين والشعبين وعلاقاتهما الأخرى في أي خلافات سياسية أو في الأمور السياسية الانتخابية الضيقة والخاصة، ولاسيما في لبنان. بمعنى آخر، منع تأثر هذه المصالح بالتقلبات السياسية التي قد تحدث. وهنا لا بد من التأكيد انه لا يجوز لأي طرف لبناني بعد الآن، استخدام العلاقات مع سورية لأغراض محلية داخلية، أو إدخال سورية في الحسابات اللبنانية الداخلية الطائفية والانتخابية والحزبية وإلى ما هنالك، والمزاودة على سورية وباسمها. وعليه فإن المطلوب إخراج علاقات البلدين من البازار الإعلامي اللبناني الداخلي، والمزايدات بكل أنواعها.

وأشير هنا إلى تصريح  وزير الثقافة اللبناني سليم وردة (كتلة القوات اللبنانية)، "أنه توجه إلى سورية كوزير لبناني وليس كوزير قواتي...وأنه لن يكون هناك عداء بعد اليوم بين أي فريق في لبنان وسورية"، لأؤكد أن سورية أعلنت مرارا وأكدت أنها تفتح قلبها لكل اللبنانيين والعرب على قاعدة الثوابت الوطنية والقومية، ولذلك فهي رحّبت وترحب دائماً بمن يلتقي معها على هذه الثوابت. وسورية لا يخدمها ولا يخدم مصالحها أن تكون على عداء مع أي طرف في لبنان، ولكن ليس على حساب ثوابتها وقناعاتها.

إذن، النظرة السورية للعلاقات مع لبنان ليست نظرة تكتيكية أو قصيرة المدى. إنها نظرة "إستراتيجية تكاملية" تعزز ما يجمع علاقة البلدين والشعبين اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا ومن مختلف الجوانب، وتبعد ما يوهن هذه العلاقة. وتدرك سورية "وبالتجربة"، أن لبنان القوي أهم وأضمن لمصالحها، وأن "لبنان" ضعيفاً ممزقاً هو ضعف لها ولمواقفها. كذلك تنظر سورية إلى العلاقات مع لبنان في إطار الشراكة "الأوسع" التي تسعى إلى بناءها وتحقيقيها في المنطقة عبر بناء "شرق أوسط جديد" بيد أبنائه، وليس مستورداً من الغرب كما كان يراد ويخطط له.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.