تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حدوتة الإعلام «المستقل» القافلة تسير و ....

محطة اخبار سورية

منذ عدة أسابيع تلقيت اتصالاً صباحياً من وزير الإعلام الدكتور محسن بلال معاتباً على مادة نشرت في صفحة الرأي بـ«الوطن» تطرق كاتبها إلى الرئيس حسني مبارك ودوره في حصار غزة وقتل مئات من الأطفال والنساء وكبار السن، وقال لي وزير الإعلام إنه تلقى احتجاجاً رسمياً من السفير المصري في دمشق، الذي بدلاً من الاتصال بالصحيفة واستخدام حق الرد الذي يضمنه القانون السوري، فضل الشكوى إلى وزارة الإعلام، وإلى الوزير شخصياً، معتبراً أن وزير الإعلام في سورية – كما هو الحال في مصر- هو المسؤول عن الإعلام الخاص السوري ويديره.

لن أخوض في الحوار الذي دار بيني وبين وزير الإعلام في ذلك الصباح وفي العتب الذي سجلته بدوري على السيد الوزير لقناعتي بأن لا سلطة لوزارته على الإعلام الخاص وتمنيت عليه في مثل هذه الحالات عدم الاستجابة إلى رغبات وأمنيات وشكاوى السفير المصري والاكتفاء بتذكيره بحقوقه القانونية، وللأمانة كان الدكتور بلال متفهماً لموقفنا، وقبل أن يسحب عتبه، ذكرنا من جديد بالموقف السوري الرسمي الذي يقضي بسحب الخلافات العربية من الإعلام، وضرورة الارتقاء بالعلاقات العربية نحو الأفضل وذلك حفاظاً على ما تبقى من مواقف مشتركة وتنسيق عربي تجاه التحديات الكبرى التي تواجه كل العرب.

أكشف هذه المعلومة اليوم ليس للحديث عن الإعلام الخاص وعلاقته بوزارة الإعلام، بل لأني قرأت أمس ملفاً أصدرته صحيفة «المصري اليوم» التي تدعي «الاستقلالية» أرسله لي زميل في القاهرة، والملف لا يتعرض لمكانة رئيس الجمهورية العربية السورية فقط، بل لكل الشعب السوري وتاريخه العريق ورموزه، وأرجو ألا يكون سفيرنا في القاهرة بادر واتصل بوزير الإعلام المصري للاحتجاج كما يفعل نظيره في دمشق، بل اكتفى بالضحك لأن ما نشر في هذا الملف يثير فعلاً الضحك لما يتضمنه من سخافات وحماقات وأكاذيب وأغلاط من الواضح أن الهدف الوحيد من نشرها كان إزعاج السوريين، ولنطمئن الزملاء في مصر: لم ننزعج ولن ننزعج واكتبوا ما تشاؤون، فالقافلة السورية تسير وستبقى الكلاب تنبح بغض النظر عن جنسياتها وتمويلها وولائها، ولابد أن تجد في بعض الصحف الموجهة منابر لها لنشر سمومها.

واللافت فيما نشرته الصحيفة المصرية اعتمادها على كلام مسطر من قبل من يسمون أنفسهم «معارضين للنظام في سورية»، وليس من باب المصادفة أن تنشر الصحيفة ذاتها قبل أيام من الملف المشار إليه «حواراً» مع عبد الحليم خدام القابع في فرنسا خوفاً ليس من السوريين الرسميين، بل من السوريين العاديين الذين يرون فيه مثالاً فاضحاً للانتهازية والفساد والعمالة والانحطاط الأخلاقي. وللإشارة، وما لا تعرفه الصحيفة التي أجرت الحوار، فإن خدام يترجى منذ فترة طويلة كل معارفه للتوسط له وفتح طريق الغفران أمامه ليعود إلى سورية.

وبالعودة إلى اتصال السفير المصري بوزير الإعلام، ربما من الضروري أن أذكّر القارئ السوري بحقيقة واحدة وهي أنه لا يوجد في مصر ما يسمى «صحافة مستقلة»، هناك صحافة موجهة وممولة تعمل لخدمة النظام المصري وأهدافه، وصحيفة «المصري اليوم» التي نشرت الملف المذكور عن سورية هي نموذج فاضح لهذه الصحافة الممولة من قبل الأجهزة المصرية وتدعي «الاستقلالية» والهدف الوحيد مما نشرته كان توجيه رسالة مصرية رسمية إلى سورية مضمونها: «مصر لا تزال موجودة ودورها لم ينته بعد»، وهي الرسالة التي تتمنى مصر إيصالها إلى كل العالم بعد أن شعرت بأن الدور المصري تقزم وبات بحكم الميت، وخاصة بعد مشاركتها إسرائيل في حصار غزة وفي العدوان أيضاً، وبعد تراجع دورها على الساحتين العربية والعالمية وانشغالها في تعبيد الطريق أمام جمال مبارك ليحل مكان أبيه في حكم المصريين.

لن نخوض في تفاصيل الحياة السياسية المصرية ولن نتدخل في شؤونهم الداخلية، فالشعب المصري شعب عظيم وله مكانته واحترامه عند كل السوريين، ونحن على يقين أن هذا الشعب قادر على التعامل مع قضاياه الداخلية ومستقبله وهو ليس بحاجة إلى نصيحة أو مشورة من أحد، وذلك، على الرغم من كل القمع الذي يمارس بحقه وعلى الرغم من غياب الحريات الأساسية للمواطن المصري والاعتقالات العشوائية والسجون التي تعم كل أرجاء مصر والانتهاكات اليومية لأبسط قواعد حقوق الإنسان التي سبق أن أدانتها كل منظمات العالم وكذلك البيت الأبيض الحليف القوي لمصر، والدول الأوروبية التي وجدت نفسها مضطرة للخروج عن صمتها لإدانة ما يتعرض إليه الشعب المصري فكل هذه الأمور شؤون مصرية وعلى الشعب المصري أن يقرر مصيره.

ما نريد إيصاله بدورنا كإعلام خاص إلى «الأشقاء» في الحكومة المصرية أن رسالتهم وصلت وأضحكتنا كثيراً وخاصة حين تم الحديث عن «الدماء والطغيان» فنشطت ذاكرتنا تجاه دماء غزة التي لا تنسى، وتجاه القمع الرسمي المصري بحق 80 مليون مواطن شريف هبوا للدفاع عن أشقائهم في الأراضي المحتلة فكانت الآلة الاستخباراتية المصرية بانتظارهم لمنعهم من العبور لنصرة أشقائهم الفلسطينيين، وتذكرنا أيضاً وأيضاً الموقف المصري حين كانت قرى جنوب لبنان تقصف صيف 2006 ومشاركة «الشقيقة» في مؤامرة دولية لإعادة رسم الشرق الأوسط، وهي المؤامرة التي أفشلتها قوى المقاومة وشعبا سورية ولبنان وقائداهما اللذان وقفا يداً بيد لمنع إسرائيل ومن خلفها من فرض سيطرتها على كل العالم العربي من المحيط إلى الخليج.

وإذا كان من نصيحة يمكن أن تستفيد منها مصر الرسمية، فهي أن «لعبة» الإعلام المستقل والإعلام الرسمي» التي تحاول ممارستها لا تنفع، فالسوريون أذكى من ذلك بكثير ويعرفون حق المعرفة كيف يدار الإعلام بمصر، وأتمنى على سفير مصر في سورية ألا يتصل بعد نشر هذه المقالة بالدكتور محسن بلال للاحتجاج لأننا في سورية مستقلون بكل المقاييس، وإذا كان لديه ملاحظة فليرسلها مباشرة إلى الصحيفة لأن الشكوى لن تفيد، فنحن احترمنا «الهدنة» الإعلامية التي سادت بعد قمة سرت العربية، لكن إذا كان لا بد من استئناف التراشق الإعلامي فليتأكد المسؤولون في مصر بأننا على أهبة الاستعداد- لا بل متعطشون- للرد على السموم التي تنشرها «الصحافة المستقلة» المصرية، ولدينا ما يكفي من ملفات لفتحها، وخاصة ملف حكم الرئيس حسني مبارك للأعوام الـ29 الأخيرة، ويكفينا وكل السوريين فخراً أن الرئيس بشار الأسد يحظى بتأييد فقط 20 مليون سوري بالداخل وبذات العدد في الخارج، ويمكن للصحيفة «المستقلة» المهتمة بالشأن السوري الداخلي أن تلقي نظرة فقط على لقاءات الرئيس الأسد مع الجاليات السورية في المغترب لتفهم أن قوة سورية تكمن في التفاف الشعب السوري حول رئيسه.

وفي الختام نقول لمن يحرض الصحافة المصرية ضد سورية: من كان بيته من «رمل» فلا يرم الآخرين بالحجارة.

مبارك لسورية برئيسها ومبارك للشعب المصري وجود زعيم عربي اسمه بشار الأسد قادر على الدفاع عن حقوق كل العرب أينما كانوا.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.