تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رشيد شاهين: نتنياهو يتقدم وأوباما يتراجع

 

محطة أخبار سورية

لا بد أن كل من تابع زيارة رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى العاصمة الأمريكية، أدرك بدون شك، أن تلك الزيارة حققت نجاحا باهرا أذهل الإسرائيليين أنفسهم، قبل أي جهة أخرى، وقد كان ذلك واضحا في كل ردود الفعل التي صدرت عن جميع ساسة دولة الاحتلال.

 

الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، هذا ما كتب تقريبا في عناوين كل وسائل الإعلام الإسرائيلية وغير الإسرائيلية، وكانت الصور التي تم عرضها خير دليل على حقيقة ذلك النجاح. وقد تغنت وسائل الإعلام في دولة الاحتلال بذلك النجاح، وصورته- ومعها كل الحق- على أنه فتح جديد، وأنه صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي أكدت على أنه- لحس- كل ما صدر عنه منذ ما قبل وما بعد زيارته- التاريخية- للقاهرة، والتي طبل لها من طبل، وأشاد بها من أشاد واعتبر بأن أمريكا قاب قوسين أو أدنى من القيام بتحرير، ليس الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، لا بل والأراضي العربية أيضا، لا بل إن بعض هؤلاء، لولا بقية من حياء، أراد أن يقنعنا بأن أمريكا، وبعد أن تسلم السيد باراك حسين أوباما- المسلم كما أرادوا إقناعنا- قد يأمر بشن حرب على دولة الاحتلال إن هي لم تستجب إلى نداء العقل والمنطق، وإن هي لم تبادر إلى منح الفلسطينيين حقوقهم التاريخية في العودة والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس الشريف.

 

أوباما تحدث عن دولة لليهود، وتحدث عن الاحتياجات الأمنية الضرورية لدولة العدوان، وقالت صحيفة هآرتس، إن في صلب ما تم، هو الالتزام الأمريكي بإحباط أي قرار دولي يحاول إلزام إسرائيل الموافقة على مراقبة دولية على مشروعها النووي، وتعهد لإسرائيل بالاحتفاظ بحق الردع. هذا فيما كانت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون قد جددت خلال اجتماعها مع وزير الخارجية الأردني وقوف دولتها إلى جانب إسرائيل يهودية، وبحدود آمنة، معترف بها من قبل الدول العربية، ودعت إلى ضرورة الانتقال إلى المفاوضات المباشرة بأسرع وقت ممكن.

 

هذا الذي شاهده العالم خلال الزيارة- التاريخية بحق- لرئيس وزراء دولة الاحتلال، لا يجب أن يشعرنا بالمهانة أو الإحباط، لأنه بحسب ما نرى يعكس الوجه الحقيقي لهذا الرجل- أوباما-، الذي لا نعتقد بأنه وصل إلى هذه المكانة بالصدفة، أو أنه قفز هكذا من العدم أو المجهول، ليتبوأ أعلى مرتبة في أهم وأقوى دولة في العالم، لأن الأمور لا تجري هكذا في دولة مثل أمريكا.

 

الزيارة التي أتت بعد فترة، تم وصفها بالجفاء، أثبتت أن الولايات المتحدة لا تعترف بالضعفاء، وهي أثبتت بأن هنالك أولويات لا يمكن القفز عنها، وقد كانت النتائج التي أثمرت عنها تلك الزيارة، خير دليل على أن إسرائيل وبغض النظر عما قيل في الفترة الماضية، وسوف يتم ترديده مستقبلا، تبقى أولوية قصوى بالنسبة لأمريكا.

 

من حق الإسرائيليين الاحتفال بما تحقق من- فتح- على يدي نتنياهو، لأنه لم يذعن ولم يتراجع، وأبدى صلفا غير معهود، وكان في كل مرة- يتمترس- في مواقفه، يجد تراجعا من قبل أوباما وإدارته. الإسرائيليون على أي حال لا يخادعون أنفسهم كما يحدث ضمن أمة العربان، فهم واقعيون جدا وعمليون، ولا "يطيشون على شبر مية" كما هو حالنا، فهم وعندما كانت العلاقات تبدو متوترة، أقروا بذلك واعترفوا وتابعوا وحللوا، وعملوا على إعادة- المياه إلى مجاريها-، ونجحوا بذلك أيما نجاح.

 

لكن ماذا عن العربان؟، ماذا فعل هؤلاء من أجل تحقيق الحد الأدنى من أهدافهم، أو طموحاتهم؟ الجواب لدى كل واحد منا. لكن وإذا كان من حق إسرائيل أن تحتفل بكل هذا الذي جرى، أوليس من حقنا أن نحذر من مغبة التمادي في خداع الشعوب العربية، وبيعها أوهاما وأضاليل من أجل ترويضها والعمل على إحباطها وإبعادها عن أية أفكار مناهضة لإسرائيل وأمريكا؟ أوليس من حق الشعوب العربية أن تعلم بأنه إذا ما قال أوباما "إن حلا للقضية سوف يكون خلال السنوات القليلة القادمة" لا بد من أن نقول، إن هذا ليس سوى خداع وتضليل، مارسه رؤساء الولايات المتحدة بدون استثناء، وإنه لا يختلف عن وعود سابقه- بوش الصغير- في البيت الأبيض، الذي تعهد في أكثر من مرة بأن الدولة الفلسطينية ستقوم في عام 2005 ومن ثم في عام 2009؟ أوليس من الواضح أن أوباما يتراجع أمام اندفاع نتنياهو، وأنه قد تخلى عن كل مطالباته بوقف الاستيطان وما إلى ذلك؟ أوليس من الواضح أن أوباما يتبنى الموقف الإسرائيلي حين يطالب بعودة المفاوضات إلى سابق عهدها- مباشرة- على الرغم أن المباشرة أو غير المباشرة لم تحقق شيئا؟!.

 

فقط للتذكير ببعض مما قيل أو جاء في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن الزيارة:

 

إذاعة الجيش الإسرائيلي: "رسالة ضمانات سرية لتل أبيب تعهدت فيها أمريكا بالتعاون في مجال الطاقة النووية للأغراض المدنية على الرغم من عدم انضمام إسرائيل إلى المعاهدة الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية".

 

يديعوت أحرونوت: "أثبت أوباما ونتنياهو أنهما يستطيعان تناسي الماضي رغم كل التكهنات عن وجود أزمة شخصية بينهما"، وقالت أيضا "الابتسامات عادت إلى المكتب البيضاوي وحديقة البيت الأبيض".

 

معاريف: "أوباما ونتنياهو قاما بجهود جبارة ليظهرا كصديقين، لقد كشف وجهيهما عن تعابير افتقداها خلال اللقاءات السابقة- الابتسامة-".

 

هآرتس: "قمة نتنياهو أوباما، باقات زهور، ولا كلمة عن المستوطنات".

هذا غيض من فيض، ترى ماذا لدى العربان ليفعلوه سوى التلويح بسحب المبادرة العربية؟، وماذا لدى السلطة الفلسطينية خاصة إذا ما صدقت الأنباء التي رشحت عن بعض المصادر، والتي قالت، إن نتنياهو سلم أوباما ما قيل إنه وديعة سميت بوديعة "الخطوط الحمراء"، والتي قيل إنه جاء فيها بأنه لا ترسيم للحدود، ولا ترتيبات أمنية، بدون أن يكون غور الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية، وأن لا مناقشات ستتم لموضوع القدس في المراحل الأولى للمفاوضات المباشرة؟!.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.