محطة أخبار سورية
قبل حوالي خمسة أشهر توقفت الحرب العبثية الدائرة في اليمن... ومنذ خمسة أشهر والهدنة المعلنة بين الحكومة اليمنية والحوثيين تتعرض الى انتكاسات عديدة ومستمرة وكأن عدد القتلى والجرحى والمهجّرين والمنكوبين والمعاقين والمشردين ليس كافياً لاقناع الجميع بعبثية هذه الحرب..
لكن أخطر انتكاسات الهدنة حدث قبل يومين، اذ قتل حوالي 70 شخصاً خلال عدة أيام من الاشتباكات بين الحوثيين والقوات الحكومية وقبائل موالية للسلطة، ما أجج المخاوف من احتمال اندلاع «حرب سابعة».
منذ أكثر من عشرين عاماً ما زلت أذكر عنواناً قرأته ذات مرّة، وعلق في رأسي، يسأل على غلاف احدى المجلات : اليمن إلى أين؟ ورغم مرور الأعوام بقي السؤال نفسه مطروحاً على الجميع ، بقوة أكبر، بعد ان وضحت الصورة وظهرت خطورة ما يحاك لليمن؛ حقاً اليمن إلى أين؟؟
أين وحدة اليمن وشعبه الواحد؟ بماذا يتعلق مستقبل اليمن ومستقبل أبنائه وتطوره واستقراره؟ أين دور حكومة اليمن وقيادة اليمن وغِيرتها على مواطنيها؟ أين وعي اليمنيين وغِيرتهم على بلادهم وأرضهم؟؟ ماذا يريد الجميع من هذه الحروب العبثية المستمرة؟؟ ماذا حققوا غير القتل والدمار والحقد والفوضى؟؟ ولمصلحة من كل هذا القتل والدمار والفوضى والفقر والأمراض والمزيد من التخلف ...وكلها أمور متوفرة بكثرة في وطننا العربي وليست تنقص هذه الأمة؟؟
المتحدث باسم الحوثيين يؤكد أن «المواجهات تدور بيننا وبين القوات اليمنية في مواقع عسكرية معروفة في حرف سفيان..». الحديث الحوثي عن القوات اليمنية الحكومية يجري وكأنه حديث عن قوات دولة معادية تغزو البلاد لتستعمرها. مصدر مسؤول في «اللجنة الأمنية العليا» الحكومية يتهم الحوثيين بالمقابل بقتل شيخ قبلي موال للحكومة ونجله وأربعة من مرافقيه في كمين في صعدة... كأنها أخبار عن مرتزقة أجانب في أطراف البلاد... لكن الحقيقة، إنها حرب حقيقية فعلاً، وأبشع ما فيها وأكثره قرفاً عندما يتحدث أي طرف من أطرافها عن تحقيق انتصار ما.
قالوا ذات مرّة إن إيران تدعم الحوثيين.. وقالوا إن المملكة العربية السعودية تدعم حربا سابعة..؟ أما الأمريكان فيكتفون بتقديم الدعم للحكومة والقوات الحكومية المسلّحة.. لماذا إلقاء التهم على الآخرين!! لستُ أدري لماذا تُحمّل جهاتٍ خارجية دفع الأطراف اليمنية إلى الحرب!!
أليس من الغباء اعتبار اليمنيين اناسا ليس لديهم عقول ومشاعر ليفكروا ويحسّوا بما يلحقوه بهذه البلاد العريقة الجميلة من تدمير وخراب وعذاب!! هل يعقل ان ابناء اليمن وأحفاد بلقيس الذين عمروا بلادهم وحولوها الى جنات يشهد سد مأرب عليها يفكرون بهذه الطريقة ويرون في الحروب والاقتتال الدرب المثلى لدخول القرن الحادي والعشرين!! ؟؟ هل هذا هو الطريق الأفضل لتطوير اليمن وبناء قدراته وتأهيل بناه التحتية للمضي به نحو مستقبل مشرق؟ أي حقد يتزودون به للمستقبل؟؟ أي مستقبل مشرق يمكن الحديث عنه بعد كل ما جرى؟؟ هل ما زالت دماء داحس والغبراء تجري في عروق الإخوة اليمنيين؟؟ هل حقاً كانت بلقيس يمنية؟
أشقاءنا في اليمن نرجوكم جميعا ان تكفوا عن تسعير هذه الحرب في بلادكم السعيدة ، مطلوب منكم جميعا وفورا أن توقفوا هذا الجنون، وإذا لم يكن كذلك، فلتذهبوا جميعاً إلى حيث ألقت...
الجميع يتحملون المسؤولية؛ السلطة والحكومة، المعارضة والمتمردين، والمؤيدون لهذا الجانب أو ذاك.. كل من تلوّثت يداه بدماء أخيه فهو في النار..الوطن أكبر من الجميع.. الوطن أغلى من السلطة ومن أمانيكم ومن الكراسي ومن المطامع ومن الأنانية التي تتصرفون على أساسها والتي تقودكم الى اتون الحرب كالعميان، الحرب التي كادت أن تأتي على الأخضر واليابس!! لم تتركوا للشعب الفقير في اليمن من أمل.. لم تبقوا للأمهات من أمن.. لم تبقوا للأطفال من ألعاب غير المسدسات والقنابل وبقايا الموت..لم تبقوا للأرامل صبراً غير الدموع.. لم تبقوا للصبايا غير روائح الدّم العفن من عطور..لم تبقوا للمشردين زاداً غير الحزن والجوع.. لم تبقوا للمجد مكانا يستريح فيه إن عاد يوماً إلى هذا الركام غير الجهل والتخلف والحقد ..
لا تغرّنكم كذبة الانتصار.. لا تغوينكم خدعة الانتصار ووهمه.. كلّكم خاسرون في الحرب القادمة إن وقعت.. واليمن الذي كان قبلكم سعيدا هو الخاسر الأكبر.. لاتتركوا الاخرين "يشمتون" بكم..انزعوا الفتيل الآن قبل إعلان الحرب السابعة.. قبل أن تفوح روائح القتل والدماء، وقبل أن تنعق في دياركم البوم والغربان. لاينقص أمتكم شيئا مما تنتجونه بحروبكم ..يكفي هذه الامة ما أصابها على أيدي أبنائها قبل أعدائها ..عودوا الى رشدكم ..كل ما قمتم به كان ضد مصلحة اليمن ..وكل ما تتنازعونه وتسعون لتحقيقه في حربكم العبثية هو ضد مصلحتكم ومصلحة ابناء اليمن ...كفاكم ما فعلتم باليمن لمصلحة الاخرين ..نسألكم بالله ان تكفوا ..حرام ان تقلبوا سعادة اليمن بؤسا وموتا ودمارا وشقاء ....
