تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نصري الصايغ: أوكتافيا نصر.. والحزن الممنوع

 

محطة أخبار سورية

أوكتافيا نصر، بعد هيلين توماس؟ ضحيتان في شهر واحد! انه إفراط في الجدية الأميركية.

عبث... أميركا هي أميركا... لا تتغير، إلا إلى الأسوأ.. عبث... تكذب على مدار الساعة وعلى مدار الكوكب الأرضي.

عبث... هذه الدولة العظمى، مارقة بما لا يقاس، إذا قورنت بدول «الموز الديموقراطية».

... ونجد من يصدقها، ونكتشف من يدعو إليها، ونستمع إلى من يدافع عنها... ونتعثر، بين نشاط ونشاط، بمن يحذو حذو «مبادئها»، في «الديموقراطية» و«حرية الرأي» و«احترام الآخر». ثم نكتشف ان «مساعداتها» السخية لجمعيات «المجتمع المدني» تنصب على دعم التبشير والتأهيل، لنكون على مستوى «قيمها ومثلها العليا»، لئلا نوضع في مصاف «الشعوب الفاشلة».

عبث... لا مثيل أبداً لسياسة أميركا إزاء الحريات. لا مثيل لفاشيتها المتمادية.

قبل شهر، أخرجت هيلين توماس من البيت الأبيض، لأنها تجرأت على قول جملة واحدة لا غير، و«على الماشي»، قبل أن تستقل سيارة أجرة: «على اليهود أن يعودوا إلى البلاد التي جاؤوا منها».

ومنذ أيام قليلة، أخرجت الإعلامية، (اللبنانية الأصل، الفلسطينية «الجنسية» الأميركية الإقامة) من شبكة سي. ان. ان، وبعد تغطيتها أبرز أحداث منطقة «الشرق الأوسط» في عشرين عاماً.

ما سبب إخراجها من «بيتها الإعلامي»، (هكذا كانت تسميه، عندما كنت ألتقي بها في باريس) لقد قالت: إنني تبلغت بحزن نبأ وفاة السيد محمد حسين فضل الله».

مجرد الحزن بالكلام ممنوع... إحزن على كل شيء، إنما، إياك أن تحزن على شخصية تمت بصلة إلى من يعادي إسرائيل... عليك أن تفرح بقضاء ربك على أعداء إسرائيل وأميركا... وكل هذا، ليس جديداً. فأميركا هي أميركا. وهي لا تتغير، إلا إذا تلقت صفعة. وحده الضرب ينفع أميركا. قل لها «لا»، أو مارس هذه الـ«لا»، وستجد أنها ترتبك. ليس عندها من وسائل الإقناع غير العنف، غير الطرد، غير الاضطهاد، غير النهب، غير الابتزاز، غير القرصنة. غير الاستقواء على هيلين توماس وأوكتافيا نصر... والشعوب التي لا ترفع قبضاتها بوجهها.

لا براءة لأحد. الإعلام الغربي والأميركي تحديداً، في معظم أنشطته، معاد وقمعي وعنفي. هو في الحقيقة، ليس إعلاماً. هو احدى جبهات القتال التي تقوم بتنظيف العقل العربي، من أي بذرة مقاومة. هو إعلام يشبه المكنسة العملاقة؟ يكنس من أمام السياسات الاعتدائية السافرة، كل ما يمت إلى عناصر القوة.

استطاع هذا الإعلام ان يأخذ أكثرية العرب إلى «الحرب على إيران»، وإلى «السلام مع إسرائيل»، وإلى «الحصار لغزة» وإلى «مباركة العدوان على لبنان». وكيّف هذا الإعلام أنظمة عربية تساهم في مناورات عسكرية مشتركة. تمكن هذا الإعلام الأميركي، المترجم عربياً، أن يأخذ العرب إلى حروب القبائل في اليمن، وحروب الطوائف والأقوام في العراق، وإلى حروب المذاهب داخل الدين الواحد، من المحيط إلى الخليج... وفاز هذا الإعلام، بحذف فلسطين من خريطة الاهتمام، وإحضار إسرائيل إلى الصف العربي، لتصبح حامية دول الخليج، من «النووي الإيراني»، كما حقق خرقاً لصالح إسرائيل، عندما وقف مستهجناً «التدخل التركي السافر» في الشأن الفلسطيني.

لذا، يصح استبدال مصطلح الإعلام الأميركي، بالمعسكر الإعلامي، والترسانة الإعلامية، وعمليات القصف الإعلامية، وكل ما ينتمي إلى مفردات الحروب، بوجوهها المتعددة... ولأن هذا المعسكر هو في حالة حرب إعلامية مع منطقتنا، حضارة وديناً وحقوقاً وفكراً وثقافة، فإنه لا يحتمل في صفوفه، «خونة»، أمثال «الملاك» هيلين توماس في البيت الأبيض، وهو العمق الاستراتيجي في الحرب المعلنة، ولا «الطوباوية» اوكتافيا نصر في منصة القصف في السي إن. إن. حيث من خلالها تستطيع أن تذرف حسرة على رجل مات، يدعى السيد محمد حسين فضل الله.

لا براءة في عالم اليوم... الأميركي.. عليك ان تكون شريراً جداً. لتواجه الشرور الأميركية.

حتى نلسون مانديلا، المسالم جداً، الطوباوي جداً، ظل يردد بعد خروجه من السجن، وبعد 27 عاماً من العذاب والعزلة: «العنف يفرضه عليك المستعمر... أنت لست عنيفاً إلا لو ووجهت بعنف»... انت لست كاذباً إلا إذا كذبوا عليك... وأنا، تعلمت في إنكلترا الحقوق، وعرفت فيها قيم الديموقراطية والحرية، ولما عدت إلى بلادي، حاولت أن أقلد إنكلترا... هذا ممنوع. أنت لست هم. أنت عليك ان تمتثل وأن تكون مطيعاً.

الطاعة العربية لأميركا أشد ولاء من الكهنة الذين ينذرون الطاعة لرؤسائهم.

لأوكتافيا نصر نقول شكراً. ونقدر حزنك الجريء. ويا ليت لدى «الإعلام الأميركي المكتوب بالعربية» بعضاً من عاطفتك النبيلة.

السفير

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.