تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندمايصرخ الفلسطيني: أسقطوا عني جوازالسفر

 

محمد صالح مجيد*

محطة أخبار سورية

افتخر وزير الداخليّة في حكومة "حماس" السيّد "فتحي حمّاد" بمواصفات سجن جديد اكتمل بناؤه رغم الحصار، بِهِ بشّر سكّان غزّة، ووعدهم بأن يجدوا فيه كلّ مظاهر الراحة والرفاهة التي تجعله سجنا مُنْتَزَها!! وما كاد هذا الخبر المحزن يُنْسَى في زحمة الأحداث الأليمة، وفي غابة الأرجل التي تتزاحم على كرة القدم والألم في "جنوب إفريقيا"، حتى فاح خبر وزير الداخليّة في حكومة "عباس" "سعيد أبوعلي" الذي أبى إلّا أَنْ يُزايد على زميله في غزّة في جلب الانتباه السلبي!!.

 

السيّد الوزير في رام اللّه المحرَّرة!! رمى- مستأنسا بمن سبقوه في الخدمة- بالقانون عرض الحائط، ومنع جواز السّفر عن كلّ شخص لم يثبت ولاءه، ولم يَأْتِ مِنَ التصرّفات ما يجعل "عيون" السيّد الوزير المفتوحة ليلا نهارا، لا ترتاب في سيرته. وهو ما جعل عديد المنظّمات الحقوقيّة تضيق ذرعا بممارسات وزير الداخليّة في حكومة "عبّاس"، وتستنكر حملة التضييق الواسعة التي يشنّها على مَنْ لم يُعبّر عن انضباطه، والتزامه بما تفرضه السلطة القائمة في "رام الله" وما جاورها من قرى". وهذا الوزير في حكومة فيّاض- عبّاس هو أوّل من يُدرك أنّ ما يقوم به يتنافى مع الدستور الذي صاغه الحالمون بالوطن، والذي كفل لكلّ فلسطينيّ أن يحصل على جواز السفر بصرف النظر عن انتماءاته السياسيّة!

 

ويزداد الأمر غرابة، وتتعمّق المأساة في ظلّ الوضع الراهن الذي يحتاج فيه الرئيس الفلسطينيّ إلى تأشيرة جندي إسرائيليّ كي يغادر رام اللّه!! فرغم شعار "الدولة الفلسطينيّة" الذي يُزيّن هذا الجواز،يظلّ حامله واقفا في طابور طويل ينتظر إذنا من "إسرائيل" كي يغادر سجنه. وإمعانا في الإذلال يمنع وزير الداخلية بعض المغضوب عليهم من السفر قبل أن تمنعهم إسرائيل من ذلك.

 

إذن، عوض أن يتنافس الوزيران على تخفيف المعاناة عن المواطن الفلسطيني المحروم من أبسط مباهج الحياة، وأن يكونا عونا له على تجاوز محنته، عمدا كلّ من جهته،إلى التنافس على البحث عن أفضل السبل للضغط على كلّ مَنْ رماه القدر، وحكم عليه أن يخضع لسلطتهما المباشرة.

 

ومرّة أخرى يتأكّد أنّ "حماس" من جهة و"عبّاس" من جهة أخرى، قد حوّلا المواطن الفلسطينيّ الذي شاءت أقداره أن يُولد، وأن يكبر في "غزّة" أو "رام الله" إلى سجين يأتمر بأوامر سجّانه كي يعيش، ويضمن أمن أبنائه.ويأبى القدر إلا أن تتواصل مأساة شعب عانى من زيف التاريخ، ومن ظلم الجغرافيا وأن ينتقل، في أسره الأبديّ، من هراوة عِبريّة تكوي جلده، وتُدمي جسده وروحه إلى عصا عربيّة تضيق عليه الأنفاس.

 

ولعلّ السيد وزير الداخليّة في حكومة "عبّاس-فيّاض قد فهم بطريقته الخاصّة صرخة الشاعر محمود درويش "كلّ قلوب الناس جنسيتي.. فاسقطوا عنّي جواز السفر"فأراد أن يخلّص المحرومين من جواز السفر من مشقّة الوقوف في الطابور انتظارا لإذن الجندي الإسرائيليّ بالمغادرة!!

 

ملاحظة: مواطن فلسطيني كان ممنوعا مِنِ السفر في الوثائق الإسرائيليّة، تفطّن إلى أنّه ممنوع أيضا من السفر في الوثائق الأمنيّة الجديدة. الفرق الوحيد هو أن قرار منعه كان مكتوبا بالعبريّة، أمّا الآن فهو مكتوب بخطّ عربيّ جميل؛ لقد اكتشف أن إسرائيل رحلت، وتركت أرشيفها لمن ورث الأرض بعدها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.