تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الغرب يقرأ في كتاب محظور

محطة أخبار سورية

هل مالت كفة الميزان حقاً في الأوساط الشعبية الغربية، والأوروبية وخصوصاً لمصلحة رؤية محايدة للصراع العربي الصهيوني؟

 

وهل انفتحت شهية الغرب في السنوات الأخيرة على قراءة كتاب هذه المنطقة بعقولهم ولغاتهم بعد أن ضيعوا نصف قرن من الغرام بالعنوان الصهيوني على غلاف هذا الكتاب، دون أن يجربوا ولو فضولاً تقليب صفحاته، وامتحان ذوقهم الإنساني في قبول ما يطابق الحقيقة، ورفض ما يناقضها، كي لا تستحكم الخديعة بعقولهم جيلاً إثر جيل، ويسقط من تراثهم الحضاري فصل العدل الذي نصبوا على قواعد نصوصه أقواس محاكمهم التي يتباهون بها على أمم الأرض!‏

 

هل نحن أمام رأي عام غربي متحول ومتأهب لليقظة بعد أن فعلت ثورة الميديا فعلها في ضميره، وأسعفته الصورة الناطقة ليرى ويسمع مالم يكن مستعداً لرؤيته وسماعه، أم إننا نحن الذين نكاد نسقط في فخ الوهم، لمجرد أن هيلين توماس قالت ما قالته، وجورج غالوي فعل ما فعله، وعمال الموانئ في السويد امتنعوا عن تفريغ البضائع القادمة من مرافئ فلسطين المحتلة، على سفن الكيان الصهيوني، الأمر الذي غوانا بأن نصدق أن انقلاباً نوعياً قد عصف بعواصم الغرب، فنقلها من ضفة إلى ضفة، وانتزع من أحشائها صرخة الحق التي لم تصل إلى آذاننا منذ أكثر من ستين عاماً، فراحت تخلي واجهة مسرحها الفسيح لشهود اليقين بدلاً من شهود الزور !‏

 

ليس انقلاباً ولا وهماً ذلك الذي تشهده مجتمعات الغرب من ديناميات متسارعة لوعي مدني وحقوقي يحاول استكمال قراءة القصة حتى آخر صفحة فيها، كي يحسم وجهة صوته، في أي ميزان سيحط، وبأي لغة سيصوغ نداءه، حين يكسر صمته مرة واحدة وأخيرة، ذلك الوعي الذي مازال في مرحلة القراءة المتأنية، أحدث نقلة لافتة في ردود فعله، أولى تباشيرها سقوط المحرم الصهيوني لديه، وقبول فكرة الحقوق في الرواية الفلسطينية المكتوبة بالدم، والمشغولة باللحم البشري المطعون في الحروب غير المتكافئة !‏

 

ولعل الثروة الثمينة التي أهداها النظام الحر الغربي لشعوبه وللبشرية في عصرنا الحديث، لم تكن في اقتصاده المزدهر، وصناعاته الحربية ومنجزاته في الطب والفضاء فحسب، بل في نهوض مؤسستين مضيئتين في محيطه الاجتماعي، هما منظمات المجتمع المدني، ومنظومته الحقوقية والقانونية التي لا تزعزعها رياح الهوى السياسي، إلا في استثناءات نادرة، هاتان المؤسستان هما الملعب الأرحب اليوم، الذي تتسارع فيه استفاقة الوعي الغربي وتتشكل ردود الفعل الحارة على يوميات منطقتنا الملتهبة ، وتنسج وقائع ملموسة لرواية جديدة تنسف آخر ركائز الخيال في الرواية الصهيونية البائسة والملفقة!‏

 

ربما يكون جورج غالوي أو هيلين توماس قد ألقيا الحصى في البحيرة الراكدة ولامسا عصباً في الوعي الغربي لم يلامسه أحد قبلهما، وهو ما لا يمكن جحوده ونكرانه، لكن ما يقلق المؤسسة الصهيونية الحاكمة في تل أبيب، ليس الصوت الذي يرميها بالحجارة، ويهتك سترها في الغرب، بل ملاحقتها بعصى المؤسسات المدنية والحقوقية، من ناشطي أساطيل الإغاثة للفلسطينيين، إلى الدعاوى المقبولة اليوم أمام محاكم باريس وبروكسل ولندن وسواها، ضد جنرالات وسفاحين صهاينة برتب مجرمي حرب مطلوبين للعدالة !‏

 

هذه الدينامية التي تتسارع اليوم في الملعب المدني والحقوقي للغرب، هي ما يمكن الرهان عليه، حتى قبل أن يكمل الوعي الغربي تقليب صفحات الرواية الفلسطينية ، وقبل أن ينتج هذا الغرب نخباً سياسية تسترشد بصحوة مجتمعها المدني ومنظومتها القانونية، وهو الأمر الذي مازال بعيد المنال في المدى المنظور!‏

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.