تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

البطالة تتزايد والشباب يسجلون في مكاتب التشغيل دون فائدة

 

محطة أخبار سورية

 

البطالة مرض خبيث يزداد يوماً بعد يوم خطورةً وتعقيداً ويشكّل آفة من الآفات الاجتماعية التي تهدد جميع المجتمعات التي توجد فيها، فعدم وجود فرص عمل للشباب قد يؤثر عليهم سلباً من خلال لجوئهم إلى مصادر رزق أخرى بطرق خارجة عن القانون.

 

ما يؤدي إلى زيادة نسبة الجرائم والسرقات وجميع الموبقات التي تؤدي إلى إضعاف المجتمع وانهياره، فلابدّ من حلّ جذري لهذه المشكلة من خلال توفير فرص عمل للشباب عن طريق إنشاء مشروعات استثمارية يزجّ فيها كل العاطلين عن العمل ولاسيما الخريجين منهم عدا عن العمل على إعادة تفعيل مكاتب التشغيل وذلك ليحظى أكبر عدد ممكن من الشباب بفرص عمل تمكنهم من ممارسة حياتهم الطبيعية على أكمل وجه، وذلك للنهوض بمجتمعهم نحو التقدم والازدهار مع الأمل بتوخي مكاتب التشغيل العدل والإنصاف في توزيع شواغر العمل على قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب.

 

آراء الشباب

استعرضنا آراء بعض الشباب في مشكلة البطالة التي يعاني منها أغلبهم حيث أكدت علا طالبة أن هناك العديد من الشباب ممن سجلوا في مكاتب التشغيل منذ حوالي عشر سنوات ولم تتوفر لهم أي فرصة للعمل وبعضهم الآخر ألغوا تسجيلهم لأنهم تجاوزوا السن القانونية للتوظيف، بينما هناك أشخاص لم تتجاوز مدة تسجيلهم سنة أو أقل وحظوا بفرصهم في العمل، وذكرت أن التقاعد المبكر هو أفضل طريقة لتوظيف أكبر عدد ممكن من خريجي الجامعات والمعاهد الذين كان طموحهم العمل بشهاداتهم بعد التخرج ولكن للأسف لم يتحقق أملهم بذلك، مطالبة الجهات المختصة أن تنظر في هذا الأمر للحد من بطالة الشباب والسعي لدخولهم في سوق العمل.

 

وقد قال عبد الله موظف: سجلت في مكتب التشغيل منذ أكثر من 12 سنة وخلال العام الحالي حظيت بفرصة عمل بعد أن كدت أفقد الأمل في التوظيف مشيراً إلى أنه طوال تلك الفترة كان يتردد إلى مكتب التشغيل ولكن لا حياة لمن تنادي ويتساءل متى سيحظى من يسجل في مكتب التشغيل بفرصة عمل قبل أن يبلغ السن القانونية ويفقد حقه في الوظيفة؟

 

آلية جديدة للتشغيل

من جانبه طه فرحات- مدير القوى العاملة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قال: إن مكتب التشغيل يؤدي المهام الموكلة إليه وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة إذ يتم تنظيم عمل المكتب بموجب قرار يصدر عن الوزير ويستند لأحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة وتعديلاته.

 

بيّن أن التوظيف بواسطة المكتب يكون إما عن طريق الترشيح للجهات العامة وإما عن طريق توظيف (استثناء) فالترشيح للجهات العامة صاحبة الحق بالتعيين يتم بناءً على طلب هذه الجهات لحاجتها من العاملين عن طريق مكتب التشغيل حيث تقوم الجهة العامة بإرسال إخطار ترشيح إلى المكتب المختص تحدد فيه الشروط والمواصفات المطلوبة للمرشحين بما يتناسب مع طبيعة عملها وفقاً لقرارات مجلس الوزراء ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

 

أما توظيف الاستثناء فقد سمّي بهذا الاسم لأنه مخصص لفئات معينة كالأطباء والمهندسين والحقوقيين إذ يتم طلبهم من الجهات المخولة استناداً إلى مهاراتهم وخبراتهم وذلك بتوقيع صك تعيين أو بقرار من مجلس الوزراء.

 

وأوضح أن آلية التشغيل لديهم ألغيت وذلك بعد صدور المرسوم التشريعي رقم /116/ تاريخ 18/9/2011 الذي عدّل المادتين /8-10/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004 وصدرت إجراءات وأصول التعيين بموجب قرار من مجلس الوزراء المستند في نصه إلى المرسوم التشريعي الذي ذكرناه, حيث أصبح التعيين والتعاقد لدى الجهات العامة يتم بموجب مسابقة أو اختبار تعلن عنه الجهة صاحبة الحق بالتعيين وتتبع فيها الإجراءات المنصوص عنها وفق أحكام هذا القرار وأشار إلى أنه تم إلغاء هذه المكاتب لإتاحة الفرصة للمتعطلين عن العمل بالتقدم لأكثر من مسابقة واختبار دون التقيد بتسلسل دوره ضمن المكتب.

 

علا خندقجي رئيسة وحدة مشروع برنامج تشغيل الخريجين الشباب في هيئة التشغيل بينت أن الهدف من هذا المشروع رفد الجهات العامة بكوادر إضافية من خارج الملاك العددي للمؤسسة والمساهمة من خلال توفير فرص عمل لخريجي المعاهد والجامعات بما يعادل خمسين ألف فرصة عمل وبمعدل عشرة آلاف فرصة عمل سنوياً لمدة خمس سنوات كما يهدف أيضاً إلى إكساب الشباب المستفيدين من البرنامج خبرات عملية خلال فترة التعاقد وبالتالي تزيد قدرتهم على الاندماج بسوق العمل. وقد أشارت إلى أنه تم التعاقد مع 8968 فرصة عمل من قبل الجهات المشاركة توزعت بواقع 4818 للفئة الأولى 4150 للفئة الثانية, حيث كانت نسبة التنفيذ 90% وهي نسبة جيدة جداً عندما يتم الأخذ بعين الاعتبار الوقت المحدد لتنفيذ الخطة والظروف التي تكون خارجة عن إرادة الجهات المعنية وكذلك الواقع الحالي الذي تعاني منه بعض المحافظات وذكرت أنه من ناحية أخرى واستناداً إلى المؤشرات الأولية التي وردت من بعض الجهات تفيد أن أداء طالبي العمل الذين تم التعاقد معهم كان ايجابياً وفعالاً بامتياز.

 

وترى خندقجي أنه من المبكر حالياً الحكم على نتائج المشروع على اعتبار أن البرنامج مازال في بداياته حيث سيتم التركيز مستقبلاً على متابعة تقييم الأداء وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية بهدف تفعيل الايجابيات وإيجاد الحلول للسلبيات إن وجدت.

 

ومن ناحية أخرى أكدت خندقجي أن هيئة التشغيل تنفذ حالياً عدة برامج تستهدف التوظيف بالقطاع الخاص التشغيل المضمون، تشغيل الباحثين عن عمل، حيث إن برنامج التشغيل المضمون يعتبر من البرامج المميزة والمهمة التي ترتكز على مفهوم التدريب.

 

من أجل التشغيل وتستند إلى صيغة متكاملة وتشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص حيث يلبي في الوقت نفسه أهداف الحكومة لتأمين فرص عمل وحاجات القطاع الخاص لتوظيف أشخاص أكفياء، ويتضمن الاتفاق مع الشركات الخاصة التزام الهيئة بتأمين اليد العاملة ومنح الذين يتم توظيفهم مكافأة مالية تعادل 9000 ليرة خلال فترة التدريب التي تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر مقابل أن تلتزم الشركة الخاصة بتدريب العاملين والتعاقد معهم لمدة لا تقل عن سنة كاملة قابلة للتجديد بحسب الكفاءة والحاجة أما بالنسبة لبرنامج تشغيل الباحثين فهو يرتكز على مبدأ برنامج التشغيل المضمون نفسه لكن تمول الهيئة بموجبه بما يعادل أجر بدء التعيين لنظيره في الجهات العامة لمدة سنة كاملة مقابل التزام صاحب العمل بإبرام عقد معه لمدة خمس سنوات متضمنة السنة الأولى أو بتمويل 50% من أجر المشتغل بما يعادل نصف أجر بدء التعيين لنظيره في الجهات العامة لمدة سنة كاملة مقابل التزام صاحب العمل بإبرام عقد معه لمدة ثلاث سنوات متضمنة السنة الأولى.

 

وبيّنت أن التوزيع الجغرافي لخطة البرنامج للعام 2011 وكذلك للخطة المقترحة للعام 2012 استند إلى التوزيع النسبي نفسه الذي ورد في احتياجات الجهات المشاركة وبذلك فإن مؤشر احتياجات تلك الجهات كان المعيار الأساسي في توزيع فرص العمل على المحافظات والإدارات المركزية، حيث إن فرص العمل توزعت جغرافياً في خطة عام 2011 فكان نصيب مدينة دمشق حوالي89% من الخطة، وحلب 90%، وطرطوس 96%، واللاذقية 93%، والرقة 88% وكانت الإدارة المركزية تشكل نحو 84% من خطة التشغيل.

 

وعن هذا الموضوع أوضح الدكتور ياسر المشعل (كلية الاقتصاد- جامعة دمشق) أن مكاتب التشغيل يجب أن يكون لها دور فعال كونها الأساس في مكافحة البطالة، مشيراً إلى أن سوق العمل يحتوي طالبي عمل وعارضي عمل, فعارضو العمل هم الأشخاص الحاصلون على الشهادات الجامعية حيث إن لديهم كفاءات معينة ويريدون أن يعرضوا قوة عملهم للحصول على فرصة عمل مناسبة لهم.

 

أما طالبو العمل فمنهم الشركات المحتاجة للعمالة، وحلقة الاتصال بين الاثنين مكاتب التشغيل مشبهاً إياها بالبورصة التي يجتمع في مقرها من لديهم الأموال ومن هم بحاجة لها والأمر نفسه بالنسبة لمكاتب التشغيل ولكن المشكلة أن آلية عملها في سورية غير جيدة وذلك من خلال الإجراءات الإدارية والتقنية التي تعمل بها إضافة لعدم وجود اتصال فعال مع القطاع الخاص بينما نحن اليوم بحاجة إلى مكاتب تشغيل بصيغة أخرى أكثر فاعلية إذ يجب أن ننسى تلك الصيغة وهي أن يسجل الشخص في مكتب التشغيل وينتظر حتى يأتي دوره وربما لن يأتي، فنحن نريد إعادة هيكلية مكاتب التشغيل ليكون لها اتصال قوي مع كل الجهات الطالبة للعمل بغض النظر عمن هي الجهة سواء أكانت قطاعاً عاماً أم خاصاً أم مشتركاً أم أشخاصاً، فعلى كل شخص يريد كادراً لشركته عليه أن يتصل بمكاتب التشغيل لتزويده بهم.

 

مكاتب تشغيل خاصة

وأضاف المشعل: يوجد نوعان من الوظائف الوظيفة طويلة الأجل CDE الوظيفة الثانية CCD وهي العقد الموسمي، اليومي، الأسبوعي ومن خلال ذلك يمكن تفعيل مكاتب التشغيل، التي لديها قوائم بأشخاص يتمتعون بمواصفات محددة يمكن لأي شركة تطلب مثل هذه المواصفات تزويدهم بها سواء أكان موظفاً ليوم واحد أم لشهر أم كان موظفاً مؤقتاً أو دائماً وبذلك يتم توزيع المسجلين في مكاتب التشغيل على الشركات التي تطلب كوادر ذوي مواصفات معينة لذا يجب على مكتب التشغيل أن يكون لديه آليات غير الآليات الإدارية الموجودة حالياً ومن جهة أخرى من الأفضل إحداث مكاتب تشغيل خاصة مراقبة من قبل الدولة كالبنوك مثلاً ففي القطاع الخاص نجد كفاءة ومرونة أكثر من القطاع العام.

 

وأكد أن الجو العام في الدوائر الحكومية يفرض طبيعة تعامل خاصة تتصف بعدم المرونة في ظل غياب الحوافز فالعمل الإداري في القطاع العام بطيء جداً نتيجة أوضاع معينة وذلك ينعكس على مكاتب التشغيل التي يجب أن تتمتع بالمرونة العالية بحيث تستطيع تلبية متطلبات طالبي العمل في أي لحظة مهما كانت طلباتهم، فمكاتب التشغيل لا تتمتع بالمصداقية لأن الشخص الذي يسجل في المكتب لا يعرف إن كان دوره في العمل سيأتي أم لا أي رفع عتب لأنه عندما نفقد المصداقية بأي مكتب يصبح تعاملنا معه هامشياً وبالتالي سيفقد أهميته.

 

وقال المشعل: ربما يكون تقصير مكاتب التشغيل ناجماً عن ضعف الاقتصاد الوطني, فالاستثمارات لدينا قليلة جداً اليوم وتالياً فإن طالبي العمل قليلون بالقياس لعارضي العمل, إذ إن حجم الاستثمارات في الاقتصاد الوطني ومستوى النشاط الاقتصادي يؤثران في مكاتب التشغيل لأنها في الأساس ليس لديها فرص عمل.

 

وأوضح أن حجم العمل الحكومي ليس كبيراً كون الاستثمار فيه بطيئاً جداً والدولة لا تستطيع القيام بـ 60 ألف مشروع في الوقت نفسه أما توسع القطاع الخاص فهو توسع كبير لذا يجب إعطاؤه دوراً أكبر لكي يحصل اتصال ما بين القطاع الخاص ومكاتب التشغيل.

 

ورأى أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مقصرة حيث أفرغت مكاتب التشغيل من محتواها فأصبحت نافذة لتسجيل الأسماء فقط لا أكثر.

 

وفي النهاية يبقى دور مكاتب التشغيل حبراً على ورق ما لم يتم تفعيله بشكل يؤمن فرص عمل للشباب الذين ما زالوا ينتظرون دورهم من دون فائدة وهنا لا بد من معالجة هذه المشكلة قبل أن تتفاقم أكثر فأكثر من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الصناعية والزراعية والسياحية كونها تستوعب أكبر عدد من العاطلين ممن يتقدمون إلى هذه المكاتب لتأمين فرص عمل لهم.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.