تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

في العراق.. الشرطة بحاجة إلى رجال شرطة

 

محطة أخبار سورية

في العاشرة صباحا "0700 بتوقيت جرينتش" يوم الاثنين من هذا الأسبوع قال المقدم علي خلف إن قسم الشرطة في بلدة الرمادي العراقية أمره بالعودة الى الخدمة بعد توقفه عن العمل ثمانية اشهر.

 

وفي الساعة 1.45 ظهرا "1045 بتوقيت جرينتش" من اليوم نفسه انفجرت قنبلة بجهاز تحكم عن بعد في حائط مطبخه لتقتل ابن شقيقه الذي يبلغ من العمر 20 عاما وهو ضابط أيضا بالشرطة.. بعد ذلك بربع ساعة انفجرت عبوة ناسفة أخرى مثبتة في ميقاتي غسالة ملابس خارج منزله.

 

لم يكن خلف في حاجة الى مزيد من الإثباتات للخطر الذي تتعرض له قوات الأمن العراقية من قبل حركة مقاتلين يتكيفون مع الأوضاع الجديدة او من قبل ضباط الشرطة الفاسدين الذين يغذونها.

 

وقال بالهاتف من الرمادي على بعد 100 كيلومتر غربي بغداد " انا الآن أريد عمل جواز سفر لي ولعائلتي. سأغادر العراق للبحث عن مكان آمن لي ولعائلتي. لم يعد لنا هنا مكان آمن."

 

وانفجرت أربع قنابل في ذلك اليوم خارج منازل ثلاثة ضباط بالشرطة في الرمادي عاصمة محافظة الأنبار التي كانت ذات يوم معقلا لرجال تنظيم القاعدة.

 

وكان ابن شقيق خلف الذي تحطم رأسه وبترت أحدى ذراعيه من جراء الانفجار أحدث ضحية في موجة من جرائم القتل المستهدفة التي أصبحت الآن أسلوبا يتبعه المتشددون.

 

وانخفضت أعمال العنف في المجمل بالعراق انخفاضا حادا منذ جرائم القتل الطائفية التي استمرت من عام 2006 الى 2007 .

 

لكن في الأشهر الأخيرة أفسحت التفجيرات واسعة النطاق التي ميزت تنظيم القاعدة في العراق الطريق لعمليات اغتيال بدم بارد.

 

ويعتبر ضباط الشرطة الذين يتخرجون من أكاديميات لينضموا الى قوات في الخطوط الامامية هدفا مفضلا الى جانب زعماء القبائل والمسؤولين الحكوميين والمتشددين الذين غيروا ولاءاتهم وساعدوا في تحويل دفة الصراع الطائفي.

 

ويعتبر المتشددون أفراد الشرطة خونة متواطئين مع الجيش الأمريكي من الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

 

وفي الأسبوع الحالي قال اللفتنانت جنرال مايكل باربيرو قائد مهمة حلف شمال الأطلسي للتدريب بالعراق خلال تخريج نحو 700 من أفراد الشرطة الاتحادية الذين تدربوا على أيدي ايطاليين خارج بغداد "لم ينته هذا بعد".

 

وقال لرويترز "القاعدة وغيرها معاقون ومحطمون لكنهم ما زالوا موجودين وقادرين على تنفيذ هذه الهجمات سواء كانت هجمات رفيعة المستوى أو أعمال ترويع."

 

ومنذ فبراير شباط قتل اكثر من 100 في هجمات مستهدفة وأعدمهم مسلحون مزودون بكواتم للصوت كثير منها محلية الصنع او تم نسفهم داخل سياراتهم باستخدام قنابل صغيرة مثبتة بمادة لاصقة او بمغناطيس.

 

وتبرز قضية خلف واحدة من أبرز التحديات التي تواجه قوات الأمن العراقية فيما تستعد القوات الأمريكية لإنهاء العمليات القتالية في اغسطس آب القادم وخفض الأعداد الى 50 الفا من العدد الحالي الذي يبلغ 94 الفا بحلول الأول من سبتمبر ايلول.

 

ويقول الجيش الأمريكي إن عدد أفراد قوات الشرطة العراقية يبلغ الآن نحو 400 الف فيما يبلغ عدد أفراد البحرية والقوات الجوية نحو 250 الفا.

 

وقال خلف إنه في عام 2007 انضم لأفراد آخرين في مجتمعه في حمل السلاح ضد متشددي القاعدة وفي نهاية المطاف منحته القوات الأمريكية رتبة مقدم.

 

وأضاف أنه قبل ثمانية اشهر طرده ضباط سابقون كانوا يعملون إبان حكم صدام وعادوا الى العمل بعد تحسن الوضع الأمني.

 

وفي الأسبوع الماضي استدعاه عقيد يحتاج الى مقاتلين ذوي خبرة. ثم تلقى رسالة نصية على هاتفه المحمول جاء فيها "سيوفنا متعطشة لرقابكم".

 

ثم جاءت القنبلتان. ويقول خلف إن فساد الشرطة والتواطؤ مع المتشددين متأصلان.

 

ويوم الاثنين حكم على ضابط شرطة ببلدة سامراء على بعد 100 كيلومتر شمالي بغداد بالسجن 51 عاما لتسريبه معلومات عن ضباط زملاء له لتنظيم القاعدة.

 

ويوم الثلاثاء ألقي القبض على عدد من كبار ضباط الشرطة في حي البياع ببغداد فيما يتصل بجريمة سرقة ذهب في حي للتسوق يخضع لحراسة مشددة وقتل خلالها 14 شخصا.

 

وقال خلف "العديد من المسؤولين الأمنيين والمحليين يتعاونون مع القاعدة.. "الهدف هو ابعاد الوطنيين الشرفاء الذين عملوا سابقا في مقاتلة القاعدة ومنعهم من العودة مرة أخرى الى العمل."

 

ولدى سؤاله عن قضية خلف قال باربيرو إن الولايات المتحدة تساعد وزارة الداخلية في "اختيار" المجندين مضيفا "الدرس الذي استوعبته من هذا هو أن علينا مواصلة الضغط على شبكات "المتمردين"."لكن خلف يقول إنه ما عاد يعرف بمن يثق.. "ما يهمني الآن هو أن أجد مكانا آمنا لي ولعائلتي حتى يظهر مرة أخرى اناس شرفاء نستطيع أن نضع أيدينا بأيديهم لكي نعمل معهم مرة أخرى".

 

من عراق الأمس إلى عراق الغد رحلة مضنية

أول ما يشير إلى أن كريستوفر "كيفر" أندرس ليس مجرد رئيس تنفيذي عادي هو المسدس الآلي عيار 9 ملليمترات الذي يتدلى من جانبه الأيمن.

 

"بغض النظر عن الوضع اليوم لم تتغير اجراءاتنا الأمنية منذ عام 2007 عندما كان العنف هنا في ذروته" هكذا قال الرئيس التنفيذي لمجموعة ايه.اي.اس.جي خلال جولة في ساحة الشركة في بغداد حيث يقوم عمال عراقيون بتحويل حاويات شحن مهملة إلى وحدات سكنية وحجرات تخزين مؤقتة.

 

ونظر إلى مسدسه لحظات ثم ابتسم قائلا "لم اضطر أبدا لاستخدامه حتى الآن."

 

ويصحب أندرس اثنان من الحرس الشخصي يحمل كل منهما مسدسا ودائما ما يتواجدان على مسافة معينة من الرئيس التنفيذي وأعينهما تدور في كل اتجاه باستمرار.

 

بعض الأمور لم تتغير بالنسبة للشركة المتعاقدة الأمريكية التي اتخذت العراق مقرا على مدى السنوات الست المنصرمة لكنها - مثل العراق - تمر بفترة انتقالية رئيسية.

 

ولدى إيه.آي.إس.جي 500 موظف 80 بالمئة منهم عراقيون.

 

تقدم الشركة خدمات انشائية وأمنية وتوفر المواد الغذائية والمياه وخدمات التخلص من المخلفات لمتعاقد وحيد هو الجيش الأمريكي. لكن بعد مرور سبع سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين يقترب الجيش الأمريكي من خفض عدد قواته في العراق بواقع النصف إلى 50 ألف جندي ويستعد بحلول عام 2011 لمغادرة العراق - حيث هدأ الصراع الطائفي إلى حد كبير لكن الهجمات والتفجيرات مازالت من حقائق الحياة اليومية.

 

وبالنسبة لإيه.آي.إس.جي - ومقرها الرئيسي في بغداد - والشركات الأخرى المماثلة التي يعمل بها 100 ألف متعاقد في العراق فإن هذا يعني البحث عن مصدر جديد للإيرادات.

 

وقال أندرس "الاختيار واضح بالنسبة لأولئك المتعاقدين الذين استطاعوا الاستمرار حتى الآن ... إما ايجاد نشاط تجاري أو المغادرة." وكما هو الحال بالنسبة للعراق تراهن المجموعة على صناعة النفط.

 

يملك العراق ثالث أكبر احتياطيات معروفة من النفط في العالم ووقعت الحكومة الحالية 11 اتفاقا طموحا لتطوير آبار نفطية مع شركات كبرى مثل رويال داتش شل وايني الإيطالية واكسون موبيل وأوكسيدنتال بتروليوم وكوجاس الكورية الجنوبية. ومن المتوقع نظريا أن ترفع هذه الاتفاقات العراق إلى المركز الثاني بين الدول المنتجة للنفط من المركز الحادي عشر حاليا وتعزز طاقته الانتاجية خلال سبع سنوات إلى 12 مليون برميل يوميا - وهو ما يقل قليلا عن الطاقة الانتاجية للسعودية - مقارنة مع 2.5 مليون حاليا.

 

لكن ما إذا كان العراق يستطيع تحقيق هذا الهدف أو إن كان ينبغي له أصلا أن يسعى لذلك هما سؤالان بلا اجابة فهذه الكمية من النفط كفيلة بدفع الأسعار للهبوط. لكن ما لا شك فيه هو أنه يجري الاعداد لتعزيز الانتاج بدرجة كبيرة.

 

يقول صامويل سيزوك محلل شؤون الطاقة لدى آي.اتش.إس جلوبال انسايت "يرى معظم الناس وأنا منهم أن العراق شديد التفاؤل في أهدافه بل يرى بعضهم أنه مسرف في التفاؤل ... لكن ما لم تطرأ مشكلة ما في العراق فسيكون "الانتاج" ضخما."

 

وأضاف "ما من طريقة أخرى لقول ذلك: إنه ضخم."

 

وجاءت بالفعل شركات نفطية كبرى وشركات خدمة تابعة لها إلى العراق أو هي في طريقها لذلك وتعد لمشروعات ضخمة لاصلاح البنية التحتية النفطية ومنشآت التصدير المتقادمة في العراق إلى جانب رفع الطاقة الانتاجية.

 

بالنسبة لإيه.آي.اس.جي فإن هذا يعني نشاطا جديدا. فالمجموعة تعمل بالفعل مع مؤسسات بصناعة النفط لانهاء اجراءات تسجيلها في العراق بهدف أن توفر لها نفس الخدمات التي تقدمها للجيش الأمريكي إذ مازال العراق مكانا غير آمن.

 

وقال أندرس "هذه الشركات تريد أن تعرف كيف يمكنها تنفيذ هذه العقود دون أن تخشى من تعرضها لخطر ... وهنا يأتي دورنا."

 

وجذبت الاتفاقات النفطية أيضا اهتمام مستثمرين آخرين لأنها قد تكون الشرارة اللازمة لاطلاق استثمارات أوسع نطاقا في جميع جوانب الاقتصاد.

 

وقال زاب سيثنا رئيس مكتب مؤسسة الاستثمار نورذرن جلف بارتنرز في بغداد " الاتفاقات النفطية رفعت مكانة العراق في مجتمع الأعمال العالمي ... عندما يرى الناس شركات كبرى توقع اتفاقات ضخمة للاستثمار في العراق فهذا يضع البلاد بحق على خريطة الاستثمار."

 

ويقول سيثنا إن هذا الاهتمام يعكس حقيقة أنه بعد عشرات السنوات من الحرب والعقوبات فإن العراق "يحتاج كل شيء تقريبا". وقد يعني ذلك مشروعات بنية تحتية بمئات المليارات من الدولارات.. وأضاف "العراق بلد فقير لكن لديه الامكانيات لأن يصبح غنيا."

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.