تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المستوطنون في فلسطين إلى أين؟

محطة اخبار سورية

منذ أيام شهدت فيلماً وثائقياً يصور المستوطنين الأوروبيين الصهاينة في مستوطناتهم المترفة وبيوتهم المموَّلة من الرأسمالية الكبرى في العالم، شهدت عنجهيتهم في الحديث وتحديهم للقوانين الدولية كلها، وتمترسهم وراء وعد الإله (يهوه) ليهودها في زمن ما منذ آلاف السنين في فلسطين. وتمطى السؤال: أهؤلاء الناس يصدقون فعلاً ما يعلنونه؟ أهم يعتقدون حقاً أنهم باقون في أرض تكرههم كراهية موزامبيق وغوا للبرتغاليين وكينيا ونيجيريا للإنكليز، وفي جوار يعاديهم ولا ينتظر إلا لحظة إدارة الغرب ظهره لهم لينهي آخر تجربة استعمارية غربية في العالم القديم.

رأيت في الفيلم واحداً من المؤرخين يتحدث عن تجربة الحروب الصليبية رعب غابوتنسكي وبن غوريون وبيريز الأبدي، رأيته يتحدث عن قدوم مئات الآلاف من الأوروبيين إلى الشام يحتلون سواحلها وجزءاً من دواخلها ويظنون أنهم باقون إلى الأبد، ولكن المؤرخ وهو مرجع أساسي في الحروب الصليبية يقول: كان الأوروبيون الذين سموا أنفسهم بالصليبيين حديثي عهد بالمسيحية. فمعظمهم كان من النورمان الذين اجتاحوا أوروبا قبل تحولهم إلى الشرق بتوجيه من البابوية لصرف أذاهم ووحشيتهم عن أوروبا. هؤلاء النورمان أبناء الفايكنغ المباشرين لم يكن قد مضى عليهم في المسيحية إلا أقل من مئة عام وكانت وحشية الفايكنغ لا تزال تغلي في عروقهم، أما الكتلة التالية من المقاتلين فكانت من قبائل الفرنك أو الفرنجة وهم حديثو عهد بالمسيحية أيضاً، فصدمت وحشيتهم المجتمعَين المتحضرَين بيزنطة الأرثوذكسية والشرق الإسلامي وروَّعتهم الوحشية والمذابح الاستئصالية في القسطنطينية وقونية والمعرة ثم في القدس، ودبّ الرعب في المجتمعَين إلى أن تمالكوا أنفسهم بعد الصدمة وبدؤوا رحلة استعادة المكان....، وكان على المتفرج أن يستكمل الرسالة.

 

أما المؤرخ التالي فتحدث عن المقارنة بين التجربة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وكيف حاولت تكرار التجربة الصليبية في إلغاء المجتمع الجزائري تماماً وإحلال المستوطنين الأوروبيين محلهم، وقلّة من يعرف أن أكثر من ثمانين بالمئة من مستوطني الجزائر لم يكونوا من الفرنسيين، بل كانوا من الباحثين عن غنيمة سهلة وفرصة سهلة للإثراء من الإيطاليين والإسبانيين والألمان والبرتغاليين. أي كل أولئك الذين لم تقدم لهم أوطانهم الأصلية فرصة العيش الرغيد بلا ثمن. ألا يذكرنا هذا بالمستوطنين في فلسطين الآن وبقطعان الروس الذين تجاوزوا المليون في بضع سنين، وربما كان أكثر من نصفهم ليسوا من اليهود، بل من الباحثين عن فرصة للثروة لن يحصلوا عليها في بلدانهم الأصلية، وعلى رأسهم بلطجي البارات الذي ينفي أي مشروعية للعرب سكان البلاد وأصحابها في فلسطين أفيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا. ‏

وفي مقارنة هذا المؤرخ للتجربة الفرنسية بالتجربة الصهيونية، كان يقدم النتيجة دون أن يقولها! لقد رحلت فرنسا بعد مئة وثلاثين عاماً من الجزائر ولكن مؤرخاً ثالثاً تحدث عن صراع الثقافات بين الغرب والشرق فتحدث عن تفوّق الشرق الإسلامي والبيزنطي على الصليبيين التفوق الحضاري الهائل، فكان حين مضوا أن لم يتركوا في الشرق إلا حجارة وبقايا قلاع مهدّمة، أما الغزوة الفرنجية للجزائر وكانت تتقدم تقدماً تكنولوجياً هائلاً على الجزائر، فقد تركت حنيناً لدى البعض ممن يسمونهم بالفرانكوفونيين إلى فرنسا وثقافتها وإدارتها...الخ. ‏

أدرت ظهري للتلفزيون وسؤال يلح علي: ما الذي سيتبقى من الصهيونية في بلاد الشام بعد سقوط التجربة الإسرائيلية وهي ساقطة لا محالة ؟ أم ستستعيد المنطقة مشعلها الذي تركته لها قرون طويلة من الحضارة والعمارة والثقافة المختلفة. ‏

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.