تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

التغيير الذي بدأ.. أميركا ونحن

محطة أخبار سورية

لماذا نقول أميركا ونحن.. ولا نقول نحن وأميركا؟

ببساطة لأن ما تريده سورية من أميركا شيء واحد وثابت وبات معروفاً حتى حدود البديهية.

سورية تريد من أميركا أن تقف – في أحسن التمنيات- على مسافة واحدة بين العرب وإسرائيل.. وأن تقف – في أفضل الحالات- مع الحق وهنا لن تكون – وأيضاً بديهياً- مع إسرائيل. وفي حدود الواقعية أن تؤثر في إسرائيل للسير في طريق السلام ودفع مستحقاته.

لكن ما تريده أميركا من سورية كثير، وإذا أردنا أن نستخدم اللغة السياسية الأميركية فإن ما «تحتاجه» أميركا من سورية أكثر مما تحتاجه سورية من أميركا. على الأقل هنا وفي حدود المنطقة التي أصبحت سورية رقمها الرابح، فالاهتمام السوري شبه المطلق والدائم يدور حول الصراع العربي الإسرائيلي. والحكم في علاقات سورية الخارجية يقوم أساساً على الموقف من هذه القضية وكمثال موحٍ وإذا أردتم العودة إلى بداية العلاقات السورية الإيرانية فلن تجدوا كبير عناء في معرفة عمق هذه العلاقة لأنها بدأت من حيث بدأ الموقف الإيراني مع الثورة الإسلامية يتجه كلياً لمصلحة القضية الفلسطينية وتشعباتها.

وما زال المقياس في العلاقات السورية الخارجية قائماً على نقطة الارتكاز هذه..

وبالتالي فإن أسوأ مرحلة مرت بها العلاقات السورية الأميركية كانت مرتبطة بحجم العداء للعرب وحجم الانحياز لإسرائيل.

الآن.. يبدو أنه حان أوان بدء التغيير الذي وعد به أوباما، فسياسات إدارة بوش أخذت وقتها بالتجريب وتمت معرفة نجاعتها بالنتائج.. وبذات الوقت فإن إدارة أوباما وما يؤثر في صناعة القرار الأميركي أخذت وقتها بالتردد والحذر والخطوات الناقصة!!

وعين أوباما وبعض إدارته لا شك لاحظت بالتجربة ثلاث ملاحظات رئيسية وفعالة:

أولاها أن سورية آخذة بزمام دور إقليمي أكثر قوة من قدرة الآخر – أي آخر- من الحد منه أو التأثير فيه، يساعدها في ذلك أنها خرجت من أصعب مراحلها «معافاة» سياسياً واقتصادياً.. خارجياً وداخلياً.

الملاحظة الثانية: أن إسرائيل وفي ظل حكومات إما ضعيفة أو متطرفة لم تبد قدرة على تقديم فوائد لأميركا وقت الحاجة.. والآن فإن حاجة الولايات المتحدة تخفيف الأعباء في المنطقة.

بل إن الملاحظة الأوضح هنا أن إسرائيل قررت بلا إعلان مباشر أنها لم تعد بحاجة للعرّاب الأميركي وأنها قادرة على قول «لا» عندما تريد، ولعل أقرب الإحراجات توقيتاً ما جرى في موضوع المستوطنات عندما أهين الأميركان بأكثر من تصريح وأكثر من موقف.

الملاحظة الثالثة: أننا على أطراف الصراع العربي الإسرائيلي ثمة قضايا مهمة لأميركا لا تستطيع أن تتجاهلها أو تغض الطرف عنها.. بل إذا أرادت أن تناقش الولايات المتحدة الأميركية هذه القضايا في «مراكز الفكر» وبمجهر المصلحة فستجد – وهي وجدت ذلك فعلاً- أن إسرائيل تشكل عبئاً في هذه القضايا مثل الاحتلال الأميركي للعراق، والعلاقة الأميركية الإيرانية المحكومة باعتبارات عديدة لا تقف عند أفغانستان والعراق وهما ملعبا الربح والخسارة للولايات المتحدة.

ثم وفي مكان ليس بعيداً ما سموه الحرب على الإرهاب وما يستدعيه من تقارب في الرؤى وتضافر في الجهود لكثير من الأطراف.

هذا هو «الآن» لكن غداً وهو حصيلة الأمر سيكون مجرد ترجمة آلية وإن لم تكن فورية لما يحدث الآن ولما حدث سابقاً.

إن الولايات المتحدة الأميركية ملزمة بالخروج من حالة التردد في الدخول في حل قضايا المنطقة وبالتحديد الصراع العربي الإسرائيلي، يدفعها إلى ذلك المصلحة أولاً، وغير ذلك فإن دولاً أخرى قادرة على أن تضع اهتمامها أكثر في تفاصيل الأوضاع وقادرة على التأثير فيها وبالتالي الدخول في لعبة المصالح والنفوذ بقوة أكبر وبطريقة أفضل، وكل ذلك سيكون على حساب المصالح والنفوذ الأميركي.

لهذا فإن الولايات المتحدة الأميركية مدعوة لأكثر من سبب للتخلي عن التردد والحذر والخوف والدخول بصورة فعالة لإلزام إسرائيل بدفع فاتورة السلام والاستقرار في المنطقة.

لقد مرّ وقت كاف على الأحاديث الجميلة، وحان الآن وقت الأفعال الحميدة.

لقد جربت الولايات المتحدة بما فيه أكثر من الكفاية سياسة اليد المقبوضة وعليها أن تؤمن أن خيارها اليد الممدودة.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.