تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يُقبض علی البابا متی زار بريطانيا؟

 

محطة أخبار سورية

البابا الحالي بندكت "أي المبارك" هو البابا رقم 245 منذ أن تأسست البابوية علی يد القاصد الرسولي بطرس الذي ذهب إلی روما، عاصمة أكبر إمبراطورية في حوض البحر المتوسط حينذاك، ليدعو بعد صلب المسيح إلی الدين الجديد الذي جاء به لينسخ الدين اليهودي ويقضي علی الفساد المستشري في إسرائيل.

 

فبالإضافة إلی الجرائم التي ارتكبها القساوسة في أوروبا وأمريكا تبين مؤخراً أن 45 قسيسا كاثوليكيا من القساوسة العاملين في مالطة قد اعتدوا مرارا وتكرارا علی نزلاء دور الأيتام. وقد هدد أربعة من ضحايا الأعمال اللواطية القذرة "الذين قاربت أعمارهم الأربعين سنة" بالاعتداء علی هذا البابا الذي كان يعلم بما جری ويجري في مالطا وأكثر من مئة دولة بينها بريطانيا وإيرلندا من اعتداءات القساوسة علی الأطفال.

 

ويروي أحدهم- وهو رجل متزوج الآن وله ولدان- أن أحد القساوسة كان يأتيه في الساعة السادسة والنصف صباحا كل يوم ويعتدي عليه، ثم يتوجه إلی الكنيسة ليؤم المصلين الذين لم يكن يخطر بأحلامهم أن هذا الواعظ الذي تملأ أقواله الخشوع في قلوبهم٬ هو رجل منحط وقذر إلی أقصی درجات القذارة.

 

القصص التي يرويها الضحايا والدموع تجري مدرارا علی خدودهم٬ كثيرة جداً. لا في مالطا فحسب بل في كل أنحاء العالم حيث ينتشر بليونا مسيحي من أتباع المذهب الكاثوليكي الذي يرأسه البابا "المقدس".

 

فإذا كان المالطيون قد رفعوا بوسترات عليها صورة للبابا بندكت وعليه شنب شبيه بشنب هتلر وتحت الصورة عبارة "اللوطي السافل"٬ فكيف سيستقبل في بريطانيا إذا زارها حسب البرنامج المحدد في شهر سبتمبر المقبل؟ من أول الأشياء التي تجهز لاستقباله خطة أعلنها ملحدان بريطانيان- هما ريتشارد دوكنز وكريستوفر هيتشنز- وهما من كبار الكتاب هدفها القبض علی بندكت، مثلما جری القبض قبل 25 سنة تقريبا علی الجنرال بينوشيه بطلب من المدعي العام الإسباني عندما جاء الجنرال إلی لندن من أجل العلاج الطبي.

 

وكانت النية أن يحاكم بينوشيه في إسبانيا ولكن رئيسة الوزراء مرغريت ثاتشر رفضت تسليم سفاح تشيلي وعميل السي اَي إيه إلی المدعي العام الإسباني.

 

دوكنز وهيشنز سيرفعان دعوی ضد البابا لمحاكمته علی الجرائم التي اقترفها ضد الإنسانية بسكوته عن جرائم قساوسته وامتناعه عن معاقبتهم وطردهم من الكنيسة مع أنه كان مطلعا تمام الاطلاع علی ما كان يجري من موبقات في الكنائس والمدارس ودور الأيتام.

 

هذه التهمة نفسها موجهة إلی رئيس كرادلة الكنيسة الكاثوليكية في لندن حيث يقيم أكثر من مليون كاثوليكي إيرلندي ونصف مليون كاثوليكي بولندي ومليون كاثوليكي انجليزي- وهؤلاء جميعا سيستقبلون البابا إذا جاء إلی العاصمة البريطانية بالويل والثبور.

 

ليس أمام البابا بندكت والحالة هذه سوی حلين: إما أن يتقوقع في الفاتيكان ولا يجوب كافة أنحاء العالم كما فعل سلفه البابا البولندي جون بول٬ وإما أن يستقيل أو يقال وإلا فإنه قد "يصلب" في روما علی أيدي الكاثوليك الطليان.

 

تاريخ الكنيسة الكاثوليكية أغرب من الخيال؛ فهناك قصة البابا جون الذي لم يكتشف الناس أنه امرأة مسترجلة إلا عندما جاءها المخاض وهي تبارك لمئات الآلاف من الرعية الذين كانوا متلهفين علی بركاتها في ساحة القديس مرقس الفسيح. فجأة توقفت البابا الانجليزية الأصل عن التبريكات وصارت تصرخ من ألم المخاض ثم وضعت طفلها أمام الجمهور فهجموا عليها ومزقوها هي والطفل المسكين.

 

ومن قصص الفاتيكان أن أحد الباباوات، وهو البابا ألكسندر بورجيا، كانت له عشرات العشيقات ومعظمهن من الراهبات فأنجب ولدا سماه سيزار "أي قيصر" وابنة اسمها لوكريشيا، فعاثا فسادا ودعارة في الأرض. ويقال إن سيزار كان يعاشر أخته معاشرة جنسية.

 

معظم ملوك أوروبا دأبوا علی دفع الإتاوات إلی البابوات وعلی تقبيل أناملهم وأحذيتهم. وكانوا علی استعداد تام للتضحية بأرواحهم إذا أمرهم البابا. وبالفعل أمر أحدهم "وهو البابا أوربان الثاني" بشن حرب صليبية علی المسلمين في فلسطين وعلی رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في القسطنطينية لأنه اتهم أوربان بالكفر. وقد سجل التاريخ الفظائع التي ارتكبها الصليبيون ضد المسلمين والمسيحيين الأرثوذكس حتی قضی عليهم صلاح الدين.

 

في أوروبا نفسها تمرد علی الفاتيكان القس الألماني مارتن لوثر الذي كان كاثوليكياً ولكنه شاهد في روما عندما زارها فظائع ما كانت تخطر له علی بال. فأنشأ مذهب البروتستانت، أي مذهب الاحتجاج علی الفاتيكان. فانتشر هذا المذهب سريعا في ألمانيا وسويسرا وهولندا وبعض البلدان الأخری؛ ثم تمرد ملك انجلترا هنري الثامن لأن البابا لم يأذن له بأن يطلق زوجته الإسبانية التي كان قد أجبر علی الزواج منها بعد أن توفي زوجها السابق الذي كان أخوه، كما رفض أن يسمح له بالزواج من امرأة أخری. عندئذ أعلن هنري اعتناقه مذهب البروتستانت وصادر أملاك الكنائس الكاثوليكية وبأموالها أنشأ أسطولاً ضخماً واجه به جبروات إسبانيا الجبارة حينذاك عندما قرر ملكها وهو شقيق الزوجة المنبوذة "وكلاهما من ذرية الملكة إيزابيلا وزوجها فرديناند اللذين طردا العرب من الأندلس" أن يعاقب هنري الثامن. وهذا الأسطول هو الذي حوّل بريطانيا من مملكة صغيرة إلی إمبراطورية هائلة.

 

لحسن حظ مسيحيي الأقطار العربية أن معظمهم- باستثناء المارونيين في لبنان- يتبعون إما الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية وإما الكنيسة القبطية. لذا فإنهم براء من كل الخطايا التي يرتكبها بعض رجال الدين الكاثوليك ممن لا يخافون الله. لا يمكن بالطبع اتهام جميع القساوسة بأنهم مجرمون، فلا شك بأن بينهم عددا كبيرا من الأفاضل والأتقياء؛ ولكن الطالح ينغص الحياة علی الصالح الذي لا ذنب له.

 

ظهرت في الأزمنة الغابرة ديانات أكثر عددا من نجوم السماء، ولكن اللواتي انقرضت وذهبت أدراج الرياح أكثر عددا من الحصی علی شواطئ البحار. وكلما فسد مذهب انبثق عنه مذهب آخر كما خرج البروتستانت من باطن الكاثوليك. أو انقرض- أو هرب أتباعه- كمذهب عباد النار في فارس الذين تحول معظمهم إلی الإسلام بينما هرب الباقون إلی الهند. فالبقاء دوما للأصلح، كما قال تشارلز داروين وقبله جهابذة الإسلام. فما هو مصير الكنيسة الكاثوليكية التي يتبعها 2000 مليون إنسان؟ غريب جداً أنه ظل قيد الوجود حتی الآن بالرغم من أخطائه وخطاياه!!.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.