تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محافظ طرطوس يعلن عن آلاف الوظائف والطراطسة يرفضونها؟؟

نشرت صحيفة تشرين في عددها الصادر يوم الاثنين 10/5/2010، خبراً بعنوان: محافظ طرطوس: لا يوجد عاطل عن العمل في المحافظة. وفور قراءة العنوان قلت مبروك لمحافظة طرطوس دخولها التاريخ وموسوعة غنيس للأرقام القياسية، إذ أنها أول مدينة في العالم لا يوجد فيها عاطلون عن العمل، ولاسيما في القرن الحالي ورغم الأزمة المالية العالمية الخانقة.

وقلت في نفسي صدق أفلاطون اليوناني عندما تحدث عن المدينة الفاضلة، وتخيلته جالساً على شاطئ جزيرة أرواد، يغطس قدميه في مياهها النقية وعيناه شاخصتان إلى مدينة طرطوس الساحلية، الى ان انهى  كتابه الشهير "المدينة الفاضلة"..

ولكن ربة الجمال إيزيس، بدت حزينة عندما زارت طرطوس آخر مرة. بعد زيارتها هذه  ألفت أسطورة جديدة  هي "ذرّ الرماد في العيون" قالت فيها أنها عاتبة على حبيبها  الطرطوسي أوزوريس لأنه لم يف بالوعود التي قطعها  لهامنذ مئات السنين. وقالت إن الحبيب لم يفكر حتى الآن بتنفيذ الاوتوستراد السياحي من الخط الجديد مروراً بصافيتا إلى الدريكيش والشيخ بدر وصولا إلى القدموس كما وعدها.. ولذلك لم تتمكن من القيام بالمشاوير المسائية التي كانت تريدها، خاصة وان أهالي جرد القدموس لن يستطيعوا أيضاً أن يرشوا لها الطريق قبل وصولها بالماء تعبيرا عن التأهيل بها ، لأنه غير متوفر لديهم حتى من أجل الشرب.

وأكدت الربة إيزيس أنها حزينة أيضاً لأن الدخان المتصاعد فوق سماء طرطوس ليس دخان البخور الذي وعدها  حبيبها بحرقه عند استقبالها ولارائحته، بل هو دخان معمل الإسمنت والمحطة الحرارية وأن الروائح هي رائحة محطة تكرير النفط في بانياس. وقالت إيزيس إنها لن تعود إلى طرطوس أبداً.

وعلى سيرة الروائح، ذكر ابن العطار الطرطوسي في كتابه "العطور" أن رائحة النفايات والصرف الصحي والقمامة تملأ الأماكن والوديان في طرطوس، وإنه بعد استخدام جهاز التصوير الطبقي المحوري، تبين ان مياه الصرف الصحي تهدد المياه الجوفية في المدينة. وقال أيضاً، إن أفلاطون عندما استرخى على شاطئ جزيرة أرواد، لم تكن قد أصبحت أكثر مكانٍ مكتظ بسكانه في العالم ولم تكن أيضا قد تحولت إلى مكب للقمامة والنفايات.

بدورها، أكدت جارية المعتمد بن عباد أن روحها الهائمة في السماء أدركت لدى مرورها فوق طرطوس أنها ليست في الأندلس، وأن "برك وأحواض" مخلفات معاصر الزيتون المنتشرة في المدينة لا تشبه البركة التي أنشأها لها ابن عباد لتسبح بها وقد احتوت ماء الفضة والذهب.

بدوري، لم تدم تهيّآتي طويلاً، إذ اكتشفت عند قراءة تفاصيل خبر صحيفة تشرين، أن السيد المحافظ لم يقصد نفي وجود عاطلين عن العمل بالمطلق، ولكنه قال في ردّه على تساؤلات أعضاء مجلس المحافظة إنه "لا يوجد عاطل عن العمل في طرطوس بسبب رفضهم العمل في القطاع الخاص، فالجميع ينتظر فرصته للعمل في القطاع العام، حتى الفئة الثالثة ترفض العمل في القطاع الخاص". انكفأت قليلاً، ثم كثيراً، لأن المضمون ليس كالعنوان.

ولو ان السيد المحافظ كان يتكلم في ندوة في القطب الجنوبي أو المتجمد الشمالي أو في نيويورك أو طوكيو، لكنا قلنا معليش، أبرق لمن لا يعرفك ما حدا بيعرف البير وغطاه، ولكن على هامان يا فرعون؟؟

مهما يكن، فأرقام مكتب التشغيل تؤكد وجود عشرات الآلاف من الباحثين عن عمل سواء في القطاع العام أو الخاص ـ باختصاصاتهم أو بغير اختصاصاتهم ـ ومن مختلف الكفاءات والشهادات والفئات.

ومع ذلك، فإن كلام السيد المحافظ يطرح مسألة جوهرية، وهي: إذا كان هناك الآلاف من العاطلين عن العمل والمضطرين إليه، ويرفضون رغم حاجتهم العمل في القطاع الخاص، فمعنى ذلك أن هناك مشكلة في هذا القطاع تجعل الناس يخافونه ويهربون منه ولا بد من توضيحها والعمل على حلّها وبسرعة، لأن وجودها يؤخر نمو المدينة..

وللتأكد ولتجنب التجني على السيد المحافظ، اتصلنا ببعض أعضاء مجلس الشعب في المحافظة، فأكدوا لنا أن لديهم مئات طلبات التوظيف في أي قطاع وفي أي عمل وبأي راتب.

وحتى لانتهم بسوء النية، وبعد التشاور مع عدد من السادة أعضاء مجلس الشعب في طرطوس، تم الاتفاق على اعتبار كلام السيد المحافظ إعلاناً صريحاً عن فرص عمل متوفرة في القطاع الخاص في المحافظة.

وعليه، نهيب بآلاف العاطلين عن العمل في طرطوس والساعين إلى إيجاد وظيفة معينة التوجه إلى مكتب المحافظ لتوجيههم وإحالتهم إلى الأماكن الشاغرة التي تحدّث عنها لتوظيفهم. وبالمقابل، ندعو السيد المحافظ إلى تنظيم جداول أو لوائح بالوظائف المتوفرة بالتنسيق مع الجهات التي لديها هذه الشواغر، والإعلان عنها في المحافظة أو في الصحف الرسمية ليستفيد منها طالبو العمل. وإذا كان "الطراطسة" يرفضون النعمة، فالأحرى أن يتم الإعلان عن هذه الوظائف الشاغرة لتستفيد منها المحافظات الأخرى، وترسل مواطنيها للعمل في مدينة طرطوس "الفاضلة"!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.