تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سورية تتراجع في مؤشرات الحكومة الإلكترونية الأممية 14 درجة

 

محطة أخبار سورية

تراجع ترتيب سورية  في مؤشرات الحكومة الإلكترونية التي أصدرتها الأمم المتحدة من المرتبة (119) في تقرير عام (2008) إلى المرتبة (133) في التقرير الحالي وهو انخفاض شديد مقارنة مع التغيرات المتعلقة بدول المنطقة. فباستثناء لبنان التي بلغ حجم الانخفاض في ترتيبه (19) مرتبة، فقد انخفض ترتيب سورية (14) مرتبة، وهذا يؤشر على وجود خلل ما في طريقة التعاطي المتعلقة بهذا الموضوع، فرغم ملاحظاتنا التي سنبينها على المنهجية المعتمدة في الوصول للمعلومات المطلوبة، فهذه المنهجية استخدمت لجمع المعلومات من باقي الدول، وبالتالي علينا أن نقر من حيث المبدأ بالخلل الحاصل، والبحث عن أسبابه بالتفصيل، خاصة إن نظرنا لقيم المؤشرات الخاصة بنا، والتي يبدو أنها أقل بكثير من متوسط مؤشرات المنطقة والعالم، ونعتقد أن النقطة الأولى هي في البحث عن المكونات المختلفة (أو الأبعاد) التي يشكل مجموعها هذا الترتيب، إذ اعتمد التقرير أربعة مؤشرات مختلفة هي: مؤشر الخدمات الرقمية ومؤشر الموارد البشرية (التعليم) ومؤشر البنية التحتية، ومؤشر التشاركية الرقمية، ونبين فيما يلي ترتيبنا في المؤشرات المذكورة.

مؤشر الخدمات الإلكترونية:

تراجع ترتيب سوريا من المرتبة (125) إلى المرتبة (170) في مجال الخدمات الإلكترونية المتاحة، ومن الملاحظ من قاعدة البيانات الخاصة بالجهة التي أعدت التقرير أنه لا يوجد موقع رئيسي في سوريا تم الاعتماد عليه في الحصول على الخدمات الإلكترونية المتاحة، وهذا أمر منطقي كونه لا يوجد بوابة حكومية في سوريا حتى الآن، وذلك رغم وجود مواقع بديلة، ولكن يبدو أن الجهة معدة التقرير لم تصل إليها، ولهذا نعتقد أن التراجع نجم بشكل رئيس عن عدم قدرة الجهات التي قامت بالبحث عن الخدمات في الوصول إلى الخدمات المطلوبة، وذلك بسبب مشكلات في تصميم المواقع الحكومية السورية، حيث تركز هذه المواقع على صورة المسؤول أولاً، وعلى نشاطاته ثانياً، وقلما تركز على الخدمات المتاحة عبر الموقع، وبالتالي فالجهات التي قامت بالبحث لم تتمكن من الوصول للخدمات المحدودة التي لدينا. طبعاً هناك نقطة أخرى لم تلعب لصالحنا، وهو وجود بعض الخدمات الإلكترونية التي تقدم عبر الهاتف الثابت والهاتف المحمول ومراكز خدمة المواطن (أو صالات الجمهور)، وأجهزة الصراف الآلي، وكل هذه الخدمات لم يكن ممكناً لفريق البحث الوصول إليها، ونعتقد أن هذا الموضوع يحتاج لتلاف سريع، عبر إعادة النظر في تصميم المواقع من جهة، وفي سياسة الإعلام عن الخدمات الحكومية بأقنيتها المختلفة من جهة أخرى.

مؤشر الموارد البشرية:

حدث تحسن طفيف في مجال الموارد البشرية لمرتبتين فقط، وذلك من المرتبة (125) في العام (2008)، إلى (123) في العام (2010)، ولكن ربما يجب التذكير بأن ترتيب سوريا كان (116) في العام (2005)، أي أن نسب التسرب من التعليم مازالت تؤدي لتراجع ترتيب سوريا، وأن السنوات الخمس الأخيرة قد أدت لتراجع معدل الالتحاق إلى (66 %) للتعليم ما قبل الجامعي، وهذه المعدلات تعتبر شديدة الانخفاض مقارنة بدول المنطقة.

مؤشر البنية التحتية للاتصالات:

تضاعفت القيمة المطلقة لهذا المؤشر من (0.0458) في عام (2005)، إلى (0.0923) في عام (2008)، وإلى (0.1208) في عام (2010)، ولكن هذا لم يحل دون تراجع ترتيب سوريا في مؤشر الاتصالات بثلاث مراتب، وذلك بالرغم من تضاعف القيمة المطلقة لهذا المؤشر، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً، من أن حجم الاستثمارات في قطاع الاتصالات رغم نموه، مازال أقل من معدلات الاستثمار حول العالم، وبالتالي ربما يعتبر تنظيم وتحرير قطاع الاتصالات هو الطريق الوحيد لزيادة حجم الاستثمارات إلى المعدلات العالمية.

مؤشر التشاركية:

في الجدول السابق انخفض ترتيب سوريا من المرتبة (150) في العام (2008) إلى المرتبة (176) في العام (2010)، بينما لم يكن هناك أرقام للعام (2005)، ويعكس هذا المؤشر مدى تأثير المواطن على آليات اتخاذ القرار، وذلك من خلال المواقع والآليات الحكومية حصراً.

السيناريوهات المختلفة للتقرير القادم:

لدى زيارة موقع الجهة المعدة للتقرير، والاطلاع على الاستبيان المعد لهذه الغاية، يتبين لدينا أن آخر موعد لاستلام الاستبيانات كان بتاريخ (31 أيار 2008)، وهذا هو التاريخ الذي بدأ به المشروع التحضيري لمبادرة الحكومة الإلكترونية في سوريا، وبالتالي فالتقرير الصادر عام (2010)، قد أعد بالتزامن مع المرحلة التحضيرية للمبادرة السوريّة، وبالتالي لم يعكس أي من الخطوات التي حصلت خلال المرحلة التحضيرية للمبادرة، أي قبل إقرارها من مجلس الوزراء، أو النشاطات التي قد تكون حصلت خلال السنة الأخيرة (أي بعد إقرار المبادرة رسمياً)، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن نركن إلى ذلك، أو أن نعتقد أن ترتيبنا سيتحسن بمجرد أن أقر مجلس الوزراء استراتيجية للحكومة الإلكترونية، فالمهم هو آليات التنفيذ والمتابعة والإنفاق والتحفيز والتواصل مع المواطن من جهة ومع الجهات الدولية المعدة لهذه التقارير، وعلينا أن لا نجهد أنفسنا في مناقشة فيما إن كنا نستحق الترتيب (133) أم (100) أم (110)، فالترتيب كرقم لا يعني شيئاً، بقدر ما أنه يؤشر لنقاط ضعف يجب معالجتها، وربما كانت مثل هذه النتائج مفيدة لإيضاح حجم العمل الذي يجب إنجازه خلال الفترة القصيرة المتبقية، وذلك كون الفترة الماضية قد حفلت ببعض وجهات النظر التي اعتبرت أنها قد أنجزت وقد عملت وقد فاجأت، وغير ذلك من العبارات التي حاولت التشويش على المبادرة، عبر الإيحاء بإنجازات غير واقعية، وبالتالي ساهمت هذه الجهات في إضعاف الزخم الذي اكتسبته المبادرة في لحظة انطلاقها، والتي ربما لعبت دوراً في تأخير إطلاق المرحلة التنفيذية، وقد يساعد هذا التقرير في تأكيد وجهة النظر التي طرحتها الإستراتيجية عندما اعتبرت أن التحول نحو الحكومة الإلكترونية هو مبادرة طويلة المدى، وتحتاج لتكاتف جهود جميع الجهات، وتحتاج لمقومات للنجاح.

عثرات المنهجية المعتمدة:

ربما من المفيد التأكيد على أن اهتمامنا بالتقرير لا يعني تبني التوجهات التي اعتمدها التقرير، وذلك كون التقرير (والمنهجية التي تبناها) تعاني من أنها قد طورت قبل عدة سنوات، ولم تعدل بشكل يتناسب مع التطورات التي حصلت في مفاهيم الحكومة الإلكترونية حول العالم، ونبين فيما يلي أهم الثغرات:

المنهجية تحابي الدول الغنية والدول صغيرة الحجم، كونها لا تضع سقفاً لمعدلات النفاذ المتعلقة بالبنية التحتية (50 % على سبيل المثال)، وإنما تجعلها هدفاً متحركاً يدفع باتجاه إنفاق أكبر في قطاع الاتصالات، يتجاوز احتياجات استخدام الخدمات الحكومية.

تعتمد المنهجية في بحثها عن الخدمات الإلكترونية على الإنترنت كمصدر وحيد للمعلومات، وهذا يعني تناقضاً مع فكرة حصر تأثير البنية التحتية في المكون الأول فقط، فالجهات التي تعاني من معدلات انتشار منخفضة للإنترنت، لن تتواصل مع جماهيرها عبر هذه القناة، ولهذا يعتبر هذا التوجه انحيازاً لصالح قناة الإنترنت مقابل باقي الأقنية (المحمول - الثابت - مركز خدمة المواطن).

لا تعالج المنهجية معدلات الاستخدام (take-up) للخدمات، مما يعني التركيز على الشق التقني للحكومة الإلكترونية، والذي بدوره يرتبط بالإنفاق على التكنولوجيا فقط.

لا تعالج المنهجية عمليات تبادل المعلومات ضمن الحكومة، مما يعني إهمال مكون التطوير الإداري، وبشكل خاص المكاتب الخلفية والخدمات (حكومة - حكومة)، رغم أنها تشكل المكون الأهم في الانتقال للحكومات المتكاملة (I-Gov).

وختاماً:

يمكننا تعزية أنفسنا بأن الوقت السابق لم يذهب سدى بل تم خلاله إنجاز المرحلة التحضيرية، وبالتالي فالمطلوب الآن هو إطلاق المرحلة التنفيذية بأسرع وقت ممكن، والهدف ليس تحسين أرقامنا في التقرير القادم، ولكن التأكيد على أن التوجه المتعلق بتقديم خدمات أفضل وأسهل للمواطنين هو من أولويات متخذ القرار.

مز محمود عنبر ـ أبيض وأسود

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.