تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حتى يكون العود أحمد!

 

أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة عن قبول طلب انضمام سورية إلى منظمة التجارة العالمية الذي قدمته منذ 9 سنوات بصفة «مراقب» وهو ما يعني عملياً البدء بمفاوضات العضوية الكاملة في المنظمة. سورية هي أحدى الدول الموقعة في العام 1947على الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات (الجات) والتي تعد بالإضافة إلى تأسيس كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير أحد دعائم العلاقات الاقتصادية الدولية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

 

شهدت اتفاقية الجات منذ عام 1947 عدداً من التطورات التي آلت في العام 1995 لإنشاء ما يُسمى بمنظمة التجارة العالمية والتي تضم في عضويتها أحدى عشرة دولة عربية منها البحرين ومصر والأردن والكويت والمغرب وعمان وقطر والإمارات وتونس. الهدف الرئيسي للمنظمة هو تحقيق حرية التجارة الدولية وذلك بالقضاء على صورة المعاملة التمييزية فيما يتعلق بانسياب التجارة الدولية وإزالة كافة القيود والعوائق والحواجز التي من شأنها أن تمنع تدفق حركة التجارة عبر الدول، وإذا ما أخذنا المرامي والأهداف الأخرى للمنظمة نرى أنها تشمل رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء والسعي نحو تحقيق مستويات التوظيف (التشغيل كامل) للدول الأعضاء وتنشيط الطلب الفعال ورفع مستوى الدخل القومي الحقيقي والاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية العالمية وتشجيع حركة الإنتاج ورؤوس الأموال والاستثمارات وسهولة الوصول للأسواق ومصادر الموارد الأولية وخفض الحواجز الكمية والجمركية لزيادة حجم التجارة الدولية وإقرار المفاوضات كأساس لحل المفاوضات المتعلقة بالتجارة الدولية. ويعد الخبراء المنظمة رمزاً لتبني المجتمع الدولي خيار اقتصاد السوق والتبادل التجاري الحر دون تمييز، ودون ميزات تفضيلية ودون قيود. وبالرغم من أن عضوية المنظمة ليست إلزامية، إلا أنه واقعيا لا يمكن لأي دولة أن تظل خارج منظومة الاقتصاد العالمي. ‏

 

عادة تسبق العضوية الكاملة مفاوضات بين المنظمة والدولة الراغبة في العضوية يتم فيها تحديد مجالات تحرير التجارة التي ستلتزم بها الدولة و ذلك وفقًا لمستوى النمو الاقتصادي لهذه الدولة. وتمنح المنظمة الدول النامية التي يزيد عدد أعضائها فيها عن 75% من جملة الأعضاء وتلك التي تمر بمرحلة انتقالية إلى اقتصاد السوق معاملة تفضيلية فتعطيها فترات سماح أطول من تلك التي تمنحها للدول المتقدمة، وتمنحها مساعدات تقنية والتزامات أقل تشددا من غيرها. وتعفى الدول الأقل نمواً من بعض أحكام اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. وقد قامت سورية ومنذ عدة سنوات بخطوات هامة لتحرير قطاع التجارة الخارجية وأبرمت عدة اتفاقيات تجارة حرة مع شركائها التجاريين الرئيسيين بالإضافة إلى عضويتها في منطقة التجارة العربية الحرة. يحذر بعض الخبراء من تحرير التجارة الخارجية غير المدروس الذي قد يؤدي إلى انفتاح السوق المحلية أمام السلع الأجنبية، وتحوّل الصناعيين إلى مستوردين وتجهض الكثير من الصناعات المحلية. كما يعتبر البعض عضوية المنظمة وخاصة اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة والتي يشار إليها اختصاراً بـ«التريبس» والتي تهدف إلى حماية حقوق الطبع والحقوق المرتبطة بها، وحماية العلامات التجارية وحماية المعلومات المتعلقة بالأسرار التجارية أحد أهم تحديات العضوية بالنسبة للدول النامية، إلا أن ذلك هو أحد تحديات عملية الإصلاح الاقتصادي التي ترمي بشكل متواز إلى تحرير وتبسيط بيئة الأعمال بهدف إعداد بيئة إنتاجية ذات قدرة تنافسية عالية. ‏

 

عودة سورية إلى المنظمة جاءت نتيجة جهود ومثابرة وهي بداية مرحلة جديدة تحمل فرصاً وتحديات جديدة وتمثل عودة لمنظمة كانت سورية من بين الدول المعدودة التي وقعت على الاتفاقية التي مهدت لتأسيسها. ‏

 

عضوية المنظمة فرصة أخرى لتحقيق التقدم في عملية الاندماج بالاقتصاد العالمي وتحقيق مزايا التجارة الدولية الحرة لكن بشرط أن تكون ضمن الأهداف والمرامي الأخرى المعلنة للمنظمة وهو ما ترمي إليه عادة مفاوضات العضوية الكاملة و ذلك يتطلب أيضاً تسريع العمل على جميع عناصر عملية الإصلاح الاقتصادي الأخرى وأهمها الإصلاح الإداري الذي سيساهم في زيادة تنافسية الاقتصاد السوري وجعله جاذباً بشكل أفضل للاستثمارات الخارجية والداخلية على السواء وهو ما سيجعل من عودة سورية إلى المنظمة انجازاً هاماً ضمن عملية الإصلاح الاقتصادي.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.