تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تحليل من داخل فلسطين للفبركة الاسرائيلية حول صواريخ سكود

 

 

 

 

 

أهداف معلنة وأخرى غير مرئية تقف وراء إثارة هذا الموضوع؟

 

انعكاسات سلبية لهذه الاتهامات على المجتمع الاسرائيلي

 

 

إتهام حزب الله بامتلاك صواريخ باليستية

ذريعة اسرائيل لعدم القيام  بمغامرة عسكرية جديدة

 

أثارت اسرائيل مؤخراً قضية تزويد "حزب الله" بصواريخ حديثة متطورة، واتهمت سورية بأنها تقوم حالياً بتزويد هذا الحزب المقاوم على الساحة اللبنانية، والمدافع عن سيادة واستقلال لبنان بصواريخ باليستية من نوع "سكود". وقامت بحملة تهديد ضد سورية رافقتها حملة من تحريض للرأي العام العالمي ضد قيام سورية بتزويد حزب الله بسلاح صاروخي متطور. ونجحت إلى حد ما في خداع الإدارة الاميركية التي سارعت إلى تبني الموقف الاسرائيلي وتوجيه تحذير لسورية على لسان أكثر من مسؤول أميركي، وفي مقدمتهم جيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية الاميركية، السفير السابق في لبنان، والقنصل العام السابق في القدس، والذي لا يود العرب بتاتاً وهو منحاز كاملاً لاسرائيل منذ أن خدم في القنصلية العامة الاميركية في غربي القدس.

ما هي أسباب ودوافع إثارة الموضوع الآن؟ وما هي الحقيقة وراء ذلك؟ ولماذا هذا التصعيد الكلامي ضد سورية وحزب الله في آن واحد؟ أسئلة عديدة تطرح هنا وهناك حول هذا الموضوع. وهذا التحليل الهادىء المتزن والحيادي يحاول الإجابة على هذه التساؤلات وكشف الحقيقة أمام القارىء من خلال تسليط الأضواء على هذا الموضوع وتناوله بتفاصيله الكبيرة والصغيرة وبصورة واقعية وهادئة جداً.

 

كيف بدأ "الموضوع"

في إحدى نشرات القناة التلفزيونية العاشرة قبيل أواسط شهر نيسان الماضي تم الاعلان، وبناءً على مصادر خاصة، أن وحدة الاستطلاع التابعة للجيش الاسرائيلي قد رصدت شاحنات عسكرية تتجه من سورية نحو الأراضي اللبنانية تحمل الصواريخ من طراز سكود، وأن هذه الشحنة من الصواريخ، مرسلة، حسب التقرير الاعلامي الاسرائيلي، إلى حزب الله.

في اليوم التالي تم تضخيم الخبر بشكل كبير، حتى أن إحدى وسائل الاعلام الكويتية ادعت القول بأن الجيش الاسرائيلي قرر قصف هذه الشاحنات، ولكنه في اللحظة الأخيرة تراجع عن تنفيذ مثل هذه العملية تفادياً لتصعيد الوضع العسكري مع سورية.

وبدأت الأصوات "النشاز" تخرج من هنا وهناك توجه الوعيد والتهديد لسورية، وتبنت هذا الموقف التصعيدي الإدارة الاميركية، وبعض وسائل الاعلام العالمية الموالية لاسرائيل، وبدأت هذه الوسائل، بالتعاون والتنسيق مع الوسائل الاعلامية العبرية، بالتطبيل والتزمير والتهويل لهذا الموضوع، وأصبح وكأنه حقيقة جداً، مع أن مصادر عديدة أكدت أن هذه الشاحنات لربما كانت تحمل بضائع أخرى، ولا تحمل الصواريخ.. وانه لا اثبات على أنها كانت تحمل الصواريخ.. وذكّرت العالم باتهامات وزير الخارجية الاميركي في عهد جورج بوش الابن (كولن باول) الذي اتهم وفي مجلس الامن وفي عرض صور خادعة وكاذبة عن شاحنات تحمل أسلحة دمار شامل وتنتقل داخل العراق.. وكانت هذه الاتهامات باطلة وعبارة عن فيلم "هندي" اخترعته أجهزة الأمن الاسرائيلية والاميركية لتبرير شن حرب على العراق.

 

حزب الله ليس بحاجة إلى "سكود"

مصادر عديدة ذكرت أن هذه الاتهامات الاسرائيلية باطلة جداً لعدة أسباب ومن أهمها:-

·        إذا أرادت سورية تزويد حزب الله بمثل هذه الصواريخ، فهل ترسلها عبر شاحنات وأمام الأقمار الصناعية التجسسية العديدة التي تراقب سورية ولبنان ومنطقة الشرق الأوسط، وتعرض هذه الشاحنات للخطر، أم هناك وسائل أخرى وسرية يمكن من خلالها ايصال مثل هذه الصواريخ من دون أن تكشف ذلك حتى الأقمار الصناعية.

·        قال السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، أن قوة حزب الله الردعية (أي الصاروخية) أضعاف ما كانت عليه قبل حرب تموز 2006، ولم يقل ذلك قبل أيام، بل قبل شهور عديدة، وهذا يعني أن قدرات حزب الله للردع قوية، وأن الصواريخ الذي يريدها أو يحتاجها الحزب قد تسلمها منذ زمن بعيد.

·        هل صواريخ باليستية كبيرة يمكن ان تكون ضمن معارك تقودها مجموعات من المقاومين.. ألا تحتاج الى منصات كبيرة، وتحتاج إلى جهد لنقلها من مكان إلى آخر... وهل حزب الله سيستخدم مثل هذه الصواريخ التي قد تتصدى لها منظومات الصواريخ الدفاعية من باتريوت وغيرها... محللون عسكريون أكدوا ان مثل هذه الصواريخ لا يفضل حزب الله امتلاكها، لأنها لا تتماشى مع اسلوبه القتالي البارع في مواجهة العدو..

·        قد تكون هذه الشاحنات تحمل صواريخ سكود ولكنها لم تدخل أو تعبر الحدود اللبنانية، فألا يجوز أن سورية قامت بنشرها على الحدود مع لبنان لمواجهة أي هجوم اسرائيلي عبر لبنان وعبر ما يسمى بأصبع الجليل... وهل أي تحرك لشاحنات داخل سورية، وبالقرب من الحدود اللبنانية، يعني أن هذه الشاحنات متوجهة نحو لبنان!

 

التوقيت ليس بريئاً

 

 

 

توقيت توجيه الاتهام لسورية لم يكن عفوياً بل مدروساً إذ جاء بعد سلسلة من الوقائع والقضايا والأحداث ومنها:

1.     جاء عقب إعلان الإدارة الاميركية عن تعيين سفير لاميركا جديد في دمشق، وبالتالي عودة العلاقات الاميركية السورية الدبلوماسية إلى أفضل مما كانت عليه في عهد الإدارة السابقة، وهذا ما يزعج اسرائيل بالطبع.

2.     قيام سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان بزيارة دمشق، والاعداد مجدداً لزيارة ثانية على رأس وفد كبير، إذ أن الاعداد لهذه الزيارة تم من خلال توجه وفد لبناني رسمي ضم حوالي عشرين مديراً عاماً من مختلف الوزارات إلى دمشق، وتم التباحث في كثير من القضايا والملفات.

3.     زيارة جنبلاط الثانية إلى دمشق، بعد أن كان جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، من ألد أعداء لبنان، ليعود إلى سورية مجدداً... وهذا بحد ذاته يعكس إنفتاحاً لبنانياً سورياً كبيراً، وتحسن العلاقات بين البلدين بشكل كبير.

4.     القمة الثلاثية التي عقدت في دمشق بمشاركة الرئيس الدكتور بشار الأسد والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله... واعتبرت القمة خطوة مهمة في تنسيق المواقف بين الأطراف الثلاثة فيما يتعلق بالمواجهة مع اسرائيل.

5.     تصاعد حدة الخلاف بين رئيس وزراء اسرائيل والرئيس الاميركي باراك اوباما، وأرادت اسرائيل الإساءة إلى سياسة اوباما في المنطقة، واتهامه بأنه يحسن العلاقات مع سورية رغم تحالفها مع ايران.

6.     ولا ننسى أن للانتخابات العراقية أثرها أيضاً إذ أن قائمة علاوي فازت، وهي ستكون داخل الحكم، ويعتبر علاوي إلى حد ما منفتحاً على العالم العربي، وله علاقات جيدة مع سورية، وقد يتخذ خطوات مستقبلية لتعزيز العلاقات العراقية العربية، وقد يتخذ إجراءات صارمة ضد الوجود "الاسرائيلي" في شمال العراق، وبالتالي منع التعامل العراقي غير الرسمي مع اسرائيل.

7.     وجود أجواء مناسبة إلى حد ما لتحسين العلاقات العربية العربية، ولذا أرادت اسرائيل الإساءة لسورية، ومنع تقارب سوري مصري، وخاصة أن العلاقات المصرية مع حزب الله ليست جيدة نتيجة تصريحات أمين عام الحزب تجاه مصر خلال العدوان الشرس على قطاع غزة قبل أكثر من عام، وتفاعلات وأحكام قضائية بخصوص "خلية حزب الله" في مصر؟

8.     تصاعد الحملة الاعلامية والضغوطات على اسرائيل منها الاميركية المطالبة بتجميد البناء في المستوطنات في القدس، ومنها الاوروبية المنددة بممارسات اسرائيل في القدس، وفي مناطق عدة من الضفة، وكذلك الحملة الاعلامية العربية ضد الامر العسكري رقم 1650 المعدل للأمر العسكري رقم 329 الذي صدر عام 1969، وكذلك المطالبة العربية والاسلامية بقيادة تركيا لاسرائيل بالانضمام الى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وان تخضع منشآتها النووية لمراقبة المنظمة الدولية لمراقبة الطاقة النووية. وفي هذه الأجواء أرادت اسرائيل ابعاد الأنظار عنها الى حدث آخر أكثر سخونة واهتماماً، وهو الاعلان عن ارسال صواريخ "سكود" سورية إلى حزب الله، حتى "تخلط" الأوراق وتلوث الأجواء السياسية في المنطقة.

9.     تعزيز تماسك الائتلاف الحكومي الحالي، وعدم اعطاء فرصة لأي من أحزاب الائتلاف في التفكير بالانسحاب أو الرضوخ للمطالب الاوروبية أو الاميركية، بل بالعكس الالتفاف حول رئيس الائتلاف نتنياهو... و"اسكات" الاصوات الباهتة داخل حزب العمل التي تطالب بالانسحاب من الائتلاف الحالي لأن المسيرة السلمية مع الجانب الفلسطيني متوقفة، والتصعيد مع سورية ولبنان سيجبر أصحاب هذه الاصوات على السكوت، لأن الدولة في وضع خطر، وتواجه أزمة جديدة وهي أهم الآن من متابعة المسيرة مع الجانب الفلسطيني... أي أن الملف الفلسطيني ليس مهماً في هذه الأيام، أمام أخطار قادمة من الحدود الشمالية؟

10.                        "توتير" الأجواء وخاصة أن المبعوث الدولي للشرق الأوسط جورج ميتشيل قرر زيارة المنطقة، وسيكون الرد الاسرائيلي "غامضاً" على المطالب الاميركية للعودة إلى المفاوضات مجدداً، وسيتحدث القادة الاسرائيليون حول اهتمامهم بالوضع في الشمال، وتعاظم قوة حزب الله، وقيام سورية بدعم قوته العسكرية... وان اسرائيل تواجه أخطاراً، وهي مهتمة بمواجهتها، وهي من أهم أولوياتها في هذه الفترة!؟

 

"تخبّط" اسرائيلي

من راقب الوضع داخل اسرائيل لوجد أن هناك "تخبطاً" واضحاً في موضوع تزويد حزب الله بالسلاح إذ أن هذا الأمر معروف منذ زمن بعيد، وان سورية ليست الممول الأساسي لهذا السلاح، كما يقول ويدعي الاسرائيليون في كثير من الاحيان، وكما قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان حزب الله قادر على الحصول على السلاح من مختلف المصادر، وبشتى الطرق والوسائل، وقد تكون سورية المساعد في وصول السلاح الى حزب الله في اطار تبنيها موقفاً مشرفاً في دعم المقاومة اللبنانية، وفي دعم قوة الردع اللبنانية في وجه اسرائيل.

ويدرك الاسرائيليون أيضاً أنه من حق سورية أن تكون المقاومة اللبنانية قوية في لبنان الذي يشكل خاصرة سورية الامنية، لأن ذلك يساهم في حماية هذه الخاصرة ويمنع الاسرائيليين من استخدام الأراضي اللبنانية لشن هجوم على سورية، وخاصة هجوماً برياً في حال وقوع حرب مستقبلية، ومن حق سورية أيضاً أن تكون المقاومة الحليفة أيضاً قوية لأنها تدافع عن سيادة أرض لبنان، وكذلك تحمي لبنان، وتساهم في أن تكون العلاقات اللبنانية السورية قوية ومتينة.

الجانب الاسرائيلي يدرك كل هذه الأمور والوقائع منذ سنوات طوال، ولكنه أراد أن يثير هذه القضية لأهداف عديدة ذكرت سابقاً، ولخلط الأوراق الاميركية، ولمنع تقارب سوري اميركي، ولاظهار أن اسرائيل على اطلاع عما يجري في لبنان، وانها ما زالت قوية، وقادرة على توجيه تهديدات لسورية ولبنان، وتصعيد الوضع. ولا تعني هذه التهديدات إندلاع حرب بقدر ما هو شن حرب إعلامية ضد سورية وحزب الله وايران. ولا بدّ من الإشارة إلى أن هناك "مطبخاً" سياسياً داخل اسرائيل، وداخل الأجهزة الأمنية يعمل إلى جانب مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية يُعد جيداً لحملات إعلامية سواء أكانت حملات إعلامية سياسية أم أمنية، لأنها كلها تصب في مصلحة "الدولة" كما يقولون، وتساهم إلى حد كبير في توجيه الأنظار نحو ما يريدون توجيه الأنظار إليه لإثارة تساؤلات، ولادخال المنطقة في متاهات سياسية، ولتعكير الأجواء في المنطقة.

ويظن الجانب الاسرائيلي أن اثارة مثل هذه القضايا قد تفيد اسرائيل إعلامياً إلى حد كبير، ولكن هناك من يعارض ذلك بالقول أن لاثارة هذا الموضوع تأثيرات سلبية على المجتمع الاسرائيلي من خلال بث الرعب داخل اوساط المجتمع الاسرائيلي الذي يتوقع حرباً، ولذلك يعد نفسه للهروب الى الخارج أو لقضاء فترة طويلة في الخارج لأن هذا المجتمع يثق بما ويدلي به السيد حسن نصر الله من تهديدات خاصة بعد أن جرّب ذلك في حرب تموز 2006، ولأنه يدرك أن حزب الله قوي، وما يؤكد ذلك اسرائيل نفسها من خلال اتهام الحزب بالحصول على صواريخ مدمرة.

أي أن "التخبط" الاسرائيلي وارد في تحقيق نتائج من وراء اثارة هذا الموضوع، لكن هذه النتائج ليست كلها ايجابية، بل هناك نتائج سلبية على الداخل الاسرائيلي.

 

عين اسرائيلية على الحدود

من الأهداف الاسرائيلية المعلنة التي تقف وراء إحداث ضجة إعلامية كبيرة حول قيام سورية بتزويد حزب الله بالسلاح هو إظهار أن اسرائيل تراقب وعن كثب الحدود السورية اللبنانية بواسطة الأقمار الصناعية العديدة التابعة لها أو التي توفر لها المعلومات عن هذه الحدود. وأرادت اسرائيل إثارة هذا الموضوع من أجل إثارة وتحريض "أعداء" سورية – وهم قلة صغيرة – في لبنان على العودة مجدداً للمطالبة بترسيم الحدود، ووضع لربما جدار عازل وعلى حساب اميركا أو ما يسمى المجتمع الدولي، أو محاولة تدويل الحدود اللبنانية، أي نشر قوات لبنانية على الحدود بين البلدين لمنع "تهريب" السلاح إلى حزب الله... وكذلك أرادت اسرائيل الإشارة إلى ما تقوم به سورية الآن مع حزب الله هو مخالف لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وكأن اسرائيل تحترم هذا القرار وبقية القرارات الشرعية.

في المحصلة فإن اسرائيل أرادت مجدداً القول بأن عينها مفتوحة وبشكل كبير على الحدود السورية اللبنانية وتراقبها بصورة كبيرة، وأنها تتابع كل التطورات الجارية عبرها.

 

هدف غير مرئي

تهدف إثارة هذا الموضوع – تزويد سورية حزب الله بصواريخ باليستية – إلى تحقيق أهداف غير مرئية، ومنها تبرير عدم قيام اسرائيل بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الايرانية لأن ذلك سيترتب عليه ردود فعل كبيرة، ولربما اندلاع حرب شاملة في المنطقة، وهذه الحرب مدمرة جداً.

وما يعزز هذا الهدف أن وزير الدفاع ايهود براك قال أكثر من مرة سواء خلال تواجده في واشنطن في الفترات الماضية، أو عبر تصريحاته داخل اسرائيل، ان حصول ايران على سلاح نووي لا يشكل خطراً على اسرائيل، لان ايران لن تكون قادرة على استخدام هذا السلاح ضد اسرائيل، التي تمتلك قوة كبيرة للدفاع عن النفس.. هذه التصريحات تشير الى أن اسرائيل تهدد اعلامياً، ولكنها في الواقع توفر الاجواء لتبرير عدم القيام بأي عمل عسكري، ليس لانها غير قادرة على ذلك، ولكنها لانها تدرك ويدرك المجتمع الاسرائيلي ردود الفعل على هكذا عمل عسكري وتداعياته في المنطقة، وكذلك لان الادارة الاميركية الحالية غير مستعدة لمثل هذه المواجهة العسكرية، وتفضل مواصلة استخدام الوسائل الدبلوماسية لمعالجة هذا الملف النووي الايراني.

ولا بدّ من الاشارة الى ان اثارة هذا الموضوع، يعني وبصورة تلقائية إثارة موضوع الملف النووي الايراني، والتذكير بالتحالف السوري الايراني، ودعم هذا التحالف لحزب الله في لبنان، أي أن هذا الموضوع ليس منفصلاً عن الحرب الاعلامية الاسرائيلية ضد الملف النووي الايراني ولو بصورة "التفافية" أو غير مباشرة، ومن خلال استخدام حالياً الساحة السورية لاثارة ذلك؟

 

رفض للمفاوضات وبالتالي جهود للسلام

إختلاق القصص والروايات والاتهامات ضد سورية ومن قبل اسرائيل يمكن فهمه وبكل وضوح أن القيادة الاسرائيلية الحالية لا تريد مفاوضات على المسار السوري سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، ولا تريد أي تحرك للمسار السوري، وتريد ابقاء الاحتلال لاراضي الجولان، وتريد ابقاء الوضع على ما هو عليه... و"خلق" مثل هذه الاتهامات أو صناعتها ضد سورية لتبرير تهرب اسرائيل من أية جهود قد تبذل للعودة الى طاولة المفاوضات غير المباشرة.. والجميع يعلمون في اسرائيل أن الحكومة الحالية، المكونة من غلاة اليمين الاسرائيلي، لا تريد التنازل عن شبر من الاراضي العربية المحتلة منذ حزيران 1967، وتبتدع المبررت لذلك سواء على المسار الفلسطيني أو المسار السوري، وهي تدعي ان هذه الاراضي تابعة لها، وتطبيق أي قرار دولي وقرارات الشرعية أمر مرفوض، لانها لا تريد التنازل عن "أراضيها" مع أنها أراضٍ محتلة.

وتريد اسرائيل من خلال هذه الاتهامات الموجهة الى سورية الى فرض شروط جديدة قبل العودة للمفاوضات ومنها تخلي سورية عن مواقفها المبدئية والاساسية، وهذا لن تفعله سورية ولن تقبل به مهما مورست عليها من ضغوطات، وهذا يعني أن اسرائيل تريد الصاق تهم جديدة ضد سورية كي لا تتنازل عن الجولان، وكي تمضي في احتلال الارض، وكي تدخل العالم في متاهات التوتر، وفي الوقت نفسه تتهم سورية والأطراف الاخرى بتحمل مسؤولية هذا التوتر، مع أن الحقيقة مكشوفة لكن أصدقاء اسرائيل يتغاضون عن هذه الحقيقة، ويضطرون الى الانجرار وراء الموقف الاسرائيلي ودعمه بدلاً من دعم العدالة والحق والقرارات الشرعية في العالم.

 

وماذا بعد...

ستحاول اسرائيل قدر الامكان وفي الكثير من الأحيان، وفترات محددة من الأزمان في إثارة قضايا عديدة، بعد أن تلفق اتهاماتها وتختلقها وتسوّقها للعالم كله من أجل هدف واحد أساسي ألا وهو "توتير" أجواء المنطقة، وبالتالي التهرب من استحقاقات السلام، وتحميل الأطراف العربية مسؤولية هذا التوتر، وتحميله أيضاً ثمنه.

أوراق اسرائيل مكشوفة للجميع، وممارساتها وتصرفاتها وادعاءاتها كلها معروفة، ولكن ليس هناك من مجتمع دولي – وللأسف - يدعم الحق ويبسط قوانين العدالة، ويطبق قرارات الشرعية الدولية التي مرت عليها قرون ولم تنفذ بعد.. والسبب واضح وهو ان العرب غير موحدين، وان هناك وللاسف من يتفرج عليها وعلى ممارساتها وقد يدعمها في ذلك..

لكن هذا الوضع لن يستمر الى ما لا نهاية، لان الخيار السلمي قد لا يبقى الخيار الوحيد للعرب، بل قد يضطرون للجوء الى خيارات أخرى مرة وصعبة، وهذا ما يجب ان تفهمه القيادة الاسرائيلية، وما يجب ان يدركه العالم.. إذ أن اسرائيل تمادت أكثر من اللازم، وترفض السلام الشامل، ولا تحترم لا القوانين الدولية، ولا تلبي حتى مطالب الادارة الاميركية "البسيطة" جدا جدا..

هل نحن أمام مفترق طرق أم ان الوقت لم يحن بعد للوصول الى هذا المفترق.

لقد اقترب الوقت للوصول اليه حتى يقرر العرب: هل يواصلون السير على طريق السلام الوهمي أو يلجأون الى طريق أو خيار آخر يلزم اسرائيل على احترام القرارات الشرعية، وتنفيذ المطالب العربية العادلة والمشروعة..!؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.