تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

التحولات الدينية "الإسلامية" في العالم وفي الوطن العربي .. إلى أين؟؟

 

 

يشهد العالم اهتماما متزايداً بالدين الإسلامي، ليس كله إيجابيا، بل بعضه سلبي جداً، ولكن بعضه يؤشر إلى مرحلة انفتاح مهمة بعد عقود من الانغلاق والتقوقع.

وإذا اتجهنا إلى أوروبا والعالم الغربي وحتى استراليا، نجد هناك مساعي عديدة للتضييق على المسلمين سواء بشأن منع بناء المآذن والجوامع أو بشأن ارتداء النقاب أو فيما يخص تحركات المسلمين، وخاصة بعد الصورة المشوّهة التي تم تأطير المسلمين في داخلها والتي تشير إلى تفاقم ظاهرة معاداة الإسلام في ما يعرف بـ"الإسلاموفوبيا" التي أخذت  تنحو منحى خطيراً في الغرب ينذر بأسوأ العواقب، ولاسيما بعدما تحول التطور السلبي لـ"الاسلاموفوبيا" من الحالات الفردية الى نطاق الدساتير والقوانين، مما يؤدي الى علاقات إسلامية سيئة مع الغرب. ولعل الأخطر انتقال "كراهية الإسلام" الى جدول التنافس السياسي في عمليات الانتخابات على المستويين المحلي والتشريعي في عدد كبير من الدول الغربية .

بالمقابل، يمكننا تلمس خطوات مهمة تم القيام بها في عدد من الدول الإسلامية ولاسيما العربية منها. وأخص بالذكر جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، للمكانة الرمزية لكل منهما؛ الأولى كأكبر دولة عربية إسلامية في الشرق الأوسط ولد في رحمها حزب الإخوان المسلمين، والثانية لمكانتها الرفيعة في احتضان الأماكن والعتبات الإسلامية المقدسة، إضافة إلى عوامل أخرى لن نتوقف عندها.

وبالعودة إلى الأخبار الواردة في عدد من الصحف العربية سواء المصرية أو السعودية، أو القريبة منهما، وبعد اجراء تحليل علمي لما يرد في هذه الوسائل الاعلامية  انه ومنذ مايزيد على السنة  يمكن ملاحظة استمرار تسريب عدد من الأخبار المهمة ، وهي أخبار لافتة في مضمونها؛ لأنها تتحدث عن مضامين جديدة في الممارسات الدينية، ولأنها تتناول أشخاصاً ليسوا عاديين لا من حيث المكانة ولا من حيث موقع المسؤولية يقفون خلف هذا الحراك المنفتح، وإذ نكتفي بذكر بعض هذه الأخبار نترك للقارئ الحصيف التأمل والتفكر بها والتعليق عليها:

أولاً، ذكرت صحيفة الراي الكويتية يوم /6/10/2009 أن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أجبر تلميذة منقبة، على خلع نقابها، أثناء جولة تفقدية لمعاهد الأزهر لمتابعة استعدادها لمواجهة مرض «أنفلونزا الخنازير»، وسخر من التلميذة التي تدرس في المرحلة الإعدادية في «معهد أحمد الليبي» في مدينة نصر، وقال لها نصا: «أُمَّال لو حلوة شوية كنتي عملتي إيه؟ أنا أفهم في الدين أكثر من اللي خلفوكي».

ونقلت تأكيد صحيفة «المصري اليوم» المستقلة، ان شيخ الأزهر قال أمام التلميذات ان «النقاب مجرد عادة ولا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد». وأعلن طنطاوي في ختام زيارته للمعهد نيته إصدار قرار بمنع ارتداء المعلمات والطالبات النقاب داخل المعاهد الأزهرية.

ثانياً، ويوم 14/10/2009، أفادت صحيفة الأخبار اللبنانية ووكالة الصحافة الفرنسية أن وزير التعليم المصري، يسري الجميل، أعلن أنه سيجري تفعيل القرار الذي اتخذته وزارته عام 1995 بمنع ارتداء النقاب داخل الصفوف في المدارس.

ثالثاً، وبتاريخ 26/10/2009، ذكرت الراي الكويتية ان المملكة العربية السعودية ألزمت أئمة المساجد عدم الإفتاء. وأوردت ان وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة ألزمت أئمة المساجد عدم الخوض في مسائل الإفتاء. وشددت في تعميم لها، أمس، على الأئمة الاكتفاء بإجابات لأعضاء هيئة كبار العلماء طوال أيام العام، خصوصا في المناسبات الدينية. وأكد التعميم أن «بعض الأئمة يجيب عن أسئلة الجمهور بما يخالف ما عليه فتاوى كبار العلماء، ما يسبب إرباكا للناس».

وكانت الوزارة أطلقت أخيرا برنامجاً أسمته «العناية بالمساجد»، راجعت من خلاله أوضاع الأئمة والخطباء في كل أنحاء المملكة، ما تطلب إبعاد عدد كبير منهم، وتطوير مهارات أعداد أخرى.

وأوضحت ان «البرنامج عالج إشكال نحو 15 ألف مسجد، من أصل 80 ألفا تتبع إلى الجهاز الديني الذي يحتكر المسؤولية عن دور العبادة وحلقات القرآن». ووصفت تغيير الخطاب الديني في السعودية بـ «الصعب، وليس بالسهل، لأن وعي الناس خصوصاً الخطباء بكيفية معالجة المشكلات صعب، ويتطلب مهارة خاصة، ومستوى ثقافياً وعلمياً وشرعياً، إلى جانب الاختلاط ببيئة المستهدفين، حتى يعرف الخطيب مستواهم وكيف يخاطبهم».

رابعاً، بدورها، ذكرت الشرق الأوسط يوم 1/11/2009، أن البحرين عيّنت 3 مؤذنات في مساجد بالعاصمة.. للمرة الأولى في العالم العربي. وأفادت أن الشارع البحريني فوجئ بأن المواطنات البحرينيات أصبحن يعملن في وظيفة «مؤذن» بعد أن كشفت وزارة العدل والشؤون الإسلامية، في وثائق رسمية، أن هناك 3 مؤذنات يعملن في مسجدين مختلفين في البحرين، وهو ما تسبب في تهديد نائب في البرلمان باستجواب وزير العدل، بعد أن أعتبر أن عمل المرأة كمؤذن «بدعة لم يتجرأ عليها أحد من المسلمين، فكيف تسمح بها الوزارة لدينا هنا في البحرين».

خامساً، ذكرت الشرق الأوسط يوم 27/4/2010، انه في خطوة وصفها المراقبون بالجرأة، اتفقت كل من وزارة التربية والتعليم ، ودار الإفتاء المصرية، على إجراء تعديلات بمناهج التربية الدينية في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث الثانوي، اعتبارا من العام الدراسي القادم.

وقال وزير التعليم: «إن هذه الخطوة هي نتيجة لمشوار بدأناه منذ شهور بسبب شكوى البعض داخل المجتمع من وجود بعض الخلل في مناهج التربية الدينية»، مشيرا إلى أن بعض هذه المناهج يحتوي على عبارات تحض على التطرف والعنف، موضحا أن الدين الإسلامي هو دين سماحة ومحبة ولا يمكن أبدا أن يكون فيه ما يدعو للعنف والتطرف.

وأعلن مفتي الديار المصرية أنه تم الاتفاق على إصدار كتاب بعنوان «الأخلاق»، يدرس للطلاب من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثالث الثانوي بهدف تعريف الطلاب بالقيم والمبادئ والتسامح التي تشير إليها كل الأديان السماوية.

سادساً، أما القدس العربي الصادرة يوم 8/5/2010، فقد عنونت: صورة الملك عبدالله وولي عهده مع 40 امرأة إشارة لتحولات قادمة ولكن متى ستحدث؟ وأفادت الصحيفة ان ظهور الملك عبدالله، العاهل السعودي وولي عهده في صورة جماعية وتحيط بهما مجموعة من النساء السعوديات بالعباءات المعروفة (40 امرأة)، أدى الى تكهنات وأحاديث شغلت الشارع السعودي والمراقبين لشؤون المملكة ان ظهور الملك على هامش مؤتمر عقد في نجران، جنوب السعودية، ليس مجرد صورة جماعية ولكنه تلميح للآتي وتعبير عن موقف منفتح أكثر تجاه المرأة وحقوقها في السعودية.

وأعاد ظهور الملك الحديث عن وضع المرأة وحقوقها والتكهنات بشأن إعطائها حق قيادة السيارة.

وترى تعليقات غربية على صورة الملك بأنها حادث غير عادي يقوم فيه راعي المملكة بالوقوف الى جانب نساء، هن في الشرع محرمات عليه.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مها منيف، التي تعمل مستشارة طبية للحكومة السعودية 'اعتقد ان الصورة حدث مهم يتحدث عنه الجميع' وأضافت قائلة ان الصورة أرسلت رسالة مفادها انه من المسموح به العمل مع المرأة وان لا عيب في هذا الأمر. وأشارت الصحيفة البريطانية الى القوى الليبرالية عادة ما تنتقد الممارسات المتشددة والمواقف الصادرة عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولاحظ مراقبون تدخلا من القصر عندما تراجعت الهيئة عن قرارها بعزل رئيس اللجنة في مكة بعد ان طرح أسئلة حول الفصل بين الجنسين. وفسر إلغاء قرار إعادة الغامدي على انه تصويت ثقة من جانب القصر ودعم للمواقف الإصلاحية. وكان ظهور ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز في الصورة التي وزعت على عدد محدد من المؤسسات الإعلامية قد فسر على انه تلميح لسياسات قادمة.

وأشارت الصحيفة الى ملمح أخر في تحولات القصر من ناحية قيام خادم الحرمين الشريفين بمواجهة المواقف المتشددة للتيارات السلفية النابعة من تعاليم الإمام محمد عبد الوهاب والذي دخل معه السعوديون الأوائل في تحالف جدد منذ الدولة الثالثة التي أنشأها الملك عبدالعزيز بن سعود.

ففي خريف العام الماضي، وطبقا للقدس العربي، اصدر الملك قرارا بعزل شيخ كبير طالب بقيام المؤسسة الدينية بالإشراف على وفحص المقررات التعليمية في الجامعة الدولية للعلوم قرب مدينة جدة التي افتتحها الملك وكلفت خزينة الدولة أكثر من 10 مليارات دولار. وكان الملك قد اصدر قبل ذلك بفترة قرارا لتعيين نور الفايز، كأول امرأة لتولي منصب نائب وزير التعليم، على الرغم من حدود دورها وظهورها الإعلامي حيث تم نزع صورها من مجموعة من الصور التي التقطت لها في عملها ومع رئيسها.

وفي تحليل للتطورات هذه يرى المراقبون انه يجب عدم التقليل من هذه الخطوات التي تشير لانفتاح ولو بطيء في المملكة تجاه فتح المجال أمام المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، خاصة ان المرأة تحرم من القيادة ولا تتواجد بدون محرم عليها. خاصة ان خطوات الملك تلقى معارضة من المشايخ المتشددين ففي شهر شباط مثلا اصدر الشيخ عبدالرحمن البراك فتوى دعا فيها لقتل كل من يعارض الفصل بين الجنسين حالة رفضهم التخلي عن أرائهم أو التوبة. ويبدو ان الصورة محاولة لتحدي مواقف متشددة كهذه.

وكان البراك قد قال ان أي شخص يرضى بعمل زوجته أو ابنته مع الرجال أو يرسلهما الى مدارس مختلطة لا يهتم كثيرا بشرفه، ولم يتورع عن وصف من يرضى بهذا الأمر بأنه مثل 'القواد' لكن مواقف البراك أدت الى إثارة غضب احد قضاة الرياض، عيسى الغيث الذي اتهم البراك بتفريق المجتمع وتحريض الأخ على أخيه. وتتردد تكهنات واسعة في المملكة عن تغييرات محتملة بما فيها السماح للمرأة بقيادة السيارة لكن الشاكين يصرون على أنهم لن يصدقوا حتى يروا تغيرات واضحة أو جوهرية.

ونقلت الغارديان عن الباحثة مي يماني قولها ان هناك العديد من الإشارات الجيدة ولكننا نريد نساء محاميات في المحاكم، ونساء يقدن السيارات حتى يتم الحكم على التغيرات. وقالت ان اخذ صورة مع نساء أمر جيد لكن بمقارنة السعودية مع دول أخرى في الخليج فان الوضع في السعودية لا يزال جامدا.

ويشير محللون الى ان المنع على المرأة لم يكن صادرا بقرار ولكنه كان بسبب التقاليد الاجتماعية والثقافية فقبل احتجاج 49 امرأة من عائلات مثقفة وغنية في عام 1990 لم نر المرأة السعودية تقود سيارة في داخل المدن السعودية.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.