تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يشكل التحالف السوري التركي تحولاً في المنطقة

* محللون ومتابعون : التحالف الجديد نواة لتكتل إقليمي يضم سورية وإيران وتركيا .. ومستقبلاً العراق بعد خروج الاحتلال * لماذا الحمى والهستيريا الإسرائيلية على تركيا بعد توقيع الاتفاق .

 *صحافيون إسرائيليون : الرئيس الأسد ووزير خارجيته المعلم أخرجا سورية من عنق الزجاجة التي وضعتها فيها إدارة
بوش وإسرائيل و.. بعض العرب بعد اغتيال الحريري وحربي لبنان وغزة .
 
* مسؤولون إسرائيليون : رجب طيب أردوغان .. ووزير خارجيته أحمد داود يخفيان تحت قميصي وربطتي عنقيهما فكراً أيديولوجيا متطرفاً .. وإماماً عثمانياً جديداً !!
 
لم يكن غريباً , ولا مستغرباً أيضاً ما نقلته الوسائل الإعلامية الإسرائيلية عن " أوساط سياسية إسرائيلية " من أنها تنظر " بخطورة بالغة وقلق شديد إلى التحالف الاستراتيجي بين سورية وتركيا " الذي ترى فيه " هذه الأوساط " تعبيرا مباشرا عن الخلفية الحقيقية للمواقف الإيديولوجية " لكل من الرئيس السوري بشار الأسد , ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان , وخصوصاً وزيري خارجيتهما وليد المعلم وأحمد داوود أوغلو اللذين ( حسب هذه الأوساط ) يتبنيان سياسة تتمثل في ضرورة أن يكون لتركيا عمق استراتيجي في الشرق يحققه التحالف مع سورية , ولسورية بوابة ثابتة ومؤكدة ودائمة باتجاه أوربا خصوصاً والغرب عموماً وهذا ما يحققه التحالف السوري مع تركيا .. وبرأي هذه الأوساط فإن هذا التحالف الاستراتيجي " الخطير " يشكل مرحلة أساسية لقيام تكتل أكثر خطورة على إسرائيل والغرب الأوربي يضم كلاً من إيران وسورية وتركيا ..
 
وجاء قرار " أنقرة " بإلغاء المشاركة الإسرائيلية في مناورات " نسر الأناضول " التي كان مقرراً أن تجري في /12/ أكتوبر تشرين الأول الجاري بمشاركة سلاح الجو الإسرائيلي إلى جانب الجيش التركي والولايات المتحدة الأمريكية وقوات من حلف الأطلسي , ليشعل التوتر المشتعل أصلاً منذ العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر العام المنصرم وأوائل العام الحالي , وليؤجج " الانزعاج والمخاوف " الإسرائيلي من جديد ليس على أرضية تصريحات ومواقف سياسية تركية وحسب وإنما لما أعلنه وليد المعلم وزير الخارجية السوري من " ثناء " على القرار التركي واصفاً إياه أنه " يجسد نظرة تركيا للعدوان الإسرائيلي على غزة , متسائلاً : " فهل علق بعض العرب علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل ؟! " .. وما عمّق التوتر الإسرائيلي أكثر هو الاتفاق ما بين سورية وتركيا على إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين في الربيع المقبل , بعد أن أجرت قوات من البلدين مناورات ناجحة هي الثانية من نوعها في الربيع الماضي حسبما أعلنه العماد علي حبيب وزير الدفاع السوري الذي وصف هذه المناورات بأنها الأكثر شمولاً والأكبر حجماً .. وكذلك ألمح إليه أحمد داوود أوغلو وزير خارجية تركيا في حديث له مع شبكة " C.N.N " من أن سبب إلغاء المشاركة الإسرائيلية في مناورات " نسر الأناضول " ليس فنياً , كما تناقلت وسائل إعلام غربية وإسرائيلية , وإنما سياسي يتعلق " بالعدوان على غزة , كما يتعلق بالقدس الشرقية والمسجد الأقصى " .
 
لقد قامت سورية وتركيا بإنجاز " تحول " استراتيجي ليس في علاقات البلدين الثنائية ( التي ما فتئت متوترة منذ عقود ) , وإنما أحدثها , تعديل جوهري على المشهد العربي والإقليمي الذي ظل كما هو منذ عشرينيات القرن الماضي .. عندما أزالا الحواجز والحدود والأسلاك التي شكلت حاجزاً مانعاً و " منيعاً " بين
البلدين الجارين اللذين تربط فيما بينهما علاقات تاريخية تمتد لقرون بعيدة ضاربة في عمق التاريخ .. وهو أيضاً , وفي الوقت ذاته , يشكل ترجمة عملية لرؤية قادة البلدين الإستراتيجية بعيدة المدى للعلاقات التي يفترض أن تكون ما بين دول المنطقة " تنسجم مع الواقع الجغرافي والتاريخي لهذه المنطقة من العالم " كما قال وزير الخارجية السورية وليد المعلم وترجمة مباشرة لرؤية الرئيس الأسد لإستراتيجية " ربط البحار الأربعة " كما أجاب الوزير المعلم رداً على سؤال خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزيران أحمد داوود أوغلو ووليد المعلم في ختام اجتماعات مجلس التعاون الإستراتيجي التركي السوري في كل من مدينتي حلب وغازي عينتاب يوم 13 تشرين الأول ـ أكتوبر الجاري .. وهذا أيضاً ما تفسره إجابة الوزير أحمد داوود أوغلو رداً على سؤال حول امتداد العلاقات السورية .. التركية وتطورها لتأخذ أبعاداً جغرافية وأمنية وعسكرية بقوله : " أن هذه العلاقات متممة للأخرى .. وعلاقتنا متطورة مع سورية والعراق وهي علاقات على صعيد التعاون الاستراتيجي العالي المستوى " وهي من جانب آخر تحقق التكامل التام ويجب ألا يُنظر إليها على أنها بديلة من الأخرى .. فكل هذه العلاقات يؤثر بعضها في البعض الآخر إيجابياً " وقوله " علاقتنا هي حقيقتها ليست مجرد حوار أنها اقتسام للمكان وللتاريخ وللجغرافية المشتركة .. ولهذا فهي علاقات ضرورية ولا مفر منها لأننا نتشارك في الجغرافية نفسها .. وهي جزء من الثقافة المشتركة " .
 
حمى إسرائيلية على تركيا
  
في حقيقة الأمر  فإن توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي التركي .. السوري بعد مدة وجيزة جداً من زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لتركيا " أيلول الماضي " أصاب إسرائيل وقادتها صقوراً وحمائم .. إن كان بينهم من يزال يدعى أنه من الحمائم ..بحمى الشراسة العدوانية الصارخة إلى درجة الخروج عن العرف الدبلوماسي , اذ ترجمته الصحافة الإسرائيلية بدعوتها قادة إسرائيل إلى " التعقل " في ردود الفعل والتصريحات السياسية التي يطلقها هؤلاء والتي تنال من القادة الأتراك كوصف ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي , وهو عنصري متشدد جداً , للسيد رجب طيب أردوغان بأنه يخفي في وجدانه " إماماً عثمانياً " متشدداً ومعادياً لليهود ولإسرائيل .. في حين رأت صحيفة جورازاليم بوست أن " القرار التركي ( بالتحالف مع سورية استراتيجياً , وإلغاء المشاركة الإسرائيلية في مناورات نسر الأناضول ) شكل صفعة على وجه إسرائيل التي كانت " واثقة " ومطمئنة إلى أن العلاقات الإستراتيجية التي قامت بين تركيا وإسرائيل منذ خمسينيات القرن الماضي والتي عرفت في حينه بإستراتيجية " الدولة المحيط " peripheral state " التي كانت تضم إضافة إلى تركيا ( قبل حكومة حزبي العدالة والتنمية ) كلاً من إيران الشاه , وأثيوبيا هيلاسي لاسي .. لكن إسرائيل " أفاقت مذعورة " على كابوس تسارع التنسيق عالي المستوى الذي بدأه الرئيس السوري بشار الأسد مع القادة الأتراك خلال زيارته الأولى لتركيا في كانون الثاني ( يناير ) العام 2004 .. وتنامي هذه العلاقات بشكل متواتر متسارع خلال السنوات التي تلتها والتي توجت بالاتفاق الاستراتيجي السوري .. التركي وكان أول غيثه .. أو أول عواصفه إلغاء المشاركة الإسرائيلية في المناورات من ناحية .. وإعلان رجب طيب أردوغان الصريح .. بأنه سيذهب إلى دمشق متى شاء بدون تأشيرة دخول ..
 
فيما رأى محللون إسرائيليون آخرون إن هذا التحالف الجديد هو " ثمرة من ثمار نجاح ـ الإسلاميين ـ في تطويع الجيش التركي الذي كان رمزاً للعلمانية والتوجه الغربي والعلاقة مع إسرائيل والذي أصبح ـ الجيش ـ أكثر ميلاً إلى الابتعاد عن إسرائيل التي كانت تعد حتى وقت قريب أكثر الدول استفادة من سبعة مليارات دولار أميركي تنفقها تركيا سنوياً في تحديث أسلحة الجيش التركي ولتزويده بمعدات جديدة ..
 
وهستيريا حملة أخرى على سورية
 
 وفي مقابل الحمى الإسرائيلي على تركيا شنت الأوساط السياسية الإسرائيلية حملة هستيرية أخرى مماثلة على سورية .. فيما أكدت الصحف الإسرائيلية الصادرة خلال الأسبوعين الماضيين وبشكل متواتر وغير مسبوق أن إسرائيل تنظر وبقلق شديد إلى نجاح السوريين ( الرئيس بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم ) في إخراج سورية بسرعة وحنكة بالغتين من عنق الزجاجة التي عملت , ( ونجحت إلى حد كبير ) إدارة الرئيس الأمريكي المنصرفة ـ إدارة بوش والمحافظين الجدد وإسرائيل في محاصرتها بعد احتلال العراق واغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري , وتأليب بعض العرب عليها إلى حد القطيعة معها ومحاصرتها تحت ذريعة تحالفها مع إيران " الشيعية " ودعمها " للإرهاب في العراق " ولحزب الله في لبنان ولحماس في فلسطين .. وقد " أسعف " سورية في التوصل إلى هذه النتائج الهائلة , كما يقول المحللون والمعلقون الإسرائيليون وخصوصاً في صحيفتي هاآرتس ويديعوت احرونوت وما ينقلونه عن السياسيين الإسرائيليين .. أسعفها الموقف " الأيديولوجي " لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي " يخفي تحت قميصه وربطة عنقه إماماً عثمانياً متشدداً " !! والذي ( كما تدعي
الصحافة التركية ) أتخذ من حرب غزة ذريعة لبدء هجومه على العلاقات الإسرائيلية ـ التركية .. وفي " التنصل " أولاً بأول من التحالف الاستراتيجي التركي - الإسرائيلي ..   
 
وقد لفتت صحيفة هاآرتس في عدد لها صادر الأسبوع الماضي إلى أن الاتهامات والتصريحات الإسرائيلية ضد سورية قد تصاعدت خلال الآونة الأخيرة بإدعائها أن سورية ما زالت تمد حزب الله في لبنان بالمساعدات وأنها ـ أي سورية ـ غير آبهة بالمجتمع الدولي وقرارات منظمته الأممية ( وكأن إسرائيل ملتزمة كل الالتزام بالقرارات الأممية !! ) .. وأكدت أن هذه التصريحات تخفي ورائها " حنقاً " متزايداً من نجاح سورية في تحقيق تحالف استراتيجي سوري تركي جديد وعميق وكبير في آثاره ونتائجه " المدمرة لإسرائيل " حسب زعمها والذي يؤسس لتكتل سياسي جغرافي ثقافي وعسكري يشمل إيران وسورية وتركيا وربما العراق ودول أخرى !!
 
  

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.