تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

احذروا تحويل تقرير غولدستون إلى خنجر يطعننا..

 

احذروا تحويل تقرير غولدستون إلى خنجر يطعننا..
 
 
 
 
 
بعد صدور تقرير القاضي اليهودي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون لم تهدأ القيادة الاسرائيلية، وبدأت العمل لاسقاط هذا التقرير، أو تفريغه من مضمونه، أو مصادرة فاعليته، واتفق جميع القادة الاسرائيليين، من اليميني حتى اليساري، على مواجهته، وشن حملة اعلامية ضده متهمينه بالإنحياز، وعدم المصداقية، وبورود معلومات غير صحيحة فيه.
قدم التقرير الى مجلس حقوق الانسان التابع للمنظمة الدولية، ولكنه سحب من التصويت في اللحظات الأخيرة في أوائل شهر تشرين الأول المنصرم، وقامت الدنيا ضد السلطة لموقفها الخاطىء من سحب التقرير، وعادت السلطة عن الخطأ الذي ارتكبته، فدعت الى جلسة استثنائية لمجلس حقوق الانسان، وتم اقرار هذا التقرير علماً أن عدد الدول التي صوتت لصالحه كان أقل من عددها لو تم التصويت عليه في المرة الاولى ولحظة سحبه ولكن المهم أنه أقر، وتم نقله الى الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أقرته قبل أيام بتصويت 114 دولة لصالح مشروع قرار فيه بعض "الالغام" للفلسطينيين ان لم ننتبه لها ولم نعد أنفسنا لمواجهتها.
ينص مشروع القرار الذي صوتت عليه الجمعية العامة على تحويل التقرير الى الامين العام للامم المتحدة الذي هو مطالب بتحويله الى مجلس الامن لاقراره، ومطالب أيضاً بمتابعة التحقيق مع من ارتكب الجرائم من قادة عسكريين سواء في الجانب الاسرائيلي، او في الجانب الفلسطيني، أي في قطاع غزة.
الأمين العام بان كي مون أعلن أنه سيقدم التقرير لمجلس الامن لاقراره، ولكن هذا التقرير، أو حتى مشروع الجمعية العامة لن يتم تبنيه في مجلس الامن لأن "الفيتو" الاميركي حاضر لاسقاطه ولمنع تمرير أي مشروع قرار يمت أو لا يمت بأية صلة بتقرير غولدستون.
لقد هللنا وصفقنا لتقرير غولدستون لأنه لأول مرّة يحمل قادة اسرائيليين مسؤولية ارتكاب مجازر وانتهاكات فظيعة للمواثيق والمعاهدات الدولية، ونحن نعتبر هذا التقرير انجازاً اذا عرفنا كيف نتعامل معه، ونواجه البند الخاص المتعلق بإجراء التحقيق قد يكون من الصعب اجراؤه في القطاع الا إذا تم الاتفاق على ذلك، وتم صدور تقرير يبريء ساحة من قام بإطلاق هذه الصواريخ، واعتبارها دفاعاً عن النفس. إما إذا كان الهدف من إجراء هذا التحقيق، وخاصة إذ طلب من السلطة الوطنية إجراؤه في القطاع، هو تحقيق المزيد من الانقسام، والغوص في متاهة جديدة من الخلافات والانقسامات فعلينا ان نعمل مجتمعين على اسقاط هذا الهدف، وعدم السماح بتمريره.. ولا بدّ أن نتوقع أن تقوم اسرائيل باستغلال هذا التقرير – ورغم معارضتها له – من أجل المطالبة بالتحقيق في الجانب الفلسطيني قبل الاسرائيلي، أي أن اسرائيل ستضيف شرطاً إضافياً لشروطها، وبالتالي تحميل مسؤولية عرقلة تطبيق تقرير غولدستون على الضحية، وتبرئة الجلاد من هذه المسؤولية، مع أن الهدف من وضع تقرير غولدستون هو وضع حد لكل الانتهاكات الاسرائيلية اليومية لكل الاعراف القوانين والمواثيق الدولية.
ومن منطلق الحرص على قضيتنا، وعدم تعميق الانقسام، لا بدّ أن يجلس جميع أبناء شعبنا القياديين لتدارس هذا التقرير، والعمل على تطبيقه من دون أن يمسنا، ومن دون أن يتحول الى خنجر لطعننا، إذ أن اسرائيل اليوم تقوم بحملة اعلامية ضده، وتحشد جميع الدول الغربية للوقوف إلى جانبها، حتى انها تعمل بصورة هادئة وعلنية على تغيير الأنظمة والقوانين الدولية لتبرر ما تقوم به ضد شعبنا من عدوان شرس وبطش وحصار وقتل ومداهمة، واستخدام كل الأسلحة المحرمة دولياً تحت بند الدفاع عن النفس، أي أنه يحق لاسرائيل أن تقوم بما تريد القيام به تحت شعار الدفاع عن النفس، أما الجانب الفلسطيني فعليه الا يقاوم، والا يناضل، والا يقول أي كلمة، عليه القبول بالعدوان والاعتراف بشرعيته، وطلب الصفح عن أخطائنا التي ارتكبناها لأننا نحن أصحاب هذه الأرض الحقيقيين نحتل هذه الارض، وننغص على حياة الاسرائيليين.
لا أطالب بالوحدة الوطنية، ولا أطالب بتحقيق مصالحة مع أنها أمنية من أمانينا الوطنية، بل أطالب بأن نقف صفاً واحداً ضد كل ما يحاك ضدنا، وضد كل ما يعد لنا من مخططات خطيرة، فالقواسم المشتركة بين الجميع أكبر من الخلافات، فلا بدّ أن تجتمع القوى الفلسطينية جميعا لتدارس تقرير غولدستون، والاتفاق على طريقة التعامل معه قبل أن يتحول الى سكين يطعننا بدلاً من أن يدافع عنا.
رغم الخلافات والاختلافات نرى الجميع في اسرائيل يلتقون لمواجهة أي حدث قد يعرض دولتهم للخطر، فلماذا نحن لا نلتقي لبحث كيفية التعامل مع تقرير غولدستون وغيرها من القضايا اليومية الحساسة، ونوحد جهودنا لان أي مس بأي فلسطيني هو مس بالجميع، ومس بقضيتنا.
قد يقول أحدهم أن هذا الأمر مستحيل، ولكن من أجل الوطن وفي سبيله لا بد أن نضحي للدفاع عنه، ولا بدّ من ان نضع المصلحة العامة فوق كل المصالح والمكاسب الخاصة.
إنهم يعملون على تحويل التقرير إلى خنجر لطعننا ويعدون الدراسات لذلك، في حين اننا نصفق للتقرير ولا نخطط كيف نتعامل معه، ومنع الآخرين من استغلاله واستثماره لضربنا، ولا نعمل لتعزيز أنفسنا.
علينا أن نعمل من أجل منع تحويل التقرير الى خنجر موجه إلينا، وعلينا أن نعمل حتى يكون هذا التقرير مقدمة لمساءلة ومحاسبة كل من يعتدي علينا وخاصة المعتدي المخالف لكل القوانين والمواثيق الدولية..
المطلوب أن نعمل لمنع تحويل التقرير الى خنجر يطعننا بدلا من ان يكون وسيلة فعالة لمحاسبتهم وتقديمهم للقضاء.
وإذا لم نعمل بصورة مكثفة وجماعية وتعاون جاد فإننا سندفع الثمن الباهظ، لان اسرائيل تنتظر كل خطأ نرتكبه حتى تواصل طعن قضيتنا لعلها استطاعت وأدها للابد.. مع ان ذلك مستحيل في ظل وجود المناضلين الاشاوس في ساحتنا الفلسطينية، والذين يهمهم الوطن أولاً وأخيراً، ولا تهمهم المصالح الشخصية؟
 
                                                                                                                       جاك خزمو رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.