تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تفوق سوري في باريس

أعتبر أنه من واجبي الصحفي أن أنقل لقارئنا بعض الانطباعات من زيارة الرئيس بشار الأسد إلى باريس، وهي انطباعات مواطن سوري أكثر منها انطباعات صحفية. وأبدأ أولاً بهذا الشعور الذي يصعب وصفه بدقة، والذي اجتاح كل من وقف في ساحة قصر الإليزيه لحظة وصول الرئيس الأسد، والتي قابلها ترجل الرئيس ساركوزي إلى أسفل أدراج القصر الرئاسي ليستقبل ضيفه رئيس الجمهورية العربية السورية، بحضور عدد غير مسبوق من الصحفيين الأميركيين والأوروبيين والفرنسيين والعرب الذين احتشدوا لتغطية زيارة العمل السياسية وهي الثانية للرئيس الأسد إلى باريس في 16 شهراً.

ما أثر ويؤثر في النفس، وأريد إيصاله للقارئ السوري، هو تلك النفحة بالفخر والاعتزاز بالهوية السورية وبالرئيس بشار الأسد، التي انتابتنا نحن المرافقين المتابعين لهذا الحدث السياسي بامتياز. ولا بد من الذكر هنا كم من الكلمات الصادقة ترددت على مسامعنا من زملاء صادقين عرب وأجانب، وهم يقولون للإعلاميين السوريين: هنيئاً لكم بهذا الرئيس الرائع الذي وضع سورية في قمة الدول ذات الشأن والوزن، ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في العالم.
وهذه ليست بروباغندا، كما أنها ليست دعاية للرئيس الأسد، فهو حتماً لا يحتاجها، وخاصة من شخص مثلي شهادته مجروحة لكوني سورياً أولاً، ومتفقاً مع سياسة بلدي ثانياً، وثالثاً وهو الأهم، أني شعرت بما شعرت به أمس، وهذا الأمر لم يكن خاصاً بي فقط، بل عم كل الإعلاميين السوريين ممن حضروا في باريس، وأيضاً أغلبية العرب.
واستمر هذا الشعور وتعزز أكثر، حين خرج الرئيس الأسد من الاجتماع وعلى وجهه ابتسامته الهادئة المعهودة، ليقف أمام الإعلاميين، ويؤكد أن المحادثات كانت ناجحة جداً وعززت الثقة بين البلدين، مجيباً ببراعة كبار الزعماء عن أسئلة الصحفيين.
وقبل وصول الرئيس الأسد إلى قصر الإليزيه، أقام رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه إفطاراً حضره عدد من كبار أعضاء المجلس، بغياب إعلامي للأسف، إلا أننا تلقينا لاحقاً ما يكفي من المعلومات تؤكد بمجملها أمراً واحداً، وهو إعجاب وتقدير كل من حضر الاجتماع بشخص الرئيس الأسد وكلامه ولغته العصرية ورحابة صدره وصدقه ومنطقه ومعرفته العميقة بتفاصيل ما يحصل في المنطقة والعالم، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على قدرات الرئيس الأسد الاستثنائية على شرح الموقف السوري وعلى قراءة سياسة وجغرافيا المنطقة ونقلها للآخرين بطريقة سلسة ومبسطة ولكن فعالة أيضاً إلى درجة أن المتلقي يخرج من الاجتماع ويعرف تماماً الفارق بين الجلاد والضحية، وبين المحتل وصاحب الأرض، وبين الصادق والكاذب، وكذلك الفارق بين الشرط والحق.
وأنهي هذه الانطباعات بشعور آخر، اللهم لا شماتة، وهو الشعور بانتصار الحق وبصوابية الرؤية عند الرئيس الأسد الذي في الوقت الذي كان يدخل فيه للمرة الثانية إلى قصر الإليزيه، كان الرئيس السابق لفرنسا والعدو المعلن لسورية يستعد للتوجه إلى القضاء ليحاكم بقضايا فساد تشغل الإعلام الفرنسي. ففرنسا التي كانت بالأمس عدو سورية وتسعى لعزلتها، أصبحت الصديق القريب لدمشق الذي يسعى للتقرب أكثر فأكثر ليصبح الشريك الإستراتيجي، وهذا دليل كاف على «سحر» الدبلوماسية السورية، وعلى الرؤية والقراءة الصحيحة للرئيس الأسد تجاه كل ملفات المنطقة، فليست سورية من تغيرت، بل فرنسا هي التي أدركت، ومن جديد، أن مدخلها إلى الشرق الأوسط لا يتم إلا عبر بوابة دمشق.
إنه ببساطة التفوق السوري الذي من حقنا أن نفتخر به ومن واجبنا أن ننقله لقرائنا ومن خلالهم إلى كل السوريين
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.